عن صحيفة المصري اليوم
كتب: جمعة حمد الله
21نونبر 2014
خلال حضور الاخ لحسن العسيبي لاشغال الدورة 36 من مهرجان القاهرة السينمائي 9/ 18 نونبر 2014)، أجرت معه جريدة “المصري اليوم” حوارا مطولا تطرق لعدة محاور منها … المهرجان وأهميته ..و العلاقات المغربية المصرية… وقضية الصحراء المغربية..
ملاحظة الاخ العسيبي .. أنا لم أكن عضوا في لجنة التحكيم كما جاء في مقدمة الحوار وفي السؤال الأول.
اعتبر الكاتب والصحفى المغربى لحسن العسبى، عضو لجنة تحكيم مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، أن إقامة الدورة الحالية للمهرجان «انتصار لمصر»، وأنه بتنظيم هذه الدورة بدأت القاهرة تستعيد بعضاً من دورها الطبيعى فى أن تكون حاضنة للثقافة والفن والفكر فى العالم العربى. وقال العسبى فى حوار مع «المصرى اليوم»: إن الإسلاميين فى المغرب لا يستطيعون أبداً تجاوز مصر أو التطاول عليها، مشدداً على أن قضية الصحراء المغربية قضية الشعب المغربى بأكمله وليست قضية النظام السياسى فقط، وفيما يلى نص الحوار:
■ بداية أنت تزور القاهرة هذه المرة عضواً فى لجنة تحكيم مهرجان القاهرة السينمائى الدولى.. كيف ترى عقد هذه الدورة فى المهرجان بعد انقطاع دائم لأكثر من 3 سنوات؟
ـ أعتبر أن تنظيم هذه الدورة من المهرجان انتصار لمصر، مصر التنوير، مصر إرادة الحياه ومصر الإبداع، وبتنظيم هذه الدورة بدأت القاهرة تستعيد بعضاً من دورها الطبيعى فى أن تكون حاضنة للثقافة والفن والفكر فى العالم العربى، وذلك على اعتبار أن مصر كانت دائماً هى «المشتل» لتجميع كل الاجتهادات الفكرية والفنية العربية، ومن خلال هذا التجميع كانت تبلور أجوبة متعددة لا تهم مصر فقط وإنما كل الدول العربية ومن هذا المنطلق فأنا أعتقد أن تنظيم هذه الدورة من المهرجان رسالة سياسية واضحة بأن مصر فى أمان وأنها تعود لدورها الإقليمى والعربى الريادى.
■ كيف ترى حجم المشاركة فى هذا المهرجان؟
ـ أعتقد أن حجم المشاركة كان كبيراً جداً، فأحيانا الأمور لا تقاس بالكم وإنما تقاس بالقيمة فقيمة المخرجين والممثلين وشركات الإنتاج العالمية والعربية التى شاركت فى هذه الدورة هى ترجمة لأهمية هذه الدورة وعلى الاستجابة لدعم عودة مصر إلى مكانها الطبيعى فى العالم العربى والعالم، فلقد شارك فى هذه الدورة على سبيل المثال حوالى 100 صحفى، 50 منهم من العالم العربى والباقون من مناطق مختلفة من العالم مثل أوروبا وأمريكا وأستراليا، وكان هناك أيضاً أكثر من 250 مدعو من مختلف البلدان والثقافات، وبالتالى هذا يترجم على أن المهرجان حقق رسالته ودورة ليكون مكاناً لتجميع العالم.
■ الذى يمكن أن يقدمة الفن والثقافة فى محاربة ظواهر التطرف الغريبة على الشخصية العربية؟
ـ أعتقد أن الثقافة هى آخر جدار تبقى لنا كعرب.. لماذا؟، لأن ما يوحدنا كعرب هو الوعاء الحضارى المتمثل فى اللغة العربية، فالرهان على الشق الثقافى هو رهان استراتيجى وهو للأسف مستهدف، فمن الأمور التى يتسهدفها التطرف هو محاربة الإبداع ومحاربة كل أشكال الوعى بالذات السينما والرواية والأدب والشعر وغيرها من أشكال الإبداع، لأنه يلعب دوراً تربوياً فى إنهاض الهوية العربية والقومية ويحميها، فأنا أعتقد أن دور هذه المهرجانات والإبداع والفن بصفة عامة دور محورى فى مواجهة التطرف، لأنه يخاطب الإنسان ويحميه من داخله أى أنه يبنى الإنسان فى تصالحه مع ذاته، وتصالحه مع العالم المحيط به، فكلما كان الإنسان العربى ممنعا وقويا فهذا أكبر انتصار ضد التطرف.
■ هل نحن فعلاً عدنا إلى العصور الظلامية؟
ـ لا أعتقد ذلك، نحن فقط بلغنا مرحلة مفصلية، العالم العربى والإسلامى يعيش اليوم لحظة تحول، أنا أسميها لحظة انتقال تاريخية، وهى لحظة انتقال سياسية كما يتوهم البعض.
