عن صفحته الفيسبوكية
مرت ثلاث سنوات بالتمام والكمال على وقوف أعضاء حكومة عبد الإله بنكيران بين يدي الملك بمدينة ميدلت، إيذانا بانطلاق مهامهم في تسيير شؤون بلد كان قد خرج للتو من حراك شبابي قاد ثورة هادئة، من أجل التغيير ومحاربة الفساد، وبعد دستور تم تعديله والتصويت عليه بأغلبية ساحقة.
ومنذ ذلك الحين، انبرت حكومة عبد الإله بنكيران للعمل وفق تصورها، غير أن عدم التوافق قاد لتعطيل نشاطها بعد انسحاب حزب الاستقلال، عقب انتخاب حميد شباط أمينا عاما لـ”الميزان”، لتنطلق مشاورات جديدة أدخلت التجمع الوطني للأحرار للحكومة في نسختها الثانية.
حكومة جمود
عادل بنحمزة، النائب البرلماني والناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال، اعتبر أن المغرب يعيش مرحلة جمود كامل، على مستوى الإصلاح السياسي و الدستوري و الاجتماعي والاقتصادي مبرزا أن حكومة بنكيران وهي تكمل سنتها الثالثة لا يصلح لها غير عنوان وحيد وهو “الجمود”.
وأفاد بنحمزة، في حديث مع هسبريس، أن الحكومة جاءت في أعقاب حراك دولي وإقليمي ووطني، وبعد سنوات من الإصلاح الهيكلي للاقتصاد الوطني، ووضع اللبنات الأولى لنموذج تنموي جديد”، مضيفا أن “الإصلاح لا يتخذ دائما طابعا خطيا، فله خصومه وأنصاره”.
لكن هذا التدافع بين إرادة الإصلاح وإرادة الشد إلى الخلف، يتابع بنحمزة، هو ما يضمن تحقيق التراكمات النوعية على المستويين السياسي والاقتصادي”، حيث نجحت البلاد على مدى سنوات من تحقيق تراكمات مهمة مكنتها من تجاوز السكتة القلبية، وأن تكون برميل بارود ينفجر عند أول شرارة”.
القيادي في حزب الاستقلال قال إن “بنكيران لم يستثمر السياق الذي جاءت فيه حكومته، لكي يقوي السلطة التنفيذية، ويبني مقومات ميزان قوى جديدة في الدولة، يعطي اعتبارا للمؤسسات المنتخبة والمؤسسات السياسية الوطنية، بما فيها الأحزاب”.
بنحمزة شدد على أن التعثرات الموجودة هي من صميم الطبيعية الانتقالية من نظام سلطوي إلى نظام ديمقراطي منفتح، معتبرا أن حكومة بنكيران ساهمت عن عمد في تمييع صورة المؤسسة البرلمانية، وهو ما يتطابق إلى حد ما مع خصوم الإصلاح والديمقراطية”.
بنحمزة تابع بأن بنكيران وحزبه قد أثبتوا أنهم يحملون فكرا دستوريا ضحلا، ساهم في تراجع صورة رئيس الحكومة لدى الشعب، قبل أم يكمل “رئيس الحكومة كلما طلب منه التشبث ببعض الاختصاصات، قال لا تتوقعوا مني الاصطدام مع الملك”.
ولاحظ بأن “لا أحد يطلب من بنكيران أن يصطدم مع الملك، بل مطلوب منه ممارسة اختصاصاته وفق التأويل الديمقراطي للوثيقة الدستورية، وهو ما لم يحصل، إذ ساهم في ترسيخ ممارسات غير ديمقراطية، ما يعني العودة إلى اختلال ميزان القوى من جديد”.
“هذا الأمر هو ما يصيب الناس بالإحباط، يضاف إلى ذلك الجبهة الاجتماعية التي عرفت توترات لا تنتهي، بسبب رفض الحوار والاستيلاء ورفض الرأي الآخر، وهذه الوضعية تعتبر نتيجة طبيعية لحكومة بلا تجربة” يورد الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال.
