تغطية ..بديعة الراضي
كشف المتدخلون في اليوم الدراسي الذي نظمته فرق المعارضة بالبرلمان، أول أمس حول قانون المالية 2015، عن غياب البعد الاستراتيجي في المشروع واستبعاد أي حلول واقعية للملفات العالقة في كافة المجالات أهمها الملف الاجتماعي.
وقدم المتدخلون وبالأرقام المنزلقات الخطيرة التي شابت مشروع الوثيقة التي اعتبروها وثيقة حالمة وهشة تؤسس لأفق مسدود .وأجمع المتدخلون على أن قانون المالية لسنة 2015، يفتقد الهوية السياسية والعمود الفقري، كما أنه مشروع يعاكس الدستور والخطاب الملكي ولا يعكس صدى البناء المؤسساتي كالجهوية الموسعة والأمازيغية وكافة الطموحات في بناء المأسسة عبر سبل الدسترة بناء على دستور 2011.
واستدعت فرق المعارضة لهذا اليوم الدراسي خبراء ومختصين من أجل الوقوف عند إشكاليات النمو والتشغيل والعدالة الاجتماعية وإشكالية المديونية والتوازنات المالية والبعد الاجتماعي.
وساهم في تأطير هذا اليوم الدراسي -بنفس المعارضة الشديدة لمشروع أبان عن فشله بداية بعرض وزير المالية والاقتصاد بقبة البرلمان، إلى صمت وزراء الحكومة وعدم قدرتهم على التصريحات لوسائل الاعلام أو الترافع أمام كاميراته كما هي العادة- كل من الأساتذة :الحبيب المالكي- عادل الدويري- محمد بدير- عبد الرحمان الوالي. وساهم في النقاش برلمانيو المعارضة بالغرفتين وأعضاء من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وفي هذا السياق، أكد المتدخلون على أن هذا القانون لم يأت بجديد كسائر القوانين التي أتت بها هذه الحكومة، ومخيب لآمال وطموحات الشعب المغربي ويأتي على حساب جيوب وقدرة المواطن المغربي.
من جانبه تساءل الحبيب المالكي، عن الفريق الاشتراكي ، قائلا: أين نحن من خطاب 20 غشت ومن توزيع الثروات ومدى تثبيت الاستقرار بالمغرب، مشيرا الى أن الحكومة لا تنصت لا للمعارضة ولا للخطاب الملكي، مضيفا: أين تسير الحكومة الحالية وضمن أي أفق تشتغل؟. وفي هذا الإطار وقف الحبيب المالكي عند الخلل الكامن في مشروع الوثيقة الهشة والتي تتميز بتقنية الكولاج غير الواعي بعمق التجاور العلمي والمعرفي والاقتصادي، خصوصا عندما يتعلق الأمر بملفات مصيرية في الاقتصاد والمجتمع والتوازن المؤسساتي الدولي، واعتبر المالكي أن هذا المشروع لا يتجاوب مع متطلبات المرحلة والأكثر من ذلك أنه خاضع لسياسة حكومية أفقدت المغرب حتى رتبته في الدول الصاعدة. وأكد المالكي أن الحكومة الحالية، لا تبدي اجتهادا ولو محتشما بل تكتفي فقط بالمطالبة بشهادة حسن السلوك من المؤسسات المالية الدولية. كما وصفها بحكومة صماء مشيرا الى أنها ليست بكماء بل تتكلم كثيرا حيث نصبت نفسها خصما للطبقة العاملة.
من جانبه أكد عادل الدويري، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال في مداخلته حول «مشروع قانون المالية لسنة 2015» وإشكاليات النمو والتشغيل والعدالة الاجتماعية، أن حكومة بن كيران أوقفت تدريجيا محركات النمو الاقتصادي بتقليص ميزانية الاستثمار، وهذا ما انعكس سلبا على قطاع الأشغال العمومية والفاعلين الاقتصاديين، مضيفا أن الحكومة لم تحاول معالجة العجز الخارجي ولم تركز على ميزان المبادلات الخارجية وبذلك خنقت الاقتصاد المغربي.
ومن جانبه تدخل الأستاذ عبد الرحمان الوالي، معززا نفس الأطروحة المعارضة ومنبها الى خطورة هذا المشروع في الملف الاجتماعي نظرا لغياب أي حس بأهمية التوازنات المالية، مما من شأنه أن يؤدي إلى ارتباك كبير لا يستطيع المغرب معالجته في المخططات المقبلة. ومن قلب الدار كشف الأستاذ محمد بدير كإطار هام في وزارة المالية عن إشكالية ارتفاع المديونية في المغرب، مؤكدا وبالأرقام عدم الشفافية في قول الحقيقة للمغاربة في الديون غير المعروفة التي تنخر كاهل الاقتصاد المغربي، ناهيك عن استعمال الودائع من طرف الحكومة في الاستهلاك. وأكد محمد بدير الذي تحدث بجرأة كبيرة عن عمق المشاكل المالية في المغرب أن مشروع القانون المالي 2015 لن يؤدي إلا لتعقيد الحلول الممكنة، مرجحا أن يكون القصد من ذلك تفسيرات أخرى على المعارضة والفاعلين البحث فيها بالطرح العلمي والمعرفي للمنظومة المالية في بلادنا، وهو ما تجاوب معه نقاش القاعة الذي طرح الأهداف المسطرة لهذا المنحى مما يستوجب الحذر واليقظة خصوصا في رؤوس الأموال المتسربة من تركيا- حسب متدخل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي- كما طالب المتدخلون بإعادة قراءة تقرير البنك الدولي الذي يكشف عن التناقض الكبير مع الأرقام التي تقدم للبرلمان من طرف الحكومة. وكشف المتدخلون عن التناقض الكبير بين محاور المشروع مؤكدين أن المصادقة عليه بالإعمال بالأغلبية سيكون لها تأثير كبير في المستقبل القريب.
وقد تطرق المتدخلون إلى إشكالية الخلط الذي تتبناه الحكومة، وهو الخلط بين تدبير الاقتصاد المغربي وعلاج عجز الدولة، وكذا إشكالية من يسير هذه الدولة؟ ومن يحكم؟ ومن يجمع الوزراء لتدارس المشاكل الاقتصادية واقتراح الحلول في إطار التشاور والتواصل؟.
أسئلة تدارسها المختصون وأجمعوا عن غياب سياسة تنموية وغياب تحريك المحركات، في ظل جو العزلة الذي يخيم على حكومة بن كيران، كما أشار المتدخلون إلى أن الحكومة تستعمل إمكانيات ليست في ملكيتها كالودائع الخليجية ومنها الإمارات.
كما تساءل المتدخلون حول ما إذا كان من وضع قانون المالية لسنة 2015 يعيش في المغرب أم على أرض أخرى، وضمن أي أفق ولصالح من تشتغل هذه الحكومة، مؤكدين أن سنة 2015 ستكون سنة بيضاء في غياب الإدارة والنظرة المستقبلية وفي ظل ما وصفه الحبيب المالكي بالمشروع الدغماتي والنمطي.
25 اكتوبر 2014