إلى عمر المتوكل الساحلي
بقلم /حسن إغلان
مالذي وضعني قبالة هذه المدينة التي أحببت فيها الأصل والبداية؟ هل هي عودة النسخة إلى الأصل أم هي حكاية جديدة تدفعني للكلام.الكلام لا يعني بداية الصمت ولا حتى نهايته.الكلام قرين الصمت والمدينة صامتة كتمثال من شمع.لايحيل المثال إلى حكاية لوط،ولا إلى زوجته التي خانت ما اتفق عليه وأصبحت تمثالا من شمع.ولكن في الحديث عن صمت المدينة،وبالضبط الحديث عن النسيان.ولعل هذه الأخير هو إيقاظ الذكرى من جبل .الجبال تحيط بالمدينة كأنها تحرس صمتها ،يندفع الصمت بقوة على البياض أكتب عليه قليلا وأترك النقط الإطار لرسام قادم .أو لشيخ تعرفت عليه زمان.وقرأت عنه خلسة من عيون المتلصصين وعيون البوليس السري.لكن حين كبرت التقيت به في بيته.كان يفيض طيبة ونورا الهيا،وفي نفس الوقت يحمل عذابات الماضي في المعتقلات السرية اي حين ما كانت المدينة تفتخر بصمتها.كأنه الحزام الذي يشد سرتها كي لا تنفضح مات الشيخ وترك اثره في الصور والذكريات .نسته المدينة والزاوية ولم ينسه شرفاء هذا الوطن الذين يودعوننا دون أن يستأذنونا ،ترك الشيخ ذاكرته على السور الذي يحوط المدينة.
في السنة الماضية التقيت عمر الساحلي في الجيل قال لي لا تثق في هؤلاء،إنهم يسرقون الروح ويقدمونها قربانا للسماسرة ،قلت في داخلي ربما أن الشمس غطته من كل الجوانب ،ولم يعد يعرف ما يقوله.ربما يهذي،في الأيام الأخيرة قبل سقوط السنة الأخيرة من يومية الزمن صدقت أيها الشيخ.
تحيط بالمدينة الجبال .إنها تحرسها من الغريب القادم من الغرب.لا ثقة فيه،هكذا سمعت من الكبار حين كنت صغيرا واحتطت من الغريب كأنه مرتع الشر.إلا أن الأيام والزمان غيروا النظرة وأضحى الجبل بناسه موقعا للشر.هل أبدأ الحكاية أم أدخل ثنائية الشر والخير لأرقص قليلا بينهما،أبحث عما يجمعهما ويفرقهما أو بالأحرى عن تلك الخطوط التي تنزلق بينهما،تعطي المعنى وتمحوه تقدم العبارة لتنصهر في الإشارة .في هذا الخليط.أبحث عما تبقى من حواس أجلس في مقهى أسراك.أتملى أهل الجبل وهم يهرولون ،ويدورون على خبزة ما ،يأكلون ويشربون ويسترون عوراتهم بالنميمة ،نساء يغطين وجوههن بالحيك ،وينظرن بعين واحدة بينما العين الأخرى تركنها في الجبل .أدندن قليلا.أحتسي كأس شاي وأبحث عن المعنى في الحواشي،يستدعيني الشيخ عمر كي أدخل الباب الثامن من المدينة.أبحث عنه فلا أجده إلا في الذكريات البعيدة .في المدينة سبعة أبواب .كل باب يدخلك متاهة الحكي .إلى فقيه أخرس ،يكتب على آنية بيضاء كلام الله بالسمق ويشربها ،من غطته أمه بقماط أخضر .بينما الآخر يراود طفلا كي يتصل بالملائكة .وفقيه ثالث يقرأ اللطيف على عتبة الباب الثالث وفقيه رابع يقف قبالة المحكمة ليبيع شهادة الله لمن يدفع له قليلا من المال ذلك فيه أجر عظيم،وفقيه خامس يشاكس مقدم الحومة ويدرس لتلامذته تلبيس إبليس والروض العاطر في نزهة الخاطر وفقيه سادس ينظم الحفلات كي يدخل البرلمان وفقيه سابع أغرته امرأة إلى حد ضياع لسانه.
الابواب السبعة مقفلة بفقهائها.ألهذا قال لي الشيخ الجليل الباب الثامن.من أين أدخلهم من الشمال أم من الجنوب من الغرب أم من من الشرق في الليل أم في النهار ؟أشار بيده اليمنى نحو وجهة وتركني في الغياب أحاول عبثا جمع الذكريات. تركته دون أن أقول له ما أنا به وما جئت إليه ،ولأحدثه عن هروب الأولاد من المدينة،ولا حتى خروج أهل الجبل إلى الغرب كي يرسلوا لأهلهم الخبز اليابس ونشيد الروايس في سبيل حراستهم للتراب والشمس.
