عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

 

ما الذي يحسن بنا أن نفعله، إزاء ما قاله لحسن الداودي في لقاء وكالة المغرب العربي للأنباء: هل نشكره لأنه قال بوضوح « رفعنا- وهو يقصد وزارة حزبه في التعليم العالي- منح الفقراء، لأننا نعول عليهم في التصويت، أم نعلن الفضيحة ونصرخ في القبائل أن الحكومة أجرت ضميرها للريع الانتخابي، ونعلن في الوقت ذاته خوفنا؟
ليكن ما يختار كل واحد.. ، لنشكره ونحن مرعوبين، لأنه فضح التفكير «الاستراتيجي» للحزب الغالب في الحكومة. نشكره ونحن نمعن في الغضب، لأن الفقر أصبح استثمارا سياسيا في الزمن الجديد.
الاستثمار الانتخابي للفقر والفقراء، ليس جديدا، والذي كان يستفيد منه هو نوع من المرشحين ومن الأحزاب التي تضع الفقراء كجنود احتياط اقتراعي، يسعفونها في تطوير دهائها الانتخابي وتقطيع التوزانات السياسية حسب المقاس، وتنتقل بمساعدة الفقر من التزوير المباشر وصناعة الخرائط إلى التزوير القبلي عبر توجيهه ووضعه عرضة للاستغلال..
والفقر هو الحليف الطبيعي للفساد في البلدان التي تشكو من عجز في الثقة.
والتحول الجديد هو أن الداودي يكشف لنا كيف أن الحزب الجديد يضع في خطته المسبقة الاعتماد على الفقراء، عبر منحهم، لكي يستأسد في الانتخابات القادمة.
ويكشف الوزير الداودي كيف أن الرأسمال المادي للدولة يخدم فكرة مسبقة، وأنهم، بدون مواربة، يستخدمون أموال الدولة لمخطط انتخابي واضح، وليس لخدمة مطالب الناس والطلبة..
وقد كان الداودي قد صرح من قبل أن مشكلة المنح ستحل جذريا، ليعود في أقل من 24 ساعة إلى نفي ذلك، بل اعتبر أن الفهم العام لتصريحاته بأنه مؤامرة.
والمنحة، التي وعدنا بأنها ستصبح لدى الجميع، حرص أن يحدد غايته منها: الانتخابات والأصوات..
والسيد الوزير، ليست هذه فضيحته الأولى، بل يمكن أن نجزم، بدون خوف من الخطأ، أن الدخول الجامعي بالنسبة إليه لا يختلف كثيرا عن … الفضيحة.
وزيرنا في التعليم هو الذي سبق أن صرح بأن«البلاد تسير نحو الهاوية». ولم نقف على هذا الوصف الخطير الذي يتجاوز وصف الوزارة، ووصف التجربة السابقة أو اللاحقة، بالرغم من وصف أوضاع المغرب، بأنها تسير نحو الإفلاس، وهذا كلام صعب، لكن لم تكن له من توابع سياسية.
لحسن الداودي بدأ مساره التدبيري بوصف الشهادات الجامعية، وقال لنا بالحرف أن الشهادات المغربية تباع وتشترى في الجامعات المغربية. قنبلة مثل هذه لم تترك أثرا في بلادنا.. فقد كان هذا الكلام مثل إهدار دم كل أصحاب الشهادات، غدا، سيمكن لأي دولة أو أي معهد أن يشكك في شهادات الجامعات غدا، سيشهر أي واحد كلام الوزير، وهو رجل مسؤول ومهم في البلاد، لكي يقول لنا بأن شهاداتكم مطعون فيها، وعليكم أن تثبتوا، فعلا، أنها غير مشتراة من سوق درب غلف. و لن يكون بمقدورنا أن نتحدث عن قيمة الشهادات بما أنها تباع وتشترى. وغدا، ربما، سيعتبر المعطلون المضربون، هم من حملة هاته الشهادات المشبوهة، ولهذا، لا حق لهم في التشغيل.
نفهم الآن، لماذا كان يلعن الشهادات، وشكك في الحاصلين عليها: لأنه في العمق لا ينفق على الطلبة إلا.. من أجل الأصوات،
أما العلم فشأن بعيد عنه.
وبعد ذلك، قال الوزير إنه وقف على عينات رهيبة من الفساد على عهد الوزير السابق. ولحد الساعة اعتبرت الأمور من باب «روي عن الوزير» و مازلنا ننتظر، إما أن يعلن بأنه أحال الملف على الجهات المختصة، أو أنه لم يقل ذلك الكلام بتاتا، وأنه مفترى عليه.
أمامنا تصريحات نارية، وغبار كثير يتطاير .. يطلع من فم السيد الوزير كلما فتحه للحديث عن التعليم العالي، خرجت قنبلة.
الرجل يضع الديناميت تحت لسانه..
ومازال وجهه .. «صحيح».

الخميس 18 شتنبر 2014

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…