عن ألف بوست نشر بها – 9 يونيو، 2013
في ظرف وجيز جدا لا يتعدى سنوات، أصبح أرشيف المغرب غنيا بالصور الفوتغرافية وأشرطة الفيديو بفضل التطور الكتنولوجي وخاصة الهواتف المحمولة التي تتوفر على كاميرا للتصوير والتسجيل. وزخم الصور الحالية مخالف لندرة الصور في الماضي وخاصة خلال القرن التاسع عشر. وحصلت ألف بوست على أول صورتين في تاريخ المغرب، الأولى لمنطقة الفنيدق حاليا، والثانية للأمير المولى العباس شقيق الملك محمد ابن عبد الرحمان، وكان ذلك سنتي 1859 و1860.
وفي هذا الصدد، يعاني المغرب من غياب الوثائق التاريخية بشكل مذهل، وأغلب الوثائق التي تؤرخ لفترات تاريخية حساسة من تاريخ البلاد توجد في أرشيف الدول الأوروبية خاصة بريطانيا وفرنسا واسبانيا. ويصبح الموضوع مدعاة للقلق عندما يتعلق الأمر بالصورة. فالصورة لم تحظى بأي اهتمام لدى المغاربة في القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين. وهذا الوضع يجعل المغرب الفوتغرافي موقع بأعين أجنبية وليس مغربية.
وانتشر نشاط التصوير في الغرب ابتداء من نهاية الثلاثينات من القرن التاسع عشر وحقق قفزة نوعية في الأربعينات والخمسينات منه. ومقابل هذا الاهتمام في الغرب، رفض المغاربة الصورة بل وكذلك الفن التشكيلي في تلك الفترة تحت ذريعة أن التصوير مخالف لشرع الله.
والبحث عن أول صورة التقطت في المغرب أو أول مغربي جرى تصويره يتطلب البحث في الأرشيفات الأوروبية والأمريكية. وأغلب الصور حول المغرب المعروفة في الكتب التي تناولت موضوع التأريخ للصورة الفوتغرافية يعود تاريخها ابتداء من سنة 1880، تاريخ اتفاقية مدريد التي سمحت للأوروبيين بالإقامة في مدينة طنجة، وعليه، فقد استقدم الأوروبيون آلات التصوير وبدأوا ينجزون صورا. وأغلب الصور الأولى تعود إلى منطقة شمال المغرب وأساسا مدينتي تطوان وطنجة، هذه الأخيرة كانت مقر الدبلوماسيين وتطوان لقربها من سبتة المحتلة، حيث كان بعض الإسبان يزورونها بين الحين والآخر. وتغيب صور مناطق مغربية أخرى بحكم أن السلطات المخزنية وقتها كانت تمنع الأجانب زيارة باقي مناطق البلاد حتى لا يتعرفوا على طبيعة المغرب وكيفية عيش سكانه ومكان تواجد مدنه وانتشار قوات. ولهذا، فكل السفارات والتمثيليات الدبلوماسية كانت في مدينة طنجة وليس في العاصمة فاس التي كانت شبه ممنوعة على الأجانب.
أول صورة عامة في تاريخ المغرب: الفنيدق في إقليم تطوان
واعتاد مؤرخو الصورة في المغرب اعتماد سنة 1870 كتاريخ لأول الصور في المغرب أنجزها فرنسيون وبشكل كبير ابتداء من 1880 مع مجموعة من المصورين مثل جيمس فالنتين، كابيا، بورتون هولمز.
وفي إطار البحث عن أول صورة موثقة في المغرب، عثرت ألف بوست على صور سابقة لهذه الفترة تعود إلى سنة أواخر 1859، وبالضبط خلال الحرب الإسبانية ضد المغرب أو ما يعرف بحرب تطوان.
الصورة الأولى وتقدم معسكرا للقوات الإسبانية بالقرب من المنطقة التي تعرف حاليا بالفنيدق، حيث تظهر في الصورة خيام الجنود الإسبان بالقرب من مسجد وبناية كان يتخذها المغاربة مقرا لمراقبة الإسبان في سبتة. وعثرت ألف بوست في أرشيف في مدينة غرناطة على الصور الأولى وأنجزت ما بين شهرين أكتوبر وديسمبر 1859 أي خلال بداية الحرب المذكورة.
أول صورة شخصية في تاريخ المغرب: المولى العباس
والصور الخاصة بالشخصيات المغربية هي عبارة عن لوحات قام بتصويرها فنانون أوروبيون عندما كانوا يرافقون الوفود الأوروبية وأبرز هؤلاء الفنان الفرنسي ديلكروا في زيارته الى المغرب سنة 1832. وأول صورة عثرت عليها ألف بوست هي التي تعود الى المولى العباس، وهو الأمير شقيق الملك محمد ابن عبد الحرمان، وتعود الى أواخر أبريل 1860 عندما وقع المولى العباس اتفاقية السلام مع الإسبان في حرب تطوان.
الصورة الأولى التقطها مصور يعمل في الجيش الإسباني والبعض ينسبها إلى الصحفي الشهير وقتها بيدرو أنتونويودي ألاركون ومن ضمن ذلك المؤرخ أنتونيو إسبينا في كتاب له حول تاريخ الصحافة الإسبانية، والثانية تنسب إلى هذا الصحفي الذي كان يعيش في غرناطة وألف كتابا سنة 1860 اسمه “شاهد على حرب إفريقيا” (الإسبان يطلقون كذلك اسم حرب إفريقيا على حرب تطوان). لكن أحد أحفاد بيدرو أنتونيو دي ألاركون يؤكد أن ألاركون كان مسؤولا عن أدوات التصوير وكان هناك شخصا آخر هو الذي ينجز الصور وأنه يجب البحث في الأرشيفات العسكرية الإسبانية للحصول على اسمه. وطالما لم يتم التحقق من اسم المصور الرئيسي، تبقى هذه الصورة منسوبة الى بيدرو أنتونيو دي ألاركون.
وهكذا، فمنطقة الفنيدق تبقى حتى الآن أول منطقة جرى تصويرها في تاريخ المغرب كما أن القائد العسكري الأمير مولاي العباس هو أول مغربي يتم تصويره.