كل الدناصير التي يعثر عليها العلماء.. تقيم في بلدانها، وأحيانا تفضل المتاحف على حدائق السينما. في المغرب، يمكن للدناصير أن تكون أضخم ما عرفته الطبيعة.. وتسافر كما في «جوراسيك بارك» فيلم الخيال العلمي.
ولست أدري لماذا لم يختر عبد الإله بنكيران الدناصير للحديث السياسي، عوض التماسيح والعفاريت، لكن من المؤكد أنه يعرف ما يجري لها بعد أن يكون العلماء أو الناس العاديين قد عثروا عليها.
فقد أعلن العلماء في الخميس الماضي أنهم اكتشفوا بين صخور صحراء المغرب بقايا حفرية جديدة لكائن متوحش إفريقي اسمه العلمي (سبيانوسوروس ايجيبتياكوس) يبلغ طوله 15 مترا ويزن سبعة أطنان وهو كشف قد يميط اللثام عن شكل وسلوك الحيوان الذي كان يفترس الديناصورات.
بمعنى آخر، أن بلادنا لا تضم الديناصورات الكبيرة، بل ضمت الذين .. يأكلون الديناصورات، وفوق كل ديناصور .. ديناصور!
وأشارت الدراسة، التي أوردتها وكالات الأنباء ونشرنا بعضها في عدد السبت – الأحد « إلى أنه كان أطول من الديناصور العملاق (تيرانوصور ركس) بواقع 2.5 متر ويضاهيه في الحجم تقريبا. وكائن سبيانوسوروس الذي كان يعيش منذ 95 مليون عام إبان العصر الكريتاسي (الطباشيري) هو النوع الوحيد المعروف بين الديناصورات الذي تحور ليصبح عاشقا للماء والذي يعيش حياة بين البر والبحر».
علاوة على ذلك، فقد كان سبيانوسوروس مفترس الديناصورات الوحيد المعروف الذي يمتلك أربعة أرجل بخلاف ديناصورات لاحمة على غرار(تيرانوصور ركس) و(جيجانوتوصور) بشكلهما التقليدي ذي الساقين.
ولأنه كان يتميز بالقصر النسبي لأطرافه ومتانة بنيته الأمامية ومرونة الذيل والأقدام الخلفية المفلطحة التي ربما كانت ذات أغشية تستخدم للسباحة فربما تمكن سبيانوسوروس من الخوض في المجاري المائية ليقتات على ما شاء من الكائنات البحرية.
وقال نزار إبراهيم عالم الإحياء القديمة بجامعة شيكاجو الذي أشرف على هذه الدراسة التي أوردتها دورية (ساينس) «هذا الحيوان لا يشبه أي مفترس للديناصورات… لا مثيل له في أيامنا إنه يبدو نوعا جديدا تماما من الحيوانات.»
وبث سبيانوسوروس الرعب في منظومة واسعة من المناطق النهرية في شمال أفريقيا تمتد من المغرب وحتى مصر. وقال إبراهيم إنه ربما لم يكن سبيانوسوروس رشيق الحركة على البر لكنه كان يجهز على الديناصورات الأخرى بين الحين والآخر.
إلا أن أسطورة سبيانوسوروس قد بدأت.. وقد ظهر بالفعل في الجزء الثالث من فيلم «حديقة الديناصورات» عام 2001 وهو يلتهم الديناصور العملاق تيرانوصور ركس.
وتغير كل شيء عندما عثر أحد الباحثين المحليين عن الحفريات على هيكل عظمي غير كامل في جنوب المغرب عام 2008 قرب بلدة في الصحراء وبعد تجميع حفريات من مقتنيات عدة متاحف ورسوم لما اكتشفه شترومر ظهر أخيرا شكل سبيانوسوروس في صورته النهائية المكتملة.
إلا أن الأمر لم يكن بهذه السهولة فقد تبخر ما عثر عليه باحث الحفريات في المغرب وخرج من البلاد مما حرم العلماء من معلومات جوهرية.