الحكاية لم تبدأ.الحكاية بدأت في غفلة مني وأنا مرفوع بالمفارقات كأني لأول مرة أعرف أهل البلد في ذاك الجبل الذي تسكنه الخرافة.لأول مرة أعرف أن فقيها يقول شهادة الزور أمام الله والمحكمة،الصورة لم تكتمل وحتى إذا اكتملت فان هذا الحدث البسيط يضعك أمام الخرافة،نحاول عبثا فك رموزها.اقطف الرمز الأول من شجرة الخروب وأضع الحرف الثاني في الصبار والحرف الثالث أغرسه تحت شجر اللوز بينما الحروف الأخرى مشتتة في الفضاء المكان الذي يريدون سرقته من دون حساب الدم والقرابة والله ،ألهذا قال لي أحد المطرودين من الجبل أن الله يعاقبهم .قلت كيف؟قال إن المطر لم ينزل بعد وأهل الجبل ينتظرون المطر كي يأكل النحل من الشجر وتختفي الأفاعي والعقارب والحشرات الأسطورية من المكان هل نصدق هذا البدوي وقلت في داخلي ما قاله فولتير لامرأة ما:إذا كنت تكذبين على الله فهذا شأنك ولكن إياك أن تكذبي على الإنسان إن هذا القول هو حجرة ما بنى به الأوربي دولته الحديثة بينما نحن أهل الجبل لا نملك غير الصوت أو بالأحرى نحن الظاهرة الصوتية التي تكذب على الله والإنسان دون معرفة العواقب ،حملت شكايتي إلى الشيخ الجليل قال لي لا تحزن يا بني فأولئك أهلك وأبناء عمومتك سيندمون ذات شتاء حين يبردون ولا يجدون من يغطيهم سيلجأون إليك لا ترفضهم ،خذ بأيديهم وقل لهم كلاما جميلا ،قلت له يا أبي عمر أنت الآن شاهد على ما أقول والرشوة التي حاربتها ونحاربها اليوم أضحت عملة في التبادل الرمزي والمادي بين الناس من القانون إلى العرف بين القبيلة والمخزن قال لي تيأس فيأسك انتصار للسماسرة وقطاع الطرق الجدد في كل دواليب الدولة.
أبحث عن الباب الثامن دون أن أنسى الأبواب الأخرى ،أمر على زنقة الحشيش لعلي أدوخ بالاستعارة والمجاز فلا أجد غير رجل فاسد يحرص الجبل ويبحث عن طريق لامتلاك السماء يبحث عن شهود الزور .يلجأ بنفسه إلى العدول ويكتب بنفسه السماء التي تغطي الجبل يقول لأهله هذه العين لي ،هذا الشلال في ملكيتي فمن أراد منكم أن يشرب فليركع أمامي وإلا تركته عطشانا إلى حدود موته سأدفنه بدون كفن وأطلب من فقهاء الدوار أن يصلوا عليه ركعة واحدة أو نصف ركعة ويطلبوا الله أن يعذبه في القبر كي يرى ما تبقى من هؤلاء ما ينتظره هكذا قال السمسار الفاسد دون خجل ذات صباح ،في المساء يبحث عن امرأة لينام معها في الخلاء ،أو يحملها إذا كانت محظوظة إلى أكادير .هو يعرف أن كل شئ يباع ويشترى .أنا الآن أريد فضح هذه الجرو التابع لأوهامه أشكره لأنه أهداني رواية سأكتبها حين يستيقظ في الصباح مكسر الخاطر .أو حين تنط عليه الكوابيس من كل مكان كتلك الأرملة التي سرق أشجارها بالتزوير أو ما سرقه من ذهب من المسجد أو…دع المستور مختفيا بين الجبلين وأترك الشمس اللهيبة تقضم أظافره بمهل ها أنا الآن منسل من أوهامه ولن أتراجع مما أفكر فيه ربما سيرضى الشيخ الجليل بما أقوم به هو حارب المفسدين الكبار بالمدينة والعاصمة وأنا مثله تماما أحمل قنديله كي أرى الطريق وانضم إلى جبهة الأمل كي نفضح ما كثر من المفسدين لا أريد أن أعود إلى تارودانت بمزاج مكدر،لا أريد سوى أن أحضنها مثلما تحضنها الجبال التي تحيط بها ،لا أريد أن أقول للذين أعرفهم في المدينة أنها تغيرت مثل تغير البلاد تماما .أعود إلى مدينتي أتوقف قليلا في محطة الحافلات .أصعد إلى حافلة ما وأرى المغرب بالألوان كما لو كنت أشاهد حلقة من حلقات البرلمان العجيب .يصعد فقيه يبيع كتب الصلاة والحمدلة والمعوذتين و»رجوع الشيخ إلى صباه» ليدخل آخر يعرض إعاقته وآخر يهدد الراكبين وآخر يسرد قصته في أفغانستان والعراق وطفلة تبحث عن صورة قبحها في الحافلة وطفل يبيع الكتب المصورة كتب الجنس الرخيص وآخر يدعوا الراكبين ويمطرهم الوعد والتهديد وآخر يعرض العذاب في القبور وآخر يرقص ويبحث عن جيب مثقوب كي يخيط ثقبه بأنامله السريعة والسمسار الفاسد يقدم شهوده كما لو كان يلعب لعبة الخيل.
