بقلم /عبد الحميد جماهري
نشر بجريدة الاتحاد الاشتراكي
يوم 4 غشت 2014
أعاد خطاب الملك قضية إعادة توزيع الثروة، عوض الإنغلاق في خطاطات خلقها وتقويتها إلى واجهة الاهتمام العمومي.
وكان بذلك قد نفض الغبار عن فكرة بدأت تتلاشى وتتراجع، تتعلق أساسا بتوزيع الثروة في البلاد، وهو الشعار الذي تتبناه في العالم القوى الاجتماعية الديموقراطية، ونجحت دول بعينها، منها الدول الاسكندنافيه في ترسيخها كثابت بنيوي في تفكير الدولة وتفكير الفرقاء الاجتماعيين على حد سواء.
توزيع الثروة، يوازيه من حيث القوة الإجرائية الإقرار بوجود الفقر، والإقرار بوجوده بشكل يثير القلق، لا كرأسمال سلبي يستثمر سياسيا وانتخابيا من طرف القوى المتناقضة (ذات الشعار الأخلاقوي، كما ذات الشعار الانتخابي الفاسد )…
وفي الحالتين، نحن أمام تفكير استراتيجي في الواقع يتجاوز التدبير المحكوم بمنطق الولاية الحكومية أو البرلمانية، إلى شيء أعمق وأقوى، وهو الفاصل في الحكم على أنظمة الحكم وعن ارتباطها بالقضايا المصيرية.
الخطاب السياسي المحكوم بالبعد الاستراتيجي، لا يطرح ماذا حملت 15 سنة انقضت في جانب الثروة، المادية منها وغير المادية، بل يطرح أيضا : أي 15 سنة أخرى قادمة؟ والأسئلة عندما ترتبط بالمستقبل، لا يمكن أن تخلو من مسحة قلق وانزعاج وترقب، مهما كانت الأرقام مطمئنة، ومهما كانت السرعة قوية .. ونحن هنا نقترب بالفعل من الفكرة الدستورية، التي كانت محايثة للكثير من المرافعات التي جاءت في سياق الدفاع عن الإصلاحات الدستورية: لنتذكر كيف أن المتدخلين، من الجانب المتقدم في الطبقة السياسية أو الفكرية أو الإعلامية كانوا يدافعون دوما عن «الدور لاستراتيجي» للملك، وابتعاده عن التدبير «التنفيذي » المباشر للدولة وللإدارة أو ما تم تكريسه «كمديح الملكية التنفيذية».
بتحرره من منطق الولايات الحكومية، وتفاعلات الساحة السياسية، المشدودة حاليا إلى الساعة الانتخابية وعقاب التوازنات، تحررت السياسة الوطنية من ارتهانات التفكير القصير المدى، والمتوسط، ونفذت إلى ماهو أبعد: أين تذهب الثروة؟ وكيف يمكن اقتسامها بالإنصاف؟ والأهم من ذلك: ما هي الحصيلة ومن أخذ ماذا؟
وسيكون أمام المعجم السياسي فرصة للاغتناء بالتوجه إلى عمق الأسئلة التي وضع الملك بدايتها الأساسية..
المحقق هو ألا أحد سيسلم من سؤال، أين الثروة؟ وكيف نوزعها؟ ولماذا يستفيد البعض على حساب السواد الأعظم من الأمة.
لا أحد سيسلم من سوال علاقة الثروة بالسلطة: ولا يمك أن نفكر في اعادة توزيع الثروة، بدون إعادة تعريف السلطة ومجال عملها وعلاقتها بالرأسمال المادي أولا ثم غير المادي:لأن ثنائية السلطة والثروة، هي أيضا من صميم الرأسمال اللامادي في معابير الدول، وذلك لكونها مرتبطة بالمحاسبة والمسؤولية السياسية والنجاعة والمنافسة الشريفة وثقافة النتيجة والتراكم..الخ ، وكلهامفاهيم تؤطر اليوم الفهم العام للثروة اللامادية.
لا أحد سيسلم، إذن ، بما يجعل النقاش حول مضامين البرنامج الوطني، الاجتماعية والمادية سؤالا دائما ويحتاج بالفعل أن تقوم من أجله حركة مجتمعية وسياسية بالأساس لامتحان تحقيقه في البلاد.
…………….
عن جريدة الاتحاد الاشتراكي