الخطاب السلفي وتحطيم العقل- قراءة وقراءة نقدية في الفكر السلفي
(القسم الثاني- قراءة نقدية في الفكر لسلفي (19من 28)
د.عدنان عويّد
(تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون” (البقرة 134).
الموقف الجبري للأشاعرة السلفية:
تنسب هذه الفرقة إلى أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري, المولود في البصرة عام 260 هجري والمتوفى في بغداد عام 324 هجري كما تذكر بعض المصادر التاريخية. لقد أقام الأشعري على عقائد المعتزلة لمدة أربعين عاماً, ثم أعتزل الحياة العامة خمسة عشر يوماً, وخرج على الناس معلناً في المسجد تخليه عن عقائد المعتزلة, ثم ابتدأ بالرد علىيهم ونقض آرائهم ومعتقداتهم. وعلى أساس أفكاره الجديدة قامت فرقة الأشاعرة, وهي أفكار تتعلق بمسألة الاعتقاد, أما ما يتعلق بالفقه فقد التزم الأشعري بمذهب الشافعي .وابن حنبل. وهذا ما أكده أبو الحسن الأشعري ذاته بقوله: ( قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها هي التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل, وسنة نبينا محمد (ص), وما روي عن السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث, ونحن معتصمون بما يقول به أبو عبد الله أحمد بن حنبل, ولما خالف قوله مخالفون.). (71).
وبالرغم من أنه قد خرج قليلاً عن الفكر السلفي التقليدي في صيغته الشافعية الحنبلية. أي أهل السنة والجماعة, في بعض القضايا مثل: تعويله على العقل والجدل وعلم الكلام (النظر) في صفات الله ومسائل القدر والغيب, وكذلك تقديمهم العقل عند المتأخرين من الأشاعرة بما يسمونه “القواطع العقلية” – على النقل “الكتاب والسنة”, في أمور الغيب ومسائل الاعتقاد, وفي مسائل صفات الله تعالى. ويأتي على رأس القضايا الخلافية, الموقف الأشعري من الجبر وطرحه لنظرية الكسب. بيد أن الحقيقة في أمر اختلاف الأشاعرة في نظرتهم لنظرية الجبر التي يقول بها أهل السنة والجماعة, تقر بأن هذا الاختلاف لم يتجاوز حدود الشكل في الطرح وليس في المضمون. فعندما أراد الأشاعرة الخروج ولو قليلاً عن هذا الموقف الجبري في قولهم بنظرية ” الكسب” لم يستطيعوا أن يتجاوزا الخطوط الحمراء للجبر السلفي. هذه النظرية التي تقول: (إن الخلق المستمر بالنسبة لأفعال الإنسان, هو من قبل الله عز وجل. أي أن كل فعل من أفعال الإنسان هو من عند الله .أو بتعبير آخر. (الكسب هو الاقتران العادي بين القدرة المحدِثة من قبل الله والفعل الإنساني. فإن الله تعالى أجرى العادة بخلق الأفعال عند قدرة العبد وإرادته لا بهما, فهذا الاقتران هو الكسب. ). (72). وهم هنا ينفون السببية في أحداث الطبيعة, وهذا يعني عندهم القول بنفي أي تأثير للقدرة الإنسانية في الفعل.
يذكر الشهرستاني عن أبي حسن الأشعري قوله في هذا الاتجاه: (إن الإنسان ليس يقدر على شيئ, ولا يوصف بالاستطاعة, وإنما هو مجبور في أفعاله, لا قدرة له ولا اختيار, وإنما يخلق الله الأفعال فيه على حساب ما يخلق سائر الجمادات.). (73). وبهذا يظل السؤال المشروع يطرح نفسه هنا وهو: إذا كانت القدرة الإنسانية عند الأشاعرة وفق نظرية الكسب ليس لها أي تأثير في الفعل فما معنى وجودها أصلاً؟. وهذا السؤال أجاب عنه بكل دقة في الحقيقة ابن تيمية بقوله : (ليس بين الأشاعرة وبين جهم بن صفوان في قوله بالجبر الخالص إلا اختلافاً لفظياً.). (74). بينما نرى المعتزلة يقولون في مسألة القدر : (إن أفعال العباد من تصرفهم وقيامهم وقعودهم حادثة من جهتهم, وإن الله عز وجل أقدرهم على ذلك. أي منحهم القدرة. ).
