الفرنسي بوتان يبرئ بنبركة من اغتيال عباس المساعدي

رجّح موريس بوتان أن تكون قوة أمنية خاصة تابعة لمدير الأمن، في سنوات الخمسينيات، هي من قامت باغتيال عباس المساعدي.. مشيراً إلى أن المهدي بنبركة لم يتورط في هذه القضية التي أثارت الكثير من الجدل، وهي التي تتعلق باغتيال واحد من أهم زعماء جيش التحرير.

وذكر بوتان، وهو المحامي الفرنسي الذي انشغل طيلة عقود بقضية اغتيال المهدي بنبركة، في كتابه الجديد “الحسن الثاني.. ديغول.. بن بركة. ما أعرف عنهم”، بأن المعلومة المعروفة التي تحدثت عن اغتيال المهدي بنبركة للمساعدي عن طريق رجل اسمه كريم حجاج “غير دقيقة”، وأن الفرضية الأكثر احتمالاً، هي مهاجمة سيارته عن طريق قوة خاصة أنشأها مدير الأمن محمد الغزاوي، بأمر من مولاي الحسن وقتها.

وأسهب بوتان في الحديث عن هذه الواقعة بحكيه أن بنبركة حلّ بالريف في إطار بحث ينجزه لصالح جريدة “الاستقلال”، ساعيا في الوقت نفسه إلى استقطاب أكبر عدد من المقاومين كي يلتحقوا بالحزب، وكي يمنع كذلك انصهار جيش التحرير في القوات المسلحة الملكية، بيدَ أن المساعدي كان يخالف بنبركة في النقطة الأولى من سعيه، ويتفق معه في الثانية، لذلك تم ترتيب لقاء بينهما في فاس، وفي طريق المساعدي من الريف إلى هذه المدينة، تم اغتياله.

وقدّم بوتان فرضيتين قبل أن يرّجح الثانية منهما، فالأولى هي أن المهدي أرسل حجاج إلى المساعدي من أجل إقناعه بعدما لم يكن يرغب في السفر إلى هذه المدينة، إلا أن حجاج أراد تهديد المساعدي بمسدس، فكان مع الأسف محشواً بالرصاص، وأصابه في مقتل. أما الثانية، فهي أن المساعدي كان فعلاً متجهاً إلى فاس، وقتلته دورية لمدير الأمن في الطريق.

وأبرز بوتان أن الملك الراحل الحسن الثاني كان قد أشار إلى المهدي بنبركة هو من اغتال عباس المساعدي، وأنه استند في ذلك إلى اعترافات كريم حجاج الذي ألقي عليه القبض في تلك الفترة، إلا أن بوتان يستدرك قائلاً بأن حجاج غادر السجن ثلاثة أيام بعد اعتقاله، دون أن يتابع بأية تهمة، وأنه كذلك لم تتم متابعة بنبركة حسب هذه الاعترافات، بل العكس، تم اختياره بعد ذلك بخمسة أشهر ليصير رئيساً للمجلس الوطني الاستشاري، والتُقِطت له صورة مع الراحل الحسن الثاني، الذي كان آنذاك ولياً للعهد.

رواية بوتان تتناقض مع ما جاء في شهادات أسرة عباس المساعدي، التي روت في تقرير سابق نشر بهسبريس، كيف تشنجت علاقة عباس المساعدي ببنبركة، وكيف قدم الأول استقالته من حزب الاستقلال في 16 ماي 1956، وذلك رفضه إلحاق جيش التحرير بالشمال الشرقي بحزب الاستقلال، الأمر الذي أدى إلى تصفيته في 27 يونيو 1956 من طرف نيران صديقة.

وتحدثت أسرة المساعدي أن هذا الأخير تمت تصفيته من طرف بعض قادة حزب الاستقلال آنذاك، وبأن المهدي ومن معه خططوا لمؤامرة الاغتيال من ألفها إلى يائها، وهي المؤامرة التي تقول العائلة إنها نفذت على يد مدير الأمن آنذاك، محمد الغزاوي.

وقد استندت العائلة في حديثها على بعض المعطيات، منها علاقة عباس المتوترة مع بنبركة، لدرجة أن عباس سبق أن صفع المهدي أمام الملأ واعتقله لساعات، وذلك عندما أراد المهدي أن يربط في خطاب جماهيري له جيش التحرير بحزب الاستقلال، فضلاً عن طرد عباس للمهدي من اجتماع لحزب الاستقلال كان قد انعُقد بمدريد.

وتعتبر قضية عباس المسعدي من أشهر قضايا الاغتيال السياسي في المغرب، وذلك إلى جانب قضية المهدي بنبركة، حيث لا زالت تداعياتها مستمرة إلى اليوم، وقد أتى اغتيالهما نتيجة أجواء محتقنة شهدها المغرب بعد إعلان استقلاله عن فرنسا.

…….

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…