مصطفى المتوكل / تارودانت
10 شتنبر 2014
يقول تعالى ((ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل اكثرهم لايعلمون )) الزمر
*أنّ للفظ ( المثل )معاني مختلفة في القواميس، كالنظير والصفة والعبرة وما يجعل مثالاً لغيره يُحذا عليه …
…وقال إبراهيم النظّام رحمه الله : يجتمـع في المثل أربعـة لا تجتمع في غيره من الكلام : إيجاز اللفظ ، وإصابة المعنى ، وحسن التشبيه ، وجودة الكناية ، فهو نهاية البلاغة.
وقال ابن قيم الجوزية رحمه الله في الموضوع …”..وقد ضرب الله ورسوله الأمثال للناس لتقريب المراد وتفهيم المعنى وإيصاله إلى ذهن السامع ، وإحضاره في نفسه بصورة المثال الذي مثّل به فقد يكون أقرب إلى تعقّله وفهمه وضبطه واستحضاره له باستحضار نظيره ، فإن النفس تأنس بالنظائر والأشباه وتنفر من الغربة والوحدة وعدم النظير…”
…ومن بين ما اعتمده القران الكريم في التبليغ والتربية وتعليم للناس قاعدة ضرب ” الامثال”..ذلك لانها اسهل من اجل الاستيعاب والفهم سواء من الاميين او المتعلمين او الفقهاء والعلماء فكل منهم يفهم بقدر علمه سطحا وعمقا وروحا …
…قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( نزل القرآن أرباعاً : ربع فينا ، وربع في عدوّنا ، وربع سنن وأمثال ، وربع فرائض وأحكام )…./… وقال : ( قد جرّبتم الأمور وضرّستموها ، ووُعظتم بمن كان قبلكم ، وضُـربت الأمثال لكم ، ودعيتم إلى الأمر الواضح ، فلا يصمّ عن ذلك إلا أصمّ ، ولا يعمى عن ذلك إلا أعمى ، ومَن لم ينفعه الله بالبلاء والتجارب لم ينتفع بشيء من العظة ).
..كما ان الثقافة الشفهية شعرا ونثرا و”ملحونا” حكما واقوالا … نجحت وتفوقت في مجالات التواصل بشكل مبهر في صياغة قوانين فكرية مجتمعية شكلت مدارس مختلفة في كل الازمنة الموغلة في التاريخ القديم والى يومه … بل واعتمد العديد منها في النصوص الدينية المختلفة لانها من الحكم الحاملة لحقيقة المعرفة الصادقة و الحقة ….والمتامل لكتاب كليلة ودمنة و اقوال سيدي عبد الرحمن المجدوب .. ونظم الكثير من الشعراء الشعبيين بالامازيغية او الدارجة سيجد ابوابا وانهارا من الامثال والحكم التي يمكن ان تؤلف حولها كتب ان وضعت في سياقاتها التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ..لكانت مناهج في جامعات تعليم الناس فنون السياسة والاجتماع والتواصل والاستفدة من تجارب الاخرين …
وتختلف درجة الفهم والاستيعاب لدلالات ومعاني الامثال والحكم من شخص الى اخر حسب ادراكه ومعرفته وقدراته في الاستيعاب وحجم وعائه… فمنهم من يدرك بذلك غرف قدر قطرة ماء فقط .. ومنهم من يدرك بفهمه قدر انهار …ومنهم من لايعي شيئا او يرفقه باصدار احكام تتهم بالجهل صاحب المثل وكل من فهمه.. وقد يجد لجهله ذاك انصارا واتباعا ومنظرين …
.. وفي مثل هذا ضرب الله المثل القراني التالي : ” أنزل من السماء ماءً، فسالت أودية بقدرها، فاحتمل السيل زبداً رابياً “.سورة الرعد..
..”قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : قوله تعالى : ( أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها ) هذا مثل ضربه الله ، احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكها ، فأما الشك فلا ينفع معه العمل ، وأما اليقين فينفع الله به أهله . وهو قوله : ( فأما الزبد فيذهب جفاء ) [ وهو الشك ] ( وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) وهو اليقين ، وكما يجعل الحلي في النار فيؤخذ خالصه ويترك خبثه في النار; فكذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك …”