الثلاثاء 2 ابريل 2013
عن موقع الجريدة الالكترونية أش بريس
حاورته ـ صليحة بجراف
نفى الموساوي عجلاوي، الباحث بمعهد الدراسات الإفريقية – الرباط، “أن تكون هناك عزلة دبلوماسية للمغرب في إفريقيا.
وأوضح الفاعل السياسي والحقوقي ، والمؤرخ المتخصص في الحركات الجهادية جنوب الصحراء، في حوار خص به ” أش بريس” حول أبعاد وأهمية الزيارة الملكية الأخيرة لبعض دول جنوب إفريقيا وعلاقتها بملف الصحراء المغربية، أن المغرب حاضر في كل مؤسسات الاتحاد الإفريقي عدا واجهته السياسية، مستدلا بحضور وزراء مغاربة لملتقيات على هامش القمم الإفريقية.
وقال عجلاوي، إن هذا الأمر يزعج الحكومة الجزائرية وجنوب إفريقيا، علما أن 11 دولة فقط تعترف ب” الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، وهذا يعني في الخطاب الدبلوماسي دعوة صريحة للمغرب للانضمام للاتحاد الإفريقي.
وأضاف عجلاوي، أن ملف الصحراء حاضر في كل التحركات المغربية سواء كانت رسمية أوشعبية منذ زمن بعيد، والجديد هو ما يحمله خطاب روس الذي ربط حل نزاع الصحراء بالوضع في الساحل والصحراء، أي العودة إلى الأسباب الإقليمية التي تؤثر في نزاع الصحراء، مشيرا إلى أن روس عوض أن يتوجه إلى الجزائر في مسؤولياتها عن الوضع الكارثي في المخيمات، يريد من المغرب أن يؤدي الفاتورة الجزائرية، مبرزا أن الدول التي زارها الملك محمد السادس مؤخرا خاصة السنغال والكوت ديفوار تشكل دول الجوار، ولها وزنها في القرار الإقليمي والدولي، ويكفي الإشارة إلى أن الرئيس السنغالي ماكي سال، الذي أعلن تأييده للوحدة الترابية المغربية سيستقبله أوباما قريبا في واشنطن وبدعوة من الرئيس الأمريكي، ولا شك أن ملف نزاع الصحراء سيطرح على مائدة الاستشارات بين الرجلين، وفي ذلك إفادة للمغرب.
كما تحدث عن أمور أخرى بخصوص الزيارة الملكية، لثلاث دول إفريقية فرنكفونية، نتعرف عليها في الحوارالتالي:
*كيف تقرأ جولة العاهل المغربي إلى إفريقيا، و ما أبعاد هذه الزيارة ؟
** الزيارة الملكية الأخيرة لثلاث دول إفريقية فرنكفونية حلقة من زيارات متعددة بدأت منذ 2004، زار فيها الملك محمد السادس دولا إفريقية عديدة، فهي إذن تدخل ضمن استراتيجية الحضور المغربي المتصل والوازن في عدد من الدول التي يقتسم فيها المغرب مع دول إفريقية جنوب الصحراء نفس المبادئ والمصالح إضافة إلى العمق التاريخي والروحي والثقافي .
وهذه الجولة تأكيد على الثابت في الدبلوماسية المغربية، يبقى على المؤسسات الأخرى كوزارة الخارجية والبرلمان والأحزاب والنقابات والجمعيات أن تتحرك لخلق جسور بين ما هو اقتصادي مالي سياسي وما هو ثقافي واجتماعي وإنساني.
الزيارة الملكية لدول إفريقيا جنوب الصحراء رسالة إلى الداخل لأخذ ملف الهجرة من إفريقيا جنوب الصحراء في بعدها الإنساني والحقوقي والتصدي لكل مس للحقوق الإنسانية من تعليم وصحة وتعامل إنساني ووضع القوانين المنظمة لذلك، فالحكومة المغربية لا تملك سياسة للهجرة، ولا تعرف عدد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، ولذلك يتخبط الجميع إن من حيث التصريحات غير المسؤولة من مسؤولين أو من منابر إعلامية، والزيارة رسالة إلى المؤسسات التنفيذية والتشريعية بضرورة تسهيل اندماج الوافدين في سياق ما عرف عن المغاربة في تاريخهم من كرم وحسن الضيافة، وتأكيدا لما ورد في ديباجة الدستور الجديد من أن البعد الإفريقي مكون من مكونات الهوية الإفريقية.
هذا هو عمق القراءة في الزيارة الملكية لعدد من الدول الإفريقية جنوب الصحراء.
*هل من دلالة لاختياره لهذه الظرفية بالضبط؟
**لا أعتقد أن الزيارات الملكية لدول إفريقيا جنوب الصحراء مرتبطة بظرفية معينة، فالعلاقات المغربية الإفريقية لها حسابات إستراتيجية تضبط زمن الزيارات وليس للأمر علاقة بظرفية، إذ أن الدبلوماسية ترسم في الزمن البعيد، مع استثناءات تعطي للظرفيات تميزا في بعض المنعطفات، لكن الأهداف الإستراتيجية هي المتحكم في العلاقات الدولية.
*في غياب حضور فعلي للاتحاد الإفريقي، وبعد أن استولت دولة جنوب إفريقيا على مفوضيته وعدد من مؤسساته، وأمام فشله في حل العديد من المشاكل في القارة الإفريقية، يبدو أن دور المغرب أصبح مطلوبا على جميع المستويات؟
**نعم ، والتجربة المغربية أصبحت مطلوبة في عدد من الميادين خاصة ” مبادرة التنمية البشرية وتجربة القروض الصغيرة، واستفاد المغرب من التجربة الصينية في التوجه نحو ميادين للعديد من الدول التي تعاني من خصاص كبير كالبنى التحتية والمواصلات والنقل والسكن الاجتماعي.هذا ما يميز المغرب في حضوره الإفريقي جنوب الصحراء، ومن هنا الاطمئنان الذي يبديه الساسة والمجتمع، بحيث ينظر إلى المغرب بمثابة الأخ الكبير في إفريقيا.
في تداعيات الأزمة المالية كان للمغرب دور كبير في رسم السياسة الأمنية في المنطقة أو حين أصدر مجلس الأمن القرار 2085 المتعلق بأزمة مالي ، وكان المغرب حينها يترأس مجلس الأمن. ومن المنتظر أن يتزايد هذا الدور خاصة في منطقة الساحل والصحراء وفي التجمع الإقليمي الذي يحمل اسمه، وقريبا ستعقد قمته المقبلة في المغرب، في حين نرى أن دولة جنوب إفريقيا تحاول توظيف واجهة الاتحاد الإفريقي لخدمة أهدافها البعيدة والمتوسطة، وهي أهداف لخدمة مصالح الشركات العالمية، كما أبرزت الأحداث الأخيرة في مناجم الذهب والماس في جنوب إفريقيا، وفي جمهورية إفريقيا الوسطى عندما أرسل جاكوب زوما فرقة عسكرية لمساندة الرئيس المطاح به فرانسوا بوزيزي. ويبدو أن دولة إفريقيا تمارس استعمارا جديدا للقارة الإفريقية واجهته مساندة الشعوب في التحرر مع استعمال أيقونة الزعيم مانديلا، وباطنه خدمة الشركات المتعددة الجنسيات في حرب غير المعلنة بين الصين و الولايات المتحدة وأوربا وعدد من الدول لاستغلال خيرات إفريقيا.
*لماذا اقتصرت الزيارة الملكية على الحلفاء الأكثر وفاء في القارة الإفريقية (السنيغال، وكوت ديفوار والغابون) كما يسميهم بعض الملاحظين دون غيرهم؟
** يتعلق الأمر بزيارة ثلاث دول مع زمن لا يستهان به في الزيارات الدولية التي قد تتقلص إلى ساعة أو يوم، بيد أن الزيارة الملكية امتدت في الزمن الطويل، وهذا له دلالاته، ولايتعلق الأمر بزيارة الدول الأكثر وفاء، فهناك دول أخرى لها علاقات متميزة مع المغرب كالبوركينافاسو والنيجر وغيرهما، هذه الزيارة مرتبطة أولا بطبيعة الاتفاقات التي تم توقيعها وكذلك بالوضع في الساحل والصحراء، فهي دول تطل على المحيط الأطلسي، والمغرب عضو في منظمة جنوب الأطلسي وهناك تهديدات أمنية كبيرة في المنطقة، فهو اختيار اقتصادي سياسي وأمني.
*إلى أي حد يمكن القول أن الأزمة العالمية التي أرخت بظلالها على دول الشمال أي (أروبا) هي التي دفعت الملك إلى تعزيز تواصله مع دول الجنوب؟
**أوربا الشريك الأول للمغرب، يعاني من أزمة نقدية ومالية ، واتحاد المغرب العربي منكسر الجناح والجارة الجزائر تشيد سورا من حديد بينها وبين المغرب، وموازاة مع هذا تشهد الأسواق الإفريقية نموا كبيرا، وصل في بعض الدول إلى 9% ، هذه إذن فرصة للتوجه بقوة وبسرعة، وفي حضور ظروف اقتصادية مواتية نحو أسواق الجنوب، علما أن هذا من مصلحة فرنسا التي تربط كذلك نمو اقتصادها بالاقتصاديات التي ترتبط بها، والمغرب يملك كفاءات يمكن استخدامها لحضوره الوازن في السوق الإفريقية جنوب الصحراء..
*العديد من المتتبعين يرون أن جولة الملك لإفريقيا أساسها كسب الدعم والمساندة بخصوص قضية الصحراء المغربية، سيما وأنها تزامنت مع جولة كريستوفر للعديد من الدول (المغرب، مريطانيا، الجزائر)، هل من رابط في الأمر ؟
حضور قضية الصحراء في كل التحركات المغربية رسمية أوشعبية أمر ثابت منذ زمن بعيد، الجديد في خطاب روس هو ربطه حل نزاع الصحراء بالوضع في الساحل والصحراء، أي العودة إلى الأسباب الإقليمية التي تؤثر في نزاع الصحراء، لكن روس عوض أن يتوجه إلى الجزائر في مسؤولياتها عن الوضع الكارثي في المخيمات، يريد من المغرب أن يؤدي الفاتورة الجزائرية، وربما هذا أصل الخلاف بين المغرب وروس.
الدول التي زارها الملك محمد السادس مؤخرا خاصة السنغال والكوت ديفوارتشكل دول الجوار ، ولها وزنها في القرار الإقليمي والدولي، يكفي الإشارة إلى أن الرئيس السنغالي ماكي سال، الذي أعلن تأييده للوحدة الترابية المغربية سيستقبله أوباما قريبا في واشنطن وبدعوة من الرئيس الأمريكي، ولا شك أن ملف نزاع الصحراء سيطرح على مائدة الاستشارات بين الرجلين، وفي ذلك إفادة للمغرب.
*لم اعتبرت الجولة الملكية لإفريقيا علامة بارزة في تاريخ المغرب؟
**لأن الزيارة أبرزت البعد الإفريقي للمغرب، وكشفت للجميع داخل المغرب وخارجه أن الصداقة والعلاقات الدينية والفقهية والصوفية تعود على الأقل إلى عشر قرون، فالأمر إذن يحيل إلى الهوية وإلى الوفاء للتاريخ وللقيم الإنسانية والمغربية.
*إلى أي حد يمكن القول أن هذه جولة الملكية كسرت العزلة الدبلوماسية مع إفريقيا؟
**ليست هناك عزلة دبلوماسية للمغرب في إفريقيا، فهو حاضر في كل مؤسسات الاتحاد الإفريقي عدا واجهته السياسية، وبدأ وزراء مغاربة يحضرون ملتقيات على هامش القمم الإفريقية، وهذا الأمر يزعج الحكومة الجزائرية وجنوب إفريقيا، علما أن 11 دولة فقط تعترف ب” الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، وهذا معناه في الخطاب الدبلوماسي دعوة صريحة للمغرب للانضمام للاتحاد الإفريقي.
*يزورالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند المغرب هذه الأيام، فهل من علاقة لهذه الزيارة ، وزيارة الملك لافريقيا سيما وأن الملك زار مستعمرات فرنسا القديمة، وبعض منها علاقاتها متوترة مع فرنسا كالغابون الذي مازال القضاء الفرنسي يبحث في الممتلكات الثابتة والمنقولة التي كان للرئيس السابق عمر بونغو وحكام أفارقة آخرين كرئيس الكونغو برازافيل ساسو انكيسو وغينيا الاستوائية أوبيانغ نغيما قد حازوها في فرنسا، إلى أي حد يمكن القول أن المغرب يمكن أن يكون وسيطا لطي هذه القضية؟
**لاعتقد أن لزيارة هولاند للمغرب علاقة بزيارة الملك لدول إفريقية جنوب الصحراء، والقضاء في فرنسا مستقل عن القرار السياسي وعن السلطة التنفيذية، وتعلمين أن الرئيس السابق ساركوزي وقبله شيراك متابع أمام القضاء.