عموماً إن الأشعري وبسبب تأثره العميق بالفكر ألمعتزلي الذي اشتغل عليه أربعين عاماً, حاول أن يستفيد من مخزونه الثقافي ألمعتزلي في مسألة التوفيق بين العقل والنقل, والحديث والبرهان, فلم يفلح, حيث ظل ميله أكثر إلى أهل السنة والحديث. بل أستطيع القول إن الأشاعرة باستخدامهم العقل على الطريقة التي جئنا عليها أو التي اشتغلوا عليها, قد خدموا الفكر الجبري السلفي بطريقة مدهشة. وأحب هنا أن أعطي مثالاً معاصراً لما قلت. ففي إحدى ندوات الشيخ البوطي التلفزيونية على الفضائية السورية كان يتحدث بطريقة الجدل المنطقي الأرسطي في المقارنة بين دور الغريزة والعقل بالنسبة للمؤمن, وأهمية اعتماد المؤمن على غريزته بدلاً من عقله. قائلاً: (لو أتينا بحمار وحاولنا أن ندخله مياه النهر لرفض الحمار الدخول مستشعراً الخطر بفعل الغريزة. ولو جربنا هذا الأمر مع الإنسان, لوجدنا الإنسان يجري محاكمة عقلية بين الدخول أو عدمه, وربما بعد المجادلة العقلية يدخل ماء النهر وهو لا يجيد السباحة, وفي مثل هذه الحالة سيغرق. وبناءً على ذلك يكون في اعتماده على عقله قد أوقع نفسه بالتهلكة, في الوقت الذي نجا فيها الحمار من الغرق بفعل الغريزة التي جعلها الله هداية للخير بشكل فطري. هذا هو مجال استخدام العقل عند الأشاعرة. !!!. فالعقل هنا يأتي خادماً لتأكيد النص المقدس في دلالاته كما رأتها السلفية, وليس حاكما عليه, أي يفتح النص على دلالات أخرى يراها المجتهد باعتماده على العقل. أي إن العقل عند الأشاعرة يستخدم لتثبيت ما هو منقول, وليس للحكم عليه وإشغال العقل فيه وفتح دلالاته على تطور حوادث الواقع. إنها دعوة لاستقالة العقل الإيجابي نهائياً وتفضيل العقل الشقي السلبي الذي ليس عليه إلا إثبات صحة ما جاء في النص المقدس وفق ما أجمع عليه أهل السلف. ومع ذلك فقد أصبح فكر الأشعري مذهباً عاماً لأهل السنة في الأصول, وهو اليوم الأكثر انتشاراً وقبولاً في الساحة العربية والإسلامية لما يتسم به – حسب رأي رجال الدين من أتباعه – بالوسطية أمام الفكر الوهابي السلفي بشكل عام, والجهادي منه بشكل خاص, بالرغم من أن قضية الوسطية لم تحدد منهجياً عند الأشاعرة, وربما جاءت هذه الوسطية لموقف الأشاعرة من قضية الآيات المتشابهات ومن ضمنها الصفات, حيث كانوا وسطاً بين الفرق والمذاهب الإسلامية في هذا الاتجاه, لتمييزهم وفصلهم مابين الصفات العقلية والصفات الخبرية. ففي الوقت الذي ينكر فيه المعتزلة مثلاً الصفات, أي يقولون بالتعطيل, , حيث كان يقول زعماؤهم وعلى رأسهم واصل بن عطاء :إن إثباتها يؤدي إلى تعدد القدماء, وذلك شرك، وإن من أثبت لله معنى وصفة قديمة فقد أثبت إلهين. نجد مذاهب أهل السنة والجماعة تقر هذه الصفات وتؤكد ضرورة إثبات الصفة دون البحث عقلياً عن معناها, أو كيفيتها, وهذا يسمى عندهم تفويضاً محموداً, (والتفويض يعني أن تأخذ تفسير النص المتشابه بظاهرة لا بكيفيته مع تأكيد دور اللغة العربية في مجازاتها وبيانها على إظهار دلالات النص المتشابه بما يتفق وقدسية الله عز وجل ومكانته. أو بتعبير آخر, صرف النظر عن ظاهر النص الراجح إلى احتمال المرجوح مع وجود دليل (قرينة) يقترن باللفظ فيصرفه عن ظاهره. أما الأشاعرة فقد اتخذوا موقفاً وسطاً من الصفات عندما