وعثر على هذا الرجل أخيرا عام 2013 وقاد العلماء إلى موقع الحفريات وعثر على مزيد من الحفريات هناك كما وجد الهيكل العظمي الجزئي المفقود في قبو في مدينة ميلانو الايطالية.
ووصف إبراهيم البيئة المحيطة بسبيانوسوروس بأنها «من أخطر الأماكن في تاريخ كوكبنا.»
ويستفاد من هذا الاستشهاد أن بلادنا كانت بها أخطر الكائنات، وهي من أخطر الأماكن في تاريخ الأرض.
ولهذا نفهم خطورة العيش في المغرب.
ولكن اللافت في قضية الديناصور الذي خرج من المغرب، هو أنه خرج.. ولم يعد.
لكن ديناصوارات المال، الذين هربوا الأموال الطائلة استطاعوا العودة.. بقوة القانون.
فقد أعطتهم الحكومة الأمان بالعودة.. رغم أسنانهم الطويلة وقدرتهم على التهام البلاد.
والحقيقة : إذا كان ديناصور يزن7 أطنان يمكن أن يغادر البلاد، أتساءل كيف لا يمكن للدرهم والسنتيم والأورق النقدية أن تغادر البلاد.
ويمكن أن أجزم أن الديناصور في البلاد، ولو كان حيا تماما، كان بإمكانه أن يغادر مطاراتنا وجماركنا، لقدرة لا يعرف سوى .. الديناصورات حقا.
وأشك أن في القضية تدبير من الحكومة، ومن بنكيران شخصيا: وإلا لماذا أراد أن يبرهن بأن كبير الدناصير يمكنه أن يغادر البلاد بدون علم المسؤولين؟
أراد بذلك دليلا على أن صغار المهربين، الذي يهربون المال الصغير الحجم، يمكنهم أن ينفذوا من بين فتحات الشباك.
ومن المفيد أن نقرأ الفقرة التي يتحدث فيها العلماء عن الديناصور المغربي. يقول العلماء « أن سبيانوسوروس كان ملكا متوجا على المسطحات المائية التي تزخر بأسماك القرش والتماسيح التي يصل طول الواحد منها إلى 11 مترا، فيما كانت الزواحف المجنحة تحوم في المكان والتي تصل المسافة بين طرفي جناحيها إلى سبعة أمتار وعلى البر كان هناك أيضا مفترس الديناصورات المعروف باسم (كراكارودونتوصور) يسعى في البيئة بحثا عن وليمته».
العجيب هو أننا تابعنا باستغراب كيف أن سيدة متزوجة من سلفي كان يقضي عقوبة حبسية دخلت في حقيبة إلى داخل عكاشة، كشيء يشبه السحر. وقارنها بعضنا بما فعله هودني الساحر، الذي أغلقوا عليه صندوقا وخرج منه، وذهب البعض إلى أن تلك حكاية مفبركة، والحال أن السؤال: إذا كان ديناصورا يستطيع أن يغادر البلاد بالرغم من 7 أطنان من العظام، كيف لا تدخل سيدة …إلى الزنزانة في «صاكوش»؟
وتبدو قصة «الساماي» الذي فر من سجن وجده في حقيبة صديقته، بدون إثارة في الواقع، إذا كان الحيوان الأكبر في التاريخ .. طار إلى المجهول.
والحق أن أشياء ثمينة في المغرب تطير، حتى دون أن تكون من الطيور، كما هو حال النيازك التي انهمرت على بلادنا، وجدناها، وإذا بنا نقرأ أنها تحولت إلى .. زينة في خواتم الأعراس في .. بلاد الخارج.
حتي عندما يسقط نيزك في المغرب، نسعى إلى أن نجعله يطير..
ولا أحد يتصرف مع هدايا الطبيعة والطبقات الأرضية بأنها رأسمال ثقافي وثروة وطنية، رغم ملموسيتها تظل لامادية وفي الرصيد الوطني.
عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
16 شتنبر 2014