■ ما تقييمك لمستوى العلاقات بين البلدين فى الوقت الراهن، وخاصة أن الفترة الماضية شهدت محاولات من البعض للترويج عن وجود أزمة بينهما؟
ـ العلاقات المصرية المغربية يمكن النظر إليها عبر مستويين، المستوى الرسمى والمستوى الشعبى، المستوى الرسمى مصر لديها اتفاقيات ولجان مشتركة مع جميع دول العالم، وهذه اللجان تجتمع دورياً سواء سنوياً أو نصف سنوى وأحيانا كل عامين، هذه اللجان يترأسها رؤساء الحكومات فيما عدا اللجنة المشتركة المصرية المغربية يترأسها رئيسا الدولتين، ففى مصر اللجنة الوحيدة التى يترأسها رئيس الجمهورية المصرى، وكذلك عندنا نحن فى المغرب حيث إنها اللجنة المشتركة الوحيدة التى يترأسها الملك، وهذا فيه إجابة على أن العلاقات على المستوى الرسمى متميزة جدا، وعلى المستوى الشعبى العلاقات أقوى بكثير عن أى مستوى، فالتواصل الثقافى والفكرى والأدبى بين الشعبين المصرى والمغربى قوى جدا على مدى التاريخ، فكل الكتابات التى نطلق عليها «الحجازية» أى السفر من أجل الحج مصر حاضره فيها، وكل التيارات الدينية الصوفية المغربية حاضرة فى مصر، وكذلك التيارات الصوفية المصرية حاضرة فى المغرب، وأدلل على ذلك على أن أهم المواسم الصوفية فى مصر والتى تسمونها «الموالد» هو مولد سيدى أحمد البدوى الذى يحضره أكثر من 2 مليون شخص أصوله مغربية، وكذلك عدد كبير من أقطاب الصوفية فى مصر مثل سيدى أبو العباس وسيدى عبد الرحيم القنائى أصولهم مغربية، هذا يؤكد على أن التواصل الفكرى والوجدانى والإنسانى بين التجربة المغربية والتجربة المصرية قوى، وأعتقد أن سنده لا ينتبه إليه من الناحية التاريخة، وهو أن مصر جغرافيا تقع بين قارتى أفريقيا وآسيا وكذلك المغرب يقع بين قارتى أفريقيا وأوربا ومجتمعات من هذا النوع غنية معرفيا وغنية من حيث رؤيتها للحياة لأنها تحتك بالآخر. ■ هل تأثرت هذه العلاقات الشعبية بين البلدين بمحاولات بعض التيارات الإسلامية فى المغرب الهجوم على مصر عقب ثورة 30 يونيو؟ ـ دعنى أقول لك أمراً الإسلاميون فى المغرب لا يستطيعون أبداً تجاوز مصر أو التطاول عليها لسبب بسيط أنهم يدركون أن مصر لها خصوصيتها، ويدركون كذلك أنهم هم «إسلاميو المغرب»، كذلك لهم خصوصيتهم، فإسلاميو المغرب لا ينتمون إلى هذه الموجة العالمية الإخوانية، فهم ينبعون من الحركة الوطنية المغربية ولهم شرعية، فرئيس الحكومة المغربية الحالية عبد الإله بن كيران طرح عليه قبل فترة سؤال حول موقفه من زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى للمغرب، فرد بن كيران على هذا السؤال بقوله «أنا رجل دولة والرئيس المصرى يمثل بلده مصر، وسيأتى إلى بلده الثانى المغرب».. فالإسلاميون فى المغرب عندهم ذكاؤهم السياسى، وعلى المستوى المجتمعى فى المغرب فالأغلبية يدركون المخاطر التى تهدد مصر ويستوعبون التحول الذى يحدث وهناك تفهم للحاجة إلى أن تستعيد الدولة فى مصر قوتها، فكلما كانت مصر قوية واستعادت دورها الإقليمى حماية للدول العربية ومنها المغرب.
■ أخيراً كيف ترى الموقف المصرى من قضية الصحراء؟
ـ عندى يقين بأن الموقف الرسمى المصرى من قضية الصحراء ثابت ولم يتغير، لأن هذه مصالح دول ومصر تدرك بشكل جيد حساسية ملف الصحراء بالنسبة للمغاربة وأتمنى من المجتمع المصرى سواء فى المجتمع المدنى والشبابى والثقافى والنقابى أن يدركوا أن قضية الصحراء هى استعادة لحقوق مغربية، وأتمنى أن تصل هذه الرسالة واضحة للإخوة المصريين، فالمغرب البلد العربى الوحيد الذى استعمرته أكثر من دولة «فرنسا وإسبانيا و9 دول فى طنجة»، فالصحراء أخذتها استعمرتها إسبانيا والوسط الغنى استعمرته فرنسا وشمال المغرب استعمرتها إسبانيا، بالتالى حينما استطاع المغرب استعاده أقاليمه من الاستعمار استعادها واحدا تلو الآخر، وكان آخرها الصحراء، ومازالت سبتة ومليلة محتلة ونحن نطالب بتحريرها من الاستعمار الإسبانى، وبالتالى قضية الصحراء المغربية قضية الشعب المغربى بأكمله وليست قضية النظام السياسى فقط، ومن يتوهم أنها قضية نظام فهو مخطئ فهى قضية المغاربة جميعاً، ولا يمكن إطلاقاً أن يغامر أى مسؤول سياسى مغربى فى شبر من الأرض المغربية ألا وهى الصحراء، وإلا فإنه سيلعب بمصيره السياسى بما فيه النظام، الحسن الثانى رحمه الله قال جمله منذ سنوات «إذا فرطت فى الصحراء فعلى أن أجهز حقائبى».