قسموها بين صفات عقلية أو معنوية, وأخرى خبرية أو سمعية. ففي الوقت الذي أقروا فيه ارتبط الصفات العقلية بالله, وهي صفات ( الحياة والخلق والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام), إلا أنهم أنكروا تجسيد الصفات الخبرية أو السمعية على الله كصفة (الاستواء والنزول والإتيان والمجيء.. وغيرها), وعملوا على تفسير دلالاتها وفقاً لحالة (التفويض) التي جئنا عليها, وهم هنا يكادون أن يكونوا وسطين في هذه المسألة العقيدية.
أما بالنسبة لمسألة ظهور فكر أبي الحسن الأشعري ذي النزعة السياسية المبطنة أو المضمرة في العصر الوسيط الإسلامي, فقد جاء موافقاً للخط السياسي العام للسلطة الحاكمة آنذاك, وليلتمس معين الشرعية في فعل السلف وما ينسب إليهم من إجماع على اختيار أبي بكر والخلفاء الراشدين من بعده ومن جاء بعدهم, وذلك لنفي مقولة المعارضة الشيعية القائلة بالوصية لعلي وأبنائه من بعده.
إن الموقف السياسي لأبي الحسن الأشعري من خلافة أبي بكر وعلي وتأكيده على مسألة الإجماع. ورد في كتابه (الإبانة) في باب إسمه “إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه”, فبعد أن أثنى على الذين بايعوا الرسول تحت الشجرة يقول : ( “لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة”. لقد أجمع هؤلاء الذين أثنى الله عليهم ومدحهم على إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وسموه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبايعوه وانقادوا له وأقروا له بالفضل, وكان أفضل الجماعة في جميع الخصال التي يستحق بها الإمام في العلم والزهد وقوة الرأي وسياسية الأمة وغير ذلك…. وإذا وجبت إمامة أبي بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب أنه أفضل المسلمين رضي الله عنهم.).(75). وهو بقوله هذا يريد الوصول إلى تأكيد مسألة كانت على درجة عالية من الحساسية فيما يتعلق بالصراع على السلطة بين البيتين العباسي والعلوي, وهي تأكيده على أن أبا بكر كان أفضل من علي بن أبي طالب من جهة, ثم ضرب فكرة الوصية التي أتبنا عليها قبل قليل من جهة ثانية. ويكون بذلك قدم خدمة للسلطة السياسية العباسية الحاكمة آنذاك, والتي كانت تعاني من الخطر الشيعي عليها بعد أن استفحل أمر الشيعة في منافستهم للسلطة العباسية القائمة, في المرحلة التي عاشها فيها أبو الحسن الشعري, وهي فترة ظهور الحركة القرمطية.
أما ابن تيمية فله آراء كثيرة في مواقف أبي الحسن الأشعري وقربه الشديد من الحنابلة, نقتطف منها هذا الموقف كما ورد في مقال للشيخ عبد الباسط يوسف غريب عن كتاب (مجموع الفتاوى 3/ 228), نشره في موقع ملتقى أهل الحديث تحت عنوان (إنصاف شيخ الإسلام ابن تيمية للإمام الأشعري والأشاعرة ) , حيث يقول عن أبي حسن الأشعري وخاصة في حرصه على تأليف القلوب بين الحنابلة والأشاعرة: (والناس يعلمون أنه كان بين الحنابلة والأشعرية وحشة ومنافرة. وأنا كنت من أعظم الناس تأليفا لقلوب المسلمين, وطلبا لاتفاق كلمتهم, وإتباعا لما أمرنا به من الاعتصام بحبل الله, وأزلت عامة ما كان في النفوس من الوحشة , وبينت لهم أن الأشعري كان من أجل المتكلمين المنتسبين إلى الإمام أحمد رحمه الله ونحوه المنتصرين لطريقه كما يذكر الأشعري ذلك فى كتبه.).
