عن جريدة الوطن الان
عبد الرحيم اريري
 
كيف لعامل إقليم شبه لحية وزير بكلب وعوقب شر عقاب، علما بأنه لم يسب عقيدة الوزير أو آدميته، في حين أن مسؤولا ساميا بالمجلس العلمي يتفوه بكلام خطير في حق حزب ويصدر حكما بالإلحاد على الحزب وعلى رموزه ويمر الأمر مرور الكرام؟حين وصف عامل سيدي بنور لحية الوزير والقيادي في حزب المصباح عبد الله باها بـ «لحية الكلب» لم يتأخر رد الدولة الصارم. إذ بسرعة خاطفة صدر بلاغ ناري يضع حدا لطموح العامل في تسلق سلالم الإدارة الترابية وتم عزله في الحين بدعوى «المس بوزير في الحكومة.»
لكن حين نشرت الأحداث المغربية يوم 7 مارس 2013 خبرا حول اتهام محمد الرواندي، الرجل الثاني في الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى في مجمع من مكونات الحقل الديني وقوله إن «الاتحاد الاشتراكي لا مستقبل له، لأنه حزب غير المتدينين (لا صلاة ولا صيام)»، وبأنه «حزب البياعة والخطافة»، وذكر أسماء من قبيل اليوسفي واليازغي والحبابي والحليمي ولشكر، لم يصدر أي رد فعل من طرف الدولة أو من طرف المعني بالأمر، لتكذيب ما قيل أو لتوضيح ما نسب إليه أو لإبراز الإجراءات المتخذة، خاصة وأن هذه «الفتوى الدينية» الصادرة عن الرجل الثاني في المجلس العلمي الأعلى لم تقتصر على أشخاص فقط، بل استهدفت هيأة حزبية تضم الآلاف من المنتسبين إليها والمتعاطفين معها بشكل جعل الألسن تتحرر وتتساءل كيف لعامل إقليم شبه لحية وزير بكلب وعوقب شر عقاب، علما بأنه لم يسب عقيدة الوزير أو آدميته، في حين أن مسؤولا ساميا بالمجلس العلمي يتفوه بكلام خطير في حق حزب ويصدر حكما بالإلحاد على الحزب وعلى رموزه ويمر الأمر مرور الكرام؟ هل الأمر يتعلق بميزان قوى داخل الدولة؟ وهل المغرب لم يعد دولة مبادئ ودولة ضوابط قانونية؟

هذه الأسئلة تجد مشروعيتها في أن الفتوى ضد الاتحاد الاشتراكي لم تبق مقتصرة على رجل محسوب في صف الدولة (الرواندي)، إذ انتصب رجل آخر محسوب على «صف المجتمع» وأهدر هو الآخر دم الاتحاديين، ونقصد بذلك عبد الباري الزمزمي الذي صرح للمساء يوم 19 مارس 2013، بأنه لا يخفى على أحد أن جل زعماء حزب الاتحاد الاشتراكي«لم تكن بينهم وبين الإسلام صلة»!!
فهل هي مجرد صدفة أن تلتقي الدولة الدينية مع رموز المجتمع الدينيين في إطلاق هذا السيل الجارف من الفتاوي التكفيرية، وهي فتاوي -كما قلنا- لم تعد تسهدف المهدي بنبركة أو الحبابي أو اليوسفي أو لشكر أو لحليمي كأشخاص، بل تستهدف الحزب كله ويحتاج الأمر إلى وقفة؟
وإذا أجازت الدولة هذا الأمر فلماذا تحاكم أصلا السلفيين والتكفيريين ما دامت الدولة تسدد الأجور وتغدق الامتيازات على علماء وخطباء بمجالسها وبرلمانها ليصدروا فتاوى التكفير والإلحاد ضد أحزاب منظمة بقانون ومؤطرة بدستور وتعج بالمواطنين والشرفاء؟
هل نزوع التكفير يدخل في خانة حرية التعبير أم في خانة التسيب وضعف الدولة؟ أم على العكس يندرج هذا السلوك في أجندة تروم شحذ السيوف والسكاكين لذبح ما تبقى من شرايين في حزب مريض بالانشقاقات والصراعات الداخلية ومنشغل برأب الصدع الداخلي؟
إن الأحزاب مدعوة لاتخاذ العبر مما يجري في تونس ومصر وسوريا، حتى لا يجد المغرب نفسه غدا أو بعد غد محتجزا بيد فقهاء الدم والقتل. لقد حان الوقت لتخرج تعبيرات المجتمع للعلن وتنتفض ضد هذه الردة ولإيقاف هذا الوباء الجارف. فالأمر لا يهم فتوى عابرة بل يرتبط بأحد الثوابت الرئيسية للمغاربة، ألا وهو الخيار الديقراطي والبناء الديمقراطي المبني على التدافع والتصارع بين البرامج والتصورات لتحسين مستوى عيش المغاربة وليس ذاك المبني على قذف الناس والأحزاب بالفسق والزندقة والكفر للتغطية على الضحالة والفشل. 

العدد512
أعد الغلاف: عبد الرحيم أريري

‫شاهد أيضًا‬

اليسار بين الممكن العالمي والحاجة المغربية * لحسن العسبي

أعادت نتائج الانتخابات البرلمانية الإنجليزية والفرنسية هذه الأيام (التي سجلت عودة قوية للت…