إن سياسة الباب المفتوح المرنة التي استخدمتها الحكومة التركية مع اللاجئين السوريين منذ بداية الأحداث, والتي كانت ترجع في جانب منها إلى الأعمال الإنسانية كما تدعي الحكومة التركية،بينما في الجانب آخر وهو الأهم, إلى رغبة حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في ممارسة الضغط على الحكومة السورية عبر المنابر الدولية, ثم مد نفوذه إلى سوريا وجميع أنحاء الشرق الأوسط لتحقيق مشروع السلطنة العثمانية الإخوانية. ولكن تبين فيما بعد أن أنقرة في الوقت نفسه لا تستطيع أن تستمر في سياسة اللاجئين التي تتبعها إلى ما لا نهاية؛ فقد اكتظت معسكراتها تماما بهم, كما ورثت هذه الاستضافة لها الكثير من المشاكل على مستوى الشعب التركي نفسه الذي راح يحس بضغط هذا الوجود للاجئين السوريين على مصالحه من حيث المنافسة في العمالة وانخفاض أجورها, وارتفاع إيجار العقارات وأثمانها وغير ذلك من أمراض اجتماعية, فيما يحرز الأسد يومياً تقدما على الساحة ضد أدوات تركيا من المرتزقة، يضاف إلى ذلك تعثر المساعي الدبلوماسية, والإنهيارت المتلاحقة للمعارضة السورية التي كانت تركيا تساندها. ومع استمرار توافد اللاجئين على البلاد وبخاصة مع أزمة كوباني (عين العرب) التي ساهمت حكومة أردوغان في خلقها, والتي أدت إلى هجرة أكثر من 180 ألف لاجئ كردي سوري إلى داخل الأراضي التركية، ثم عدم وجود أية إشارة إلى أن السوريين ربما يعودون طواعية إلى بلادهم في ظل الفوضى السائدة هناك،فلا بد للحكومة التركية هنا من معالجة الوضع القائم للسوريين داخل حدودها, خاصة فيما يتعلق بأوضاع اللاجئين السوريين الذين لم يسجلوا لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أو الحكومة أو الذين لا يعيشون في معسكرات اللاجئين.
أمام هذا الوضع المعقد للاجئين السورين , يبدوا أن تركيا تسعى عبر ورقة كوباني (عين العرب) وهي الورقة الأخيرة التي بقيت لديها من أجل ممارسة الضغط على الأمم المتحدة, ليس للخلاص من الأسد ضمنياً بعد أن شعرت بفشلها ومن معها من الدول المتآمرة على سورية في تحقيق ذلك, رغم إعلانها ذلك بشروطها التي وضعتها لدخولها الحرب ضد داعش, وإنما الهدف لديها من المنطقة الآمنة وبعد تفشي الخطر الداعشي وخروجه عن سلطة تحكم من أوجده, هو تسفير اللاجئين السوريين عندها إلى هذه المنطقة والخلاص منهم بعد أن ورطتهم في مشروع الهجرة ذاته, وذلك تحت ذريعة حجج أخرى وهي, بأن تواجد السوريين في هذه المنطقة الآمنة سيشكل ضغطاً على الحكومة السورية كي تتنازل لشروط المعارضة. والضحية في هذه اللعبة هم الأغبياء من الذين هاجروا إلى تركيا إما غباءً, أو تورطاً بمزاعم ثورة لا تملك من شروط الثورة إلا غباء الثوار ذاتهم.
كاتب وباحث من سورية
لنشرة المحرر
10 اكتوبر 2014