المتتبع الحصيف لما يقع في المشهد السياسي المغربي، سيلاحظ إطلاق نار كثيف على حزب الاتحاد الاشتراكي إعلاميا.
عادي، والأمر مقبول لأن الأمر يتعلق بحزب يسمى “الاتحاد الاشتراكي” في نهاية المطاف. هذا الحزب لايشبه غيره من الأحزاب، وهو ليس مولودا من رحم أي نطفة أخرى غير نطفة القوات الشعبية. لم يخلقه خطيب، ولم تلده إرادة مجهولة، ولم يولد من عدم. لذلك عادي.
غير العادي هو أن يجلد الاتحاد الاشتراكي من طرف من لا يحق لهم جلد الاتحاد الاشتراكي.
عندما وقف النائب المكناسي بوانو الثلاثاء في مجلس النواب يقول في جلسة الفيضان البرلمانية إنه من العيب أن يزايد الآخرون في الفواجع الإنسانية، وهو يقصد فاجعة تنغير وكلميم والنواحي، صادق الكل على كلام رئيس الفريق النيابي للعدالة والتنمية وقالوا “آمين، فعلا، المزايدة في الفواجع أمر معيب، وشائن ، و(حشومة) بلغة المغاربة”، وأضافوا “ماكيديروهاش ولاد الناس”
لكن المفارقة هي أن الكثيرين زايدوا في فاجعة وفاة الزايدي إنسانيا.
البعض سال قلمه فقط حين رحل الزايدي إلى خالقه، ولم يقل له أحد إنه من العيب أن يزايد في الفاجعة الإنسانية، وأنه من الحرام شرعا ودينا أن يمسك الإنسان جثة رجل طيب، وصادق ونقي ونظيف ولا شائبة حوله مثل الزايدي لكي يضرب بها لشكر.
للأسف العديدون لم يتورعوا عن القيام بالأمر. وجدوا في جثة الراحل الزايدي فرصة النيل من حزب يشكل لهم عقدة، يسبب لهم عسر هضم دائم، ويمثل في مخيالهم النموذج المضاد لحالهم هم.
أقولها باستمرار ولا تهمني القراءات: لست منتميا للاتحاد ولا حتى متعاطفا معه، لكني أعرف جيدا التمييز بين الأحزاب. وحين أرى الخناجر تستل لكي تضرب هذا الحزب لفائدة الحزب الآخر، أفهم أمرا واحدا فقط اعتمادا على المعرفة الشخصية بالناس وبمن يكتبون: شيء ما تم الاتفاق عليه. صفقة ما، مال ما ، مقابل ما، لأنني أعرف أن البعض لايكتب لوجه الكتابة.
للبعض حسابات البيع والشراء تسكنه ويسكنها ولا يطلق النار إلا بموجبها..
لذلك نقولها ونعيدها : من العيب أن يزايد الإنسان بالجثث.
السياسة فعل الممكن المتسخ، نعم.
وهي المجال الأكثر ترويجا لعديد الطحالب التي لا تسبح إلا في المياه العكرة، نعم مرة أخرى.
لكن للموت حرمة عند المغاربة، عند الآدميين بصفة عامة، والضرب تحت الحزام بالجثث أمر يعني شيئا واحدا هو أن هاته الجثث أكثر حياة ممن يستعملونها لضرب من يريدون إسقاطهم.
ليس دفاعا عن لشكر، وهو يعرف جيدا هذا الكلام، ولكن وجب حقا قولها: كثير العفن الذي يطل برأسه على المشهد السياسي العام سببه البيع والشراء.
فقط البيع والشراء، ولا شيء آخر غير قليل المقابل أو كثيره.
هل للدعارة في نهاية المطاف تعريف آخر غير بيع كل شيء مقابل بعض الاستفادة؟
لا أدري، ولا أريد أن أدري على كل حال…
المختار لغزيوي