أخرج من المدينة وأودع الذين استقبلوني بالحب والقبل والطريق بعيدة والأمل يجرني إلى الشيخ الجليل كي يحدثني عن ذاكرة النسيان وأشياء أخرى.
في السنة الماضية التقيت عمر الساحلي في الجيل قال لي لا تثق في هؤلاء،إنهم يسرقون الروح ويقدمونها قربانا للسماسرة ،قلت في داخلي ربما أن الشمس غطته من كل الجوانب ،ولم يعد يعرف ما يقوله.ربما يهذي،في الأيام الأخيرة قبل سقوط السنة الأخيرة من يومية الزمن صدقت أيها الشيخ.
تحيط بالمدينة الجبال .إنها تحرسها من الغريب القادم من الغرب.لا ثقة فيه،هكذا سمعت من الكبار حين كنت صغيرا واحتطت من الغريب كأنه مرتع الشر.إلا أن الأيام والزمان غيروا النظرة وأضحى الجبل بناسه موقعا للشر.هل أبدأ الحكاية أم أدخل ثنائية الشر والخير لأرقص قليلا بينهما،أبحث عما يجمعهما ويفرقهما أو بالأحرى عن تلك الخطوط التي تنزلق بينهما،تعطي المعنى وتمحوه تقدم العبارة لتنصهر في الإشارة .في هذا الخليط.أبحث عما تبقى من حواس أجلس في مقهى أسراك.أتملى أهل الجبل وهم يهرولون ،ويدورون على خبزة ما ،يأكلون ويشربون ويسترون عوراتهم بالنميمة ،نساء يغطين وجوههن بالحيك ،وينظرن بعين واحدة بينما العين الأخرى تركنها في الجبل .أدندن قليلا.أحتسي كأس شاي وأبحث عن المعنى في الحواشي،يستدعيني الشيخ عمر كي أدخل الباب الثامن من المدينة.أبحث عنه فلا أجده إلا في الذكريات البعيدة .في المدينة سبعة أبواب .كل باب يدخلك متاهة الحكي .إلى فقيه أخرس ،يكتب على آنية بيضاء كلام الله بالسمق ويشربها ،من غطته أمه بقماط أخضر .بينما الآخر يراود طفلا كي يتصل بالملائكة .وفقيه ثالث يقرأ اللطيف على عتبة الباب الثالث وفقيه رابع يقف قبالة المحكمة ليبيع شهادة الله لمن يدفع له قليلا من المال ذلك فيه أجر عظيم،وفقيه خامس يشاكس مقدم الحومة ويدرس لتلامذته تلبيس إبليس والروض العاطر في نزهة الخاطر وفقيه سادس ينظم الحفلات كي يدخل البرلمان وفقيه سابع أغرته امرأة إلى حد ضياع لسانه.
الابواب السبعة مقفلة بفقهائها.ألهذا قال لي الشيخ الجليل الباب الثامن.من أين أدخلهم من الشمال أم من الجنوب من الغرب أم من من الشرق في الليل أم في النهار ؟أشار بيده اليمنى نحو وجهة وتركني في الغياب أحاول عبثا جمع الذكريات. تركته دون أن أقول له ما أنا به وما جئت إليه ،ولأحدثه عن هروب الأولاد من المدينة،ولا حتى خروج أهل الجبل إلى الغرب كي يرسلوا لأهلهم الخبز اليابس ونشيد الروايس في سبيل حراستهم للتراب والشمس.