حصيلة اقتصادية صفر
قد يكون التقييم السياسي مردودا عليه، لكن التقييم الحقيقي لهذه الحكومة في سنتها الثالثة، يتمثل في الوضعية الاقتصادية للبلاد، والتي تنعكس بصفة مباشرة على الحياة اليومية للمواطنين.
واعتبر بنحمزة أنه خلال ثلاث سنوات من التدبير الحكومي، شابت الوضعية الاقتصادية للبلاد ما سماهما “الارتجالية والتخبط” في اتخاذ القرارات، مما أدى إلى تدني مختلف المؤشرات، والتي كانت قد عرفت مسارا تنمويا متصاعدا منذ سنة 1999.
واستدل المتحدث بمعدل النمو الاقتصادي الذي قال إنه تراجع من 5 كمعدل سنوي منذ 2000 إلى 2011 إلى 3,1، كمعدل سنوي منذ مجيء الحكومة الحالية، وهي مستويات التنمية التي كان المغرب يحققها في التسعينيات من القرن الماضي.
وسجل بنحمزة أن الأزمة برزت في بعض شعب القطاع الثانوي، من قبيل أنشطة البناء والأشغال العمومية، والصناعات التحويلية، وأيضا ارتفاع مقلق لمعدل البطالة من 8,9% إلى 9,8% (حوالي 10%) مع متم سنة 2014، وهو نفس المعدل الذي تحقق في 2007.
وأورد البرلماني أنه تم تسجيل تراجع وتيرة ارتفاع استهلاك الأسر بأزيد من 50% مقارنة مع سنة 2011، جراء الزيادات في المواد الأساسية، مؤكدا أن حجم استهلاك الأسر سيعرف زيادة بـ 2,7% سنة 2014 عوض 3,7% المسجلة سنة 2013، حيث ستنتقل مساهمته في نمو الناتج الداخلي الإجمالي من 2,2 نقطة سنة 2013 إلى 1,6 نقطة في 2014.
وتحدث بنحمزة عن انخفاض معدل الاستثمار الإجمالي إلى 33% سنة 2013 عوض 36% سنة 2011 من الناتج الداخلي الإجمالي، موردا أنه من المتوقع أن ينخفض إلى أقل من 32 في المائة مع نهاية 2014، ” وهذا ما تؤكده الميزانية الاستشرافية لسنة 2015.
ويشرح “سجلت نسبة مساهمة الاستثمار ((FBCF في النمو -1,7 نقطة خلال الفصل الثاني من 2014، مع تدهور القدرات التمويلية للاقتصاد، من خلال تراجع الادخار الداخلي، لينتقل من %21 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2012 إلى %19,7 سنة 2013، وإلى %18,4 سنة 2014، وهو أدنى مستوى منذ سنة 2000”.
وأكد بنحمزة أن السوق المالية المغربية فقدت إشعاعها، مستدلا بآخر تقرير صادر عن صندوق النقد العربي الذي أكد خسارة البورصة المغربية 80 مليار درهم في 2013 مقارنة بالسنة الماضية، موضحا تراجع السوق المالية المغربية إلى 52.9 مليار دولار مقابل 60 مليار دولار، بسبب عوامل مرتبطة بضعف الاقتصاد الوطني.
أي خبر سار
“وإذا كانت البورصة قد عرفت تحسنا سنة 2014، إذ سجل مؤشر “مازي” ارتفاعا بنسبة 10.6 % في متم شھر شتنبر 2014 مقارنة مع نھاية 2013، وسجل مؤشر”مادكس” أداءً إيجابيا ليصل إلى 11.3% مقارنة مع نھاية 2013، فإن هذه المؤشرات لم تحقق بعد المستويات التي كانت تحققها البورصة قبل مجيء الحكومة” يقول بنحمزة.
