لم تكن الإشادة الصريحة التي أبداها رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بالثقة التي يضعها صندوق النقد الدولي في حكومته لتمر دون تحذيرات من قبل العديد من الخبراء في الاقتصاد حول رهن الحكومة للمغرب لإملاءات أكبر مؤسسة مالية عالمية.
وجدد رئيس الحكومة، ضمن الرسالة التأطيرية التي بعث بها لقطاعاته الوزارية والمندوبين السامين، بمناسبة الإعداد لمشروع قانون المالية 2015، التأكيد على أن “التصنيف السيادي للمغرب في درجة الاستثمار واسترجاع تنقيط الأفاق المستقبلية لبلادنا من سالبة إلى مستقرة” مرده “اللجوء الموفق لبلادنا إلى السوق المالي الدولي وتجديد اتفاقية خط الوقاية والسيولة مع صندوق النقد الدولي”.
“إشادة رئيس الحكومة” علق عليها الخبير الاقتصادي المغربي نجيب أقصبي بالتأكيد على أن “بنكيران تلميذ مجتهد لصندوق البنك الدولي”، مبديا أسفه لكون المغرب، بسبب إجراءات الحكومة، فقد السيادة على سياساته العمومية، والمالية والاقتصادية منها على وجه التحديد.
الأستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، والذي اشتغل بمعية البنك الدولي منسقا ومكلفا بإجراء الجزء الأول
من دراسة لصالح البنك حول موضوع “وقع تحرير الفلاحة على التنمية القروية”، قال لهسبريس إن “البنك الدولي لا يمكن أن يقدم أي خط ائتماني بدون شروط”، معتبرا قبول المغرب بهذه الشروط “دليلا على الأزمة الخانقة التي يمر منها الاقتصاد المغربي”.
وكشف الخبير الاقتصادي، في هذا السياق، أن من الشروط الرئيسية التي تهم للبنك الدولي هي التوازنات المالية من خلال الالتزام بتقليص نسب العجز وهو ما أوضحته معطيات الحكومة بالقول أنها “استطاعت تقليص عجز الميزانية سنة 2014 إلى 4.9 في المائة على أن يتم مراجعتها إلى 4.3 في المائة سنة 2015”.
واستغرب أقصبي في هذا الاتجاه من معطيات الحكومة حول العجز في الوقت الذي لم تقدم فيه توقعاتها حول نسبة النمو خلال السنة المقبلة ولا النسبة التي حققتها خلالها هذه السنة، موضحا أنه لا مصداقية لهذه الأرقام التي تبقى مفروضة من الخارج مقابل الخط الائتماني.
“لو كنا في عافية هل كان الاقتصاد المغربي محتاج لثقة البنك الدولي في تقديم تصريحات فقط ندفع مقابلها رسوما شهريا دون استغلالها”، يتساءل نفس المتحدث لهسبريس، الذي اعتبر “الخط الائتماني التي تتحدث عنه الحكومة مجرد “هضرة” المؤدى عنها لكون المغرب أحد التلاميذ النجباء للبنك الدولي”.
وردا على ما تقوله الحكومة من أن تجديد البنك الدولي للثقة فيها ومنحها خطا ائتمانيا ثانيا دليل صحة الاقتصاد المغربي، أوضح أقصبي، “أن هناك فرق بين الخطاب والمعطيات الاقتصادية ولا يمكن أن ننتظر من الحكومة غير هذا الكلام”، مضيفا أنها “أدخلت المغرب في دهاليز ولم تملك الجرأة للاعتراف بالأزمة”.