وهذا أبو إسحاق الشيرازي يقول في الأشاعرة: (إنما نفقت الأشعرية عند الناس بانتسابهم إلى الحنابلة, وكان أئمة الحنابلة المتقدمين كأبي بكر عبد العزيز, وأبى الحسن التميمى, ونحوهما يذكرون كلامه فى كتبهم. بل كان عند متقدميهم كـ “ابن عقيل” عند المتأخرين, .لكن ابن عقيل له اختصاص بمعرفة الفقه وأصوله, وأما الأشعري فهو أقرب إلى أصول أحمد من ابن عقيل واتبع لها, فإنه كلما كان عهد الإنسان بالسلف أقرب كان أعلم بالمعقول والمنقول).
أما الإمام تاج الدين السبكي فيقول في كتابه (معيد النعم ومبيد النقم). (ص62) عن الأشاعرة وموقفهم المعادي للفلاسفة العقلانيين, كما جاء في موقع: (أنصار السنة في بحث بعنوان: (الأشاعرة والوهابية بين الإتباع والابتداع ) :
(إن أبا الحسن الأشعري لم يبتدع رأيا ولم ينشئ مذهبا بل هو مقرر لمذهب السلف, وإنما أقام الحجج العقلية عليه فقط ردا على الفلاسفة والعقلانيين, حتى رد كيدهم, فصار المقتدى به “الأشعري” إماماً عند الجميع, وكل من تبعه من أهل السنة والجماعة سموا بالأشاعرة من الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة. وبعد هذا فإن الأشاعرة نسبة تشمل جماهير علماء الأمة من المحدثين والمفسرين والفقهاء والمتكلمين.).
وللإمام البيهقي رأي أيضاً في أبي الحسن كما ورد في المصدر ذاته يقول فيه :
(إلى أن بلغت النوبة إلى شيخنا أبي الحسن الأشعري رحمه الله فلم يحدث في دين الله حدثا، ولم يأت فيه ببدعة، بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في الأصول فنصرها بزيادة شرح وتبيين، وأن ما قالوا به وجاء به الشرع في الأصول صحيح في العقول، بخلاف ما زعم أهل الأهواء من أن بعضه لا يستقيم في الآراء، فكان في بيانه تقوية لأهل السنة والجماعة ونصرة للأئمة الكبار أبي حنيفة وسفيان الثوري من أهل الكوفة والأوزعي وغيره من أهل الشام ومالك والشافعي وأحمد والليث والبخاري … رضي الله عنهم أجمعين (.
إذاً إن أراء ابن تيمية, وأبو اسحق والشيرازي, والإمام البيهقي, والإمام تاج الدين السبكي, وغيرها الكثير, تؤكد لنا أن الأشاعرة والحنابلة و بالتالي الوهابية, كلهم يصبون في خانة واحدة فكرياً, وإن وجد اختلاف بينهم فهو في مسائل جزئية تتعلق غالباً في تفسير بعض العقائد وبخاصة مسألة الصفات, وأن الخطورة في توافقهم تأتي في اعتبار أنفسهم جميعاً من أصحاب الفرقة الناجية وما عداهم كفرة وزناديق وملاحدة شرعاً, وقد بينا في موقع سابق من هذا البحث ما هاهي العقوبات التي حددوها هم لهذه الفرق الضالة. وبالتالي فأنا أجد أن حالة التوافق مابين فكر القاعدة بكل فصائلها ومنهم داعش والنصرة, لا تخرج عن أصول ومنهج هذا الفكر, بل هي من صلب هذا الفكر, والخلاف بينهما هو اختلاف في تقسيم لأدوار لا غير, فالقاعدة بفصائلها تتخذ من الجهاد أسلوباً لتجسيد قيم ومنهاج الفكر السلفي, والحنابلة والوهابية والأشاعرة يستخدمون الجانب الدعوي السلمي من أجل غسيل العقول وتحطيمها وجعلها قابلة لاستيعاب ما تقوم به الفصائل الجهادية وكأنه أمر مشروع, وهذا ما وجدناه في سورية ومصر ولبنان والعراق, حيث وجدت هذه الفصائل الجهادية الحواضن الاجتماعية والفكرية لها ولحركتها في هذه البلاد.