الحكاية لم تبدأ.الحكاية بدأت في غفلة مني وأنا مرفوع بالمفارقات كأني لأول مرة أعرف أهل البلد في ذاك الجبل الذي تسكنه الخرافة.لأول مرة أعرف أن فقيها يقول شهادة الزور أمام الله والمحكمة،الصورة لم تكتمل وحتى إذا اكتملت فان هذا الحدث البسيط يضعك أمام الخرافة،نحاول عبثا فك رموزها.اقطف الرمز الأول من شجرة الخروب وأضع الحرف الثاني في الصبار والحرف الثالث أغرسه تحت شجر اللوز بينما الحروف الأخرى مشتتة في الفضاء المكان الذي يريدون سرقته من دون حساب الدم والقرابة والله ،ألهذا قال لي أحد المطرودين من الجبل أن الله يعاقبهم .قلت كيف؟قال إن المطر لم ينزل بعد وأهل الجبل ينتظرون المطر كي يأكل النحل من الشجر وتختفي الأفاعي والعقارب والحشرات الأسطورية من المكان هل نصدق هذا البدوي وقلت في داخلي ما قاله فولتير لامرأة ما:إذا كنت تكذبين على الله فهذا شأنك ولكن إياك أن تكذبي على الإنسان إن هذا القول هو حجرة ما بنى به الأوربي دولته الحديثة بينما نحن أهل الجبل لا نملك غير الصوت أو بالأحرى نحن الظاهرة الصوتية التي تكذب على الله والإنسان دون معرفة العواقب ،حملت شكايتي إلى الشيخ الجليل قال لي لا تحزن يا بني فأولئك أهلك وأبناء عمومتك سيندمون ذات شتاء حين يبردون ولا يجدون من يغطيهم سيلجأون إليك لا ترفضهم ،خذ بأيديهم وقل لهم كلاما جميلا ،قلت له يا أبي عمر أنت الآن شاهد على ما أقول والرشوة التي حاربتها ونحاربها اليوم أضحت عملة في التبادل الرمزي والمادي بين الناس من القانون إلى العرف بين القبيلة والمخزن قال لي تيأس فيأسك انتصار للسماسرة وقطاع الطرق الجدد في كل دواليب الدولة.
أبحث عن الباب الثامن دون أن أنسى الأبواب الأخرى ،أمر على زنقة الحشيش لعلي أدوخ بالاستعارة والمجاز فلا أجد غير رجل فاسد يحرص الجبل ويبحث عن طريق لامتلاك السماء يبحث عن شهود الزور .يلجأ بنفسه إلى العدول ويكتب بنفسه السماء التي تغطي الجبل يقول لأهله هذه العين لي ،هذا الشلال في ملكيتي فمن أراد منكم أن يشرب فليركع أمامي وإلا تركته عطشانا إلى حدود موته سأدفنه بدون كفن وأطلب من فقهاء الدوار أن يصلوا عليه ركعة واحدة أو نصف ركعة ويطلبوا الله أن يعذبه في القبر كي يرى ما تبقى من هؤلاء ما ينتظره هكذا قال السمسار الفاسد دون خجل ذات صباح ،في المساء يبحث عن امرأة لينام معها في الخلاء ،أو يحملها إذا كانت محظوظة إلى أكادير .هو يعرف أن كل شئ يباع ويشترى .أنا الآن أريد فضح هذه الجرو التابع لأوهامه أشكره لأنه أهداني رواية سأكتبها حين يستيقظ في الصباح مكسر الخاطر .أو حين تنط عليه الكوابيس من كل مكان كتلك الأرملة التي سرق أشجارها بالتزوير أو ما سرقه من ذهب من المسجد أو…دع المستور مختفيا بين الجبلين وأترك الشمس اللهيبة تقضم أظافره بمهل ها أنا الآن منسل من أوهامه ولن أتراجع مما أفكر فيه ربما سيرضى الشيخ الجليل بما أقوم به هو حارب المفسدين الكبار بالمدينة والعاصمة وأنا مثله تماما أحمل قنديله كي أرى الطريق وانضم إلى جبهة الأمل كي نفضح ما كثر من المفسدين لا أريد أن أعود إلى تارودانت بمزاج مكدر،لا أريد سوى أن أحضنها مثلما تحضنها الجبال التي تحيط بها ،لا أريد أن أقول للذين أعرفهم في المدينة أنها تغيرت مثل تغير البلاد تماما .أعود إلى مدينتي أتوقف قليلا في محطة الحافلات .أصعد إلى حافلة ما وأرى المغرب بالألوان كما لو كنت أشاهد حلقة من حلقات البرلمان العجيب .يصعد فقيه يبيع كتب الصلاة والحمدلة والمعوذتين و»رجوع الشيخ إلى صباه» ليدخل آخر يعرض إعاقته وآخر يهدد الراكبين وآخر يسرد قصته في أفغانستان والعراق وطفلة تبحث عن صورة قبحها في الحافلة وطفل يبيع الكتب المصورة كتب الجنس الرخيص وآخر يدعوا الراكبين ويمطرهم الوعد والتهديد وآخر يعرض العذاب في القبور وآخر يرقص ويبحث عن جيب مثقوب كي يخيط ثقبه بأنامله السريعة والسمسار الفاسد يقدم شهوده كما لو كان يلعب لعبة الخيل.
أخرج من المدينة وأودع الذين استقبلوني بالحب والقبل والطريق بعيدة والأمل يجرني إلى الشيخ الجليل كي يحدثني عن ذاكرة النسيان وأشياء أخرى.