بنكيران ما بعد مريكان
بقلم /بديعة الراضي
يبدو أن رئيس حكومتنا عبد الإله بنكيران بدا بالفعل في الاستعمال المباشر لجناحه الدعوي أمام الفشل الذريع الذي أنتجته تجربته في تدبير الشأن العام وهي التجربة التي أشرت عن تراجع فعلي في كافة المكتسبات التي أوصلتنا الى دستور 2011. ولأن شمس الحقيقة لا تغطى بالغربال، فإن منطلقات الرجل واضحة في فهم المحيط وفي ممارسة -ما يعتقده البعض أنه- سياسة أو العمل على أن الأمر يتعلق بسياسة لتحقيق انتقالا ما في زمن التحول العميق للدين دون ثقافة، وهو التحول الذي اعتمدته دول مراكز القرار الدولي التي كانت تبحث عن شريك استراتيجي لها في المنطقة، لتعطي الإذن لحركة الإخوان العالمية بقيادة ما اصطلح عليه الحركات الدينية الجديدة مع الدعم اللوجستيكي من أجل الركوب على موجة العصر بتوظيف خسيس للدين الذي سافر إلى كل العقول المستعملة بالفعل والقوة متخطيا بذلك الحدود الوطنية نحو اللا حدود بدوافع لها ربابنتها اللذين استباحوا الأوطان وسيادتها وضربوا عمق الحرية والكرامة والعدالة باسم عدالة وكرامة وحرية لا تخرج عن نص الفتوى في دائرة الإفتاء الدولي الذي وضعت له قنوات في الإعلام السمعي البصري الدولية وفي كافة مواقع التواصل الاجتماعي والالكتروني ليستكمل المشهد ويؤدى على الوجه الصحيح. أستحضر هذا الطرح بعدما توقفت هذا الأسبوع عند مشهدين أساسين رفعا حدة التساؤل في ذهني حول مصير السياسة في بلادي، الأول يتعلق بما جاء على لسان السيد بنكيران ،وتابعته مع سبق الإصرار والترصد، الجريدة المكلفة بتلميع وجه الرئيس حد الفضح الذي يشكله انقلاب المعنى بالضغط على اللغة، وهو المشهد الذي سمح فيه بنكيران لنفسه في لقاء عمومي بتبخيس العمل السياسي وضرب دور المعارضة و تتفيهها بعدما شمت رائحة هذا الفعل الذي لا يمت للسياسة وممارستها بصلة بمؤسسات دستورية تنفيدية وتشريعية، ضد الفصل العاشر من الدستور الذي يبدو أن بنكيران له مخططه الممنهج في تصريفه إلى وريقات تأخذ طريقها إلى سلة المهملات، وهو المشهد الذي أطلق فيه الرئيس المالك للصلاحيات الواسعة العنان للسانه بنعت رؤساء أحزاب المعارضة بأقبح النعوت، مقدما نفسه بديلا وحيدا لممارسة العمل السياسي في المغرب برؤية الحزب الشمولي تحث قيادة واحدة ووحيدة يلعب فيها بنكيران دور الرئيس الوحيد والموجه والمعلم وربان السفينة بمجاديف أو بدونها لأنها سفينة تصارع الأمواج بقدرة غيبية لا يعلمها إلا الأمين العام للبيجيدي. وهو مشهد مرتبط بالمشهد الثاني الذي تدخل فيه الرئيس لتوجيه إرادة المؤتمرين في مؤتمر جماعة التوحيد والإصلاح من أجل تكريس توجه انتخابي ملحوظ يوظف فيه الجناح الدعوي لكسب الرهان مرة أخرى باسم الدين ضد كل الأصوات التي ارتفعت قيادة ونخبا من أجل احترام أمننا الروحي من جهة والدفع بالممارسة السياسية المؤسساتية المبنية على برامج ومخططات تنموية في كافة المجلات من جهة أخرى. إن بنكيران بهذين المشهدين يكشف ب” العلالي” على مراهنته الدائمة على جناحه الدعوي، خصوصا بعدما اتضحت أفاق أخرى في المحيط الاقليمي والدولي، وهي المراهنة التي جعلته يمرغ كرامة رفاقه في الحزب الجماعة وعلى رأسهم الطبيب النفسي سعد الدين العثمانين وهي مراهنة تدفعنا إلى التساؤل عن إمكانية بنكيران في توظيف أجنحته الأخرى، وذلك ما سيكشف عنه الزمن الذي يلوح في الأفق.
… لنشرة المحرر
14 غشت 2014