بقلم بديعة الراضي
لم تكن تدخلات رؤساء الفرق البرلمانية المعارضة أمام خيار آخر، وهي تناقش عرض رئيس الحكومة بخصوص حصيلته المرحلية، غير ما تتبعه الرأي العام من تشريح فعلي لخطبة الوداع البنكيرانية أمام نواب الأمة. وإن أعلن الفريق الاشتراكي عن صعوبة مناقشة عرض الرئيس، أمام غياب حصيلة أداء حكومية، و تصريح حقيقي يستند إلى معطيات ملموسة، فإن كافة التدخلات المعارضة قررت في لحظة مكاشفة كبرى أن تضع الرئيس في قفص الاتهام مستحضرة الحجة والبرهان لمحاكمته في قبة برلمانية طالما استعملها بنكيران «للتبوريد» عندما كانت أكتافه بالفعل» مسخنة» بمحيط إقليمي ودولي أفرش له كل زرابي المساجد للصعود إلى مقعد الرئاسة بقدرة قادر على تحويل الرقم السبعين الذي كان يشكل حلما في أفق انتظار الحزب الحاكم ومعه جماعته في التوحيد و الاصلاح، إلى رقم فاق المائة، وهي القدرة التي يخشاها إخوان بنكيران اليوم بعد السقوط المدوي لمسخن الأكتاف في دول الجوار غير البعيد، و التضييق الأمني الاستراتيجي على ممولي حفلات الربيع الدموي، وبداية زمن تغيير الخريطة التي استهلكت فيها وظيفة الذراع السياسي والدعوي نحو خرائط أخرى تعتمد الذراع العسكري في فضاء داعشي بامتياز يقابله الفضاء المعسكر، وذلك موضوع آخر سنعود إليه في حينه.
وبدا الرئيس قزم، أمام شعب بدأ يفك اللغز الذي حيره، بعدما حاول المواطن المقهور فيه أن يبحث عن مبررات مكر الرئيس الذي تخلى عن كل وعوده ناسبا ذلك إلى دولة أخرى قال عنها إنها الدولة العميقة لها رئيس آخر بدستور مغاير، تشتغل ضد حكومته في نفق عميق يجهل بوابته، وهي الدولة التي تمحو كل توقيعاته على أوراش الإصلاح الكبرى جدا التي تبناها لإنقاذ شعب من نيران الجوار، باعتباره الرئيس الضامن لاستقرار الوطن، والحارس الأمين، الذي جاء بردا وسلاما على أرضنا، وتصدى لكل الصواريخ المتوجهة إلى عاصمة بلادنا، محولا إياها إلى عواصم وهمية في الجنوب.
نسى الرئيس أن اللعبة انتهت وأن التاريخ لا يرحم وأن التقارير التي دونت عشية تأسيس حزبه في الدوائر المعلومة لازالت تلقي بظلالها، وأن متعة السلطة – التي نقل إليها على أكتاف أسياد العالم الذين كانوا جد مسرورين بوجود أدوات التغيير نحو التراجع عن المكتسبات من أجل تنفيذ مخطط شمولي جنوب جنوب خدمة لأهداف استراتيجية كبرى – في وضع نحو المنحدر.
تعالت ضحكات بنكيران الرئيس ذي الصلاحيات الواسعة، في القبة ولسان حاله يقول» سالينا»، لم يعد هناك مشهد مقنع في الدور المسرحي الذي اعتمد في حبكته معاناة شعب بكامله، و الذي عمل الرئيس على تمريغ كرامته و قهره وتجويعه، وهو الرئيس البطل، الممثل البارع الذي تنتظره جائزة كبرى عربونا على القدرة و الإرادة والمعرفة في بيع الوهم للبسطاء من شعبنا الطيب.
لم تكن ضحكات الرئيس ولا مراوغات فريقه بالتشويش على تدخلات المعارضة قادرة على طمس الحقائق المؤلمة المشكلة للعوامل التي تؤهلنا إلى السقوط في الهاوية في كافة الواجهات، وهي عوامل يعززها العبث الحكومي في غياب تام لأي مخطط يمكن إنقاذ البلاد من هول ما ينتظرنا أمام التحديات الكبرى التي تواجه الوطن في محيط إقليمي و جهوي جد معقد.
لهذا أردد نفس التعبير الذي جاء على لسان الأخ إدريس لشكر، الكاتب الأول للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لأقول لبنكيران أن حصيلتك الإنشائية جاءت مخيبة للآمال، وتضاعف من مسؤوليتنا كمعارضة، لأننا مؤتمنون من طرف الشعب على حماية مستقبل أبنائه من سياسة العبث، التي ضيعت زمنا ثمينا على بلادنا، كان من المفترض فيه أن نكون قد تقدمنا في كل الإصلاحات، التي يتيحها الدستور، و في مواصلة أوراش التنمية، التي دشنتها حكومة التناوبـ ، لكننا متيقنون أننا بفضل التزامنا و نضالنا سنتجاوز تبعات هذا الخريف المغربي. وأقول لرئيس الحكومة لو كنت مكانك لقدمت استقالتي، واعتذرت للمغاربة بقول الحقيقة بداية بالدور المنوط بك في الذراع السياسي المغاربي، فلم يعد هناك وقت لإخفاء الحقائق، فإخوانك في الشرق وفي زمن المكاشفة صمت بعضهم والبعض الآخر أعلنوا دولتهم الداعشية أمام الشتات الإخواني الذي لا يمكن أن يكون إلا شتات الواحد الذي تشكل فيه جماعتك ذراعا مغاربيا بامتياز بناء على تقارير مؤتمر إسطنبول التي ساهمتم في إنجازها «على عينك يابن عدي» .
***********
لنشرة المحرر / بديعة الراضي
24 يوليوز 2014