كما يتبين لنا كيف أن الأشاعرة هم من ألد أعداء العقل وأصحابه من الفلاسفة, حيث قام أبي الحسن بالرد على الفلاسفة والعقلانيين , كما قام بالرد ذاته تلميذه أبو حامد الغزالي في تهافته. وهنا لا تستغرب أيضاً كيف وقف هؤلاء الأشاعرة في سورية ضد المفكرين العقلانيين والعلمانيين بقيادة الشيخ البوطي ومدرسته لمدة ثلاثين عاماً, حتى أقصوهم نهائياً عن الساحة الفكرية والثقافية في سورية وعلى رأسهم الطيب تيزيني وجلال صادق العظم الذين فرض عليهم هذا الحصار- أي العلمانيين والعقلانيين- أن يتحول قسم كبير منهم إلى معارضة في هذه الأزمة.
أما دور الأشاعرة في الساحة السياسية العربية والإسلامية المعاصرة, بعد أن أصبح لفكرهم هذا الانتشار الواسع, فهو محاربة العقل على حساب النقل, ونشر وتسويق الفكر الجبري خدمة للسلطات الحاكمة في العديد من الدول العربية والإسلامية التي وجدت في تيارهم ألمدخلي, سلاحاً لا يستهان به من أجل تسويق سلطاتهم شعبياً, رغم أن هذه العقلية غالباً ما تتحول إلى بركان يحرق كل ما هو أخضر ويابس في البلاد, لأن في جوهره رفض لكل ما هو جديد وتقدمي وحضاري يعلي من شأن عقل الإنسان وكرامته وحريته وإرادته, وبالتالي الانتقال به من عالم الفطرة (الغريزة) إلى عالم العقل والإرادة .
فالأشاعرة إذاً ليسوا مبتدعين في شئ, وهم الأكثر تقيداً من كل الأئمة بالمذهب السلفي .
أما مسألة الخلاف بين الوهابية والأشاعرة كما يراها البعض, فقد حددها مقال بعنوان (الأشاعرة والوهابية بين الإتباع والابتداع), (موقع: (أنصار السنة), جاء فيه : (وهنا نلاحظ أن الأشاعرة هم المتبعون للسلف الصالح وأن الوهابية قد خالفوا السلف الصالح وقدموا رأي ابن تيمية عليه كما فعل “ابن عثيمين” في رده لمنهج السلف كما بينه “ابن قدامة” في شرحه “للمعة الاعتقاد” وقال أنه تفويض وهذا ما لم يقبله ابن تيمية. ولهذا نجد العلامة “الحافظ القرطبي” يؤكد على منهج السلف ذلك ويبين أن جمهور السلف يفوضون المتشابهات والبعض من يؤولها بحسب سياقاتها, وأن منهج المجسمة هو أخذ المتشابهات على ظاهرها ومنع التأويل وهم بهذا مبتدعون ضالون يعبدون صنما لا إله … )
وهو يعني بالمجسمة هنا (الوهابية) الذين يرفضون مسألة التفويض, ويقرون بوجوب اخذ المتشابهات على ظاهرها ومنع تأويلها. ويكون التشبيه هنا: إذا قال يد كيد, أو مثل يد, أو سمع كسمع, أو مثل سمع. فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه.
كاتب وباحث من سورية
لنشرة المحرر / 4 شتنبر 2014