تقدم محامو أحد ضحايا بعض العقارات المهمة أمام قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بطنجة طبقا للفصل 92 من قانون المسطرة الجنائية، وضعت بمكتب الرئيس الأول بتاريخ 30/5/2011 يرفعون شكاية جنائية عن عملية تزوير، اعتبرت من أخطر العمليات التي أصبحت لوبيات العقار تستعملها من أجلا المس بأسمى قانون، وهو الدستور الذي يضمن حق الملكية لجميع المواطنين المغاربة، وغيرهم في البلاد، ذلك أن اصطناع نص تشريعي لا وجود له من أجل إضفاء الصبغة الحضرية على عقارات فلاحية للتسهيل للأجانب من أجل تملك هذه العقارات التي لا يحق لهم فيها بدون إذن الدولة المغربية، إذ يصبح الخطر هو أن ما تحميه الدولة من امتيازات وطنية لا تسمح باقتناء الأجانب لعقارات فلاحية لكي يبقى هذا الميدان تحت مراقبة أعين الدولة التي لا تمنحه إلا نادرا و عند ظهور مصلحة وطنية عامة اكبر من قيمة العقار نفسه، الشيء الذي من شأنه أن يشكل حفاظا على الثورة العقارية الوطنية ومجالا تحتكره الدولة المغربية طبقا للقوانين الجاري بها العمل.
إن المنطقة موضوع السؤال تقع في دائرة قروية لأصيلة في اتجاه العرائش التي تنعدم فيها الخصائص الحضرية من حيث البنية التعميرية أو كثافة السكان ، ويراد لها اليوم أن تصبح منطقة حضرية ، و يؤتى بظهير يدعى أنه صادر من الجريدة الرسمية لظهير 28/2/1943، و الذي يدعي بأنه أدخلها في المدار الحضري، إذ لا وجود لهذا الظهير أصلا بعد مراجعتنا للصفحة الإلكترونية الصادرة عن الأمانة العامة للحكومة مما يدفع إلى التساؤل عن السند القانوني المثبت لهذه الواقعة ، خصوصا أن هذه العقارات أخذت أرقام صكوك عقارية، وأصبحت موضوع تفويتات و بيوعات من مالك إلى آخر، في إطار المضاربات العقارية المدرة للربح لجميع الأطراف .
وبغض النظر في وجود ظهير من عدمه فإن ما وقع يؤكد بأن عملية تزوير في سنوات السبعينات كان الغرض منها الرفع الصاروخي للقيمة التجارية للعقار، إذ كيف يمكن تصور إضافة مدار حضري مساحته 3آلاف هكتار لمدينة صغيرة كأصيلة لازال وعاؤها العقاري لم يبلغ حد الاستغناء عنه بالنسبة لساكنتها الضئيلة، إن من شأن الحجج التي أدلى بها المشتكون الممثلون في ورثة المرحوم عبد السلام بن محمد بن عبد السلام بن علي الغرافي وورثة المرحومة الزوهرة بنت محمد بلحاج بن عبد السلام بن علي الغرافي واحمد بن محمد بن عبد السلام بن علي الغرافي، أن تبين الخطوط والمناورات و التزويرات التي يتعين على القضاء المغربي ضبطها من أجل أمن قضائي للمواطن، وحفاظا على السمعة الوطنية في حماية حق الملكية الذي بدونه لا يمكن للأمن الاقتصادي أن يستتب في المغرب ويجعله وجهة وملاذا آمنا للرأسمال الأجنبي وسط منافسة دولية شرسة من أجل خلق فرص الشغل والقضاء على الأزمة الاقتصادية الحالية التي بدأت بوادرها تضرب الدول السائرة في طريق النمو .
من هنا سوف يمتحن القضاء المغربي في مثل هذه النوازل للضرب على أيدي هؤلاء اللوبيات، ووضع حد للتحايل القانوني على القضاء.
وقد سمعنا في الأيام الأخيرة من أحد كبار القضاة في برنامج انتخابي مقدم لرئاسة الودادية الحسنية يطالب فيه بدمقرطة الأجهزة القضائية طبقا لدستور 2011 وتحصينا ضد كل المنزلقات المؤدية إلى تزوير إرادة القضاة أنفسهم، و التي بدونها لا يمكنهم التصدي لمثل هذه القضايا الكبرى، مع ما يتبعها من تدخلات ومغريات يمكن أن تؤثر على حياد القاضي، وفي هذا الصدد قرأت للقاضي المهدي شيبو بمحكمة أكادير في صفحة نادي القضاة بالمغرب، تعليقا على ما جرى في انتخابات الودادية الحسنية للقضاة يوم 29/11/2014 في ما يخص تدخل المسؤولين القضائيين في توجيه القضاة، يقول فيه القاضي المذكور:” أنا لست مع أحد من المرشحين للودادية الحسنية لكنني ألخص ما جرى في انتخاباتها، في جملة واحدة، ” ولاء القضاة للمسؤولين القضائيين وولاء المسؤولين القضائيين للرئيس المنتدب للسلطة القضائية”.
ومن هذا المنطلق يتعين في هذه الحالة ألا تصبح المطالبة بالحقوق وسيلة لتكميم أفواه أصحابها عن طريق الرمي بهم في السجن كما وقع لوكيل عائلة الغرافي ، ويكون القضاة في مستوى من الاستقلال المادي والمعنوي يؤهلهم لإصدار قرارات حاسمة وعادلة. فهل هناك من ممر في مغرب اليوم، مغرب دستور المسؤولية والمحاسبة، أن نفتح من خلاله ملفات ضاعت فيها حقوق ورحل عنها العدل وأبكى الظلم النساء والرجال وتشردت العائلات، وزج في السجن بالشباب المطالب بالعادلة ، بل و انتصر القهر والتخويف باسم القانون في توظيفه ضد العدالة المتوخاة، التي تحولت فيها المطرقة التي يضبط فيها القاضي سير الجلسة الى مطرقة تدق رأسه –كما عبر عن ذلك القاضي المصباحي ابن تاونات المناضلة عندما كشف في لقاء عمومي عن غضبه من حالة القضاء في بلادنا- في إشارة إلى ظلم مزدوج ينبغي اليوم أن نخلق فيه قطيعة مع الماضي ونعيد العدل بروح الدستور الحالي الى محاكمنا، بإنصاف المظلومين وذلك بالبحث عن مساطر في القوانين المصاحبة لهذا الدستور الذي نعتبره ثورة المغاربة بامتياز.