وفي التفاصيل أورد النائب البرلماني أن “مؤشر مازي أزيد من 1100 نقطة، أي %10,9- في 24 أكتوبر 2014 مقارنة مع نهاية 2011، كما فقد مؤشر مادكس أزيد من 877 نقطة، أي %9,5- في 24 أكتوبر 2014 مقارنة مع نهاية 2011، والحديث عن التقارير الدولية يجرنا إلى خبر، سوق على أنه خبر سار، والمتعلق بتصنيف المغرب في تقرير Doing Business لسنة 2015 والذي أكد على أن المغرب خسر ثلاث نقط مقارنة مع السنة الماضية، حيت إن التقرير أضاف مؤشرا جديدا يتعلق بقرب أو بعد الدولة المعنية من الدولة التي تحقق أحسن معدل”.
وزاد المتحدث “بإضافة هذا المعطى، أعاد المسؤولون على التقرير تصنيف بلادنا من الرتبة 87 إلى الرتبة 68 برسم سنة 2014، وبرسم سنة 2015، وباعتماد نفس المؤشرات تم تصنيف بلادنا في الرتبة 71، وبهذا يكون الاقتصاد قد خسر 3 نقط سنة 2015 مقارنة مع سنة 2014، ولم يربح 16 نقطة كما تم الترويج له بطريقة احتيالية بئيسة”.
وشدد بنحمزة على أن هناك ارتفاعا في الديون معلقة الأداء مابين غشت 2013 وغشت 2014 ب 27 في المائة، وهي نسبة اعتبرها عالية، وتبرز مدى الضيق الذي تعيشه الأسر والمقاولة على حد سواء/ من خلال ضعف قدراتهم على أداء مستحقات ديونهم.
وتطرق المتحدث للتراجع المتواصل الذي أصبحت تعرفه وتيرة نمو جميع القروض البنكية بكل أنواعها منذ فبراير 2012،” حيث كانت وتيرة نمو القروض البنكية تتراوح ما بين 10 و15 في المائة في فبراير 2012، لتنزل إلى حوالي 3,2 مع متم غشت 2014″.
ويضيف “هناك تراجع التدفق الصافي للاستثمارات الخارجية ب 5,2 في المائة خلال التسع أشهر الأولى من 2014 مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2013 ، حيث انتقل من 20,1 مليار درهم متم شتنبر 2013 إلى 19,1 مليار درهم متم شهر شتنبر 2014.
وشدد المحلل على ضرورة تحليل تطور تدفق صافي الاستثمارات الأجنبية بين السنوات، في السياق العام والدولي، “لأن الاستثمارات الأجنبية تتأثر بالظرفية السياسية والاقتصادية الدولية والوطني”.
ولفت إلى أن بلدان الربيع العربي شهدت ثورات اجتماعية زلزلت الاستقرار السياسي والاقتصادي في هذه الدول، وذلك في الوقت الذي ظل فيه المغرب ينعم بالاستقرار السياسي، مما جعل المغرب وجهة مهمة للاستثمار الأجنبي، ما أدى إلى ارتفاع التدفق الصافي للاستثمارات الأجنبية.
لكن هذا الارتفاع، يضيف بنحمزة، لم يكن بالشكل الذي كان الكل يتوقعه، باعتبار أن الحكومة لم توفر المناخ الاقتصادي المناسب لجلب الاستثمارات، ولم تعط الإشارات القوية على تصور واضح للسياسة الاقتصادية، حيث إن صافي تدفق الاستثمارات الأجنبية انتقل من 20 مليار درهم سنة 2011، إلى حوالي 23 مليار درهم في 2012، و28 مليار درهم في 2013″.
وعن التحسن الذي تم تسجيله في سنة 2013، أكد بنحمزة أنه جاء نتيجة بيع شركات BIMO وDANONE، ما أدى إلى ارتفاع مداخيل الاستثمارات الأجنبية في شهر فبراير 2013 إلى حوالي 10 مليار درهم، وبالتالي فالأمر لا يعود إلى سياسة اقتصادية إرادية للحكومة”.