ما الذي يجري بين المغرب ومصر هذه الأيام؟. إنه السؤال الذي يكاد يشغل كل مواطني الدولتين، ترجمانا على أن الجميع متفاجئ للتوتر الإعلامي بين البلدين. خاصة وأن الكثيرين، يوقنون أن العلاقة بين المغاربة والمصريين هي من أكثر العلاقات عمقا في العالم العربي، كونها تتجاوز ما هو سياسي إلى ما هو حضاري.
الحقيقة، إن التوترات الإعلامية الأخيرة، تشكل الفرصة ليعيد الجميع اكتشاف عمق تلك العلاقات الإستراتيجية والحضارية بين بلاد النيل وبلاد المغرب الأقصى. وهي فرصة كي يعاد ترسيمها في أفق جديد، يتصالح مع منطق القرن 21، الذي هو منطق التكتلات الجهوية والإقليمية، لاقتناص فرص الإندماج في منظومة نظام السوق عالميا، بمنطق الدول القوية بمؤسساتها الدستورية.
بمعنى آخر، إن ما يحدث هو فرصة، لنعيد اكتشاف بعضنا البعض، لأنه منذ الماضي البعيد، ظلت مصر منارة عند المغاربة، وظل المغرب أفقا للندية العلمية والسياسية، عند المصريين. وحين تقرر، منذ عقود، أن تكون اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، هي الوحيدة التي يترأسها رئيسا الدولتين، فإن ذلك ترجمان للمستوى العالي لتلك العلاقة بين البلدين. بدليل أن كل الكتابات الخاصة بالرحلات الحجازية المغربية، إلى مكة والمدينة المنورة والقدس الشريف، قد كان لمصر وبلاد النيل فيها مكانة خاصة، تشكل فصلا مستقلا بذاته. بل أكثر من ذلك كل صوفية مصر الكبار مغاربة (السيد البدوي/ المرسي أبو العباس/ الشيخ القناني/ شيخ العرب همام) وأن قراءة ورش المغربية، صاحبها مصري.
إن الجواب التاريخي، في ما أتصور، الذي مفروض أن يبلوره الواقع الجديد لمصر والمغرب، ما بعد زمن الربيع العربي، بأفقه الإصلاحي، بمنطق الدولة، لا بمنطق الإيديولوجيا، هو بلورة دور جديد للبلدين ضمن عمقهم الآفرو – متوسطي، بفضل ما تهبه لهما الجغرافية من موقع جيو – ستراتيجي حاسم ومؤثر بين قارتين وفي قمة القارة الإفريقية شرقا ومغربا. وأن ذلك الجواب لا بد أن يتكامل على المستويات الأمنية والإقتصادية ( بين مضيق جبل طارق وممر قناة السويس، وبروح اتفاق التبادل الحر المؤطر لعلاقات البلدين ضمن ميثاق أكادير) وأيضا على مستوى الإصلاح الديني من خلال الدور الوازن لمؤسسة إمارة المؤمنين المغربية ومؤسسة الأزهر الشريف بالقاهرة. وأن ذلك مفروض أن يتوجه صوب عمقهما الإفريقي وصوب أفقهما المتوسطي أيضا، لأنه سيشكل طبيعيا اللحمة لتقوية العمق العربي الشمال إفريقي كله، بأفق مأمول لدور تاريخي جديد آفرو – متوسطي، مفروض أن يشكل مشروع القرن 21 كله، يؤسس لعلاقة تكاملية مع المشروع الأورو – متوسطي وأيضا مع مشروع التنمية الهائل في إفريقيا جنوب الصحراء.

*عن صفحة فيسبوك   الاخ لحسن العسيبي

9 يناير 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…