مصطفى المتوكل / تارودانت
18 يوليوز 2014
……قال الله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلَادَكُمْ مّنْ إمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقّ ذالِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام…..
..حديثُ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (وَيْلَكُمْ أَوْ وَيْحَكُمْ، لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ). متفق عليه
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ))
قال القرطبي في الاية اعلاه : “وهذه الآية نهيٌ عن قتل النفس المحرّمة مؤمنة كانت أو معاهدة إلا بالحق الذي يوجب قتلها”.
ومن هذا المنطلق يجب الحفاظ على النفس .. ولا يجب باي حال من الاحوال قتل او ترهيب النفس البشرية التي خلقها الله ووهبها الوجود وكرمها وخيرها في امورها كلها كما خيرها وهو خالقها وترك لها حرية الايمان به من عدمه .. ولنا في عصيان الشيطان لامر الله بالسجود لادم – والذي لايقصد به سجود العبادة – فرفض ليس كفرا بالله بل بمبررات بناها على قناعته الخاصة الحرة والتي عبر عنها وبسطها امام الله بمحضر الملائكة ..والتمس من الخالق سبحانه ان يبقيه حيا الى ان تقوم الساعة بنية عبر عنها لاحقا بان يضلل ويغوي بني ادم فكان له ذلك ..
وباعمال الفهم المتكامل للنفس في الديانات السماوية وعلى راسها الاسلام ..سنجد ان من الواجب احترامها وعدم ترويعها وحماية وجودها واستمرارها بل والاحسان اليها ..وسنجد انها تعم كل كائن فيه روح وحياة ومنها الحيوانات و…
ومن هنا نقتبس من الاسلام بعض الاضاءات التي تمنع وتحرم المساس بالنفس البشرية لدرجة ان الله يغضب لذلك ..وصحّ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ))..ونستغرب كيف يقع ما نرى في العديد من البلاد الاسلامية وغير الاسلامية من قتل بصور بشعة باسم الدين في اساءة ما بعدها اساءة للاسلام ولسماحة وانسانية سيد الخلق عليه افضل الصلاة والتسليم …
فعندما قال الله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ) وقال : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)، …. وعندما نكمل دلالات الايات الكريمة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة”،،سنجد ان النفس هي نفس الانسان المسلم وغير المسلم وكذا نفس الكافر المعاهد والذمي والمستأمن فاوضح سيدنا محمد (ص) الا مر بان نفس المعاهد مثل نفس المؤمن في القتل الخطأ تجب بها الكفارة والدية وحرم سبحانه قتل نساء الكفار وصبيانهم ورهبانهم وشيوخهم ….
فالخالق وهب الحق في الحياة الكريمة للجميع ولم يشترط لذلك الايما ن به.. والا لمنع بقدرته وارادته الكفر والعصيان وجعله مستحيل التحقق في الفكر وفي الواقع ولجعل كل من في الارض مؤمنين .. ولهذا قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) وقال : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) .. فلم يبح للمسلمين قتل الناس ولو كانوا من الكفرة وامر بان نتعامل مع الجميع بأحسن وافضل المعاملات في إبرام العقود والعهود وفي البيع والشراء …حتى نعرف بسلوكنا الحضاري بقية الناس بالاسلام ونحببه اليهم باخلاقنا وتسامحنا وتعاوننا وسعينا لمصحة البشرية دون اشتراط ايمانهم بما نؤمن به … قال تعالى (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ)، ومن افضل الامثلة في هذا الباب الزام الولد المسلم ان يبر ويوقر ويحسن الى والديه وان لم يؤمنا بالاسلام …ثم ان اصرة القرابة التي تتحقق بالزواج ادمجها ديننا في اطار انساني اعم واشمل بان أجاز للرجال التزوج من النساء المؤمنات بالديانات السماوية من نصرانية ويهودية ..دون ان يشترط لذلك اسلامهن بل ضمن لهن حماية تطبيق شعائرهن وعباداتهن وثقافتهن وهذا يعني بلغة التربية الاجتماعية ان الابناء سيكون اجدادهم من جهة الام واخواهم واصهارهم من النصارى او اليهود من نفس الاسرة وهذا ما يقطع بالجزم على ان ديننا بعيد كل البعد عن التعصب والانغلاق والتشدد الذي نراه يتجه الى ترويع وقتل المسلمين والمؤمنين من الديانات الاخرى والناس كافة عندما يفتي البعض او يامر باحة القتل الفردي والجماعي واتلاف اموال الناس وممتلكاتهم …
ومن مظاهر حرص الاسلام على النفس البشرية ان حرم الانتحار تحت اي مبرر كان .. ولا شك انه يدخل في هذا الاطار ما يطلق عليه اليوم العمليات الاستشهادية حيث يفجر الشخص نفسه فيقتل نفسه بنية قتل الاخرين فقال تعالى: (( ولا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً .وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) )وقال تعالى: ((وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)
…ان وقوفنا وتاملنا للحديث الشريف الذي ينبهنا ويحذرنا فيه سيدنا محمد (ص). الى .(( .: (وَيْلَكُمْ أَوْ وَيْحَكُمْ، لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ). متفق عليه..)) ..يلزمنا ان نعيد قراءة ديننا على الوجه الاسلم والاصح وان نفهم رسالته النبيلة المبنية على الاعتراف بالاخر وتوقيره وتقديره ..والمرتكزة على التسامح والتراحم وحرية المعتقد ..والدعوة الى الله باللتي هي احسن دون اكراه او ترهيب او تقتيل او تحقير للانفس البشرية ..
وسنختم هذه المقالة بمجموعة من النصوص الشريفة من الكتاب والسنة والتي تتحدث بوضوح يفترض ان يفهم الجميع من خلالها ما امرنا به الله فيما يتعلق بمكانة وحرمة النفس وما يجب علينا عمله …
1) ..( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول : ما اطيبك واطيب ريحك ما اعظمك واعظم حرمتك والذي نفس محمد بيدة لحرمة المؤمن اعظم عند الله حرمة منك , ماله ودمه وان نظن به الا خيرا ).
2)..( قتل المؤمن اعظم عند الله من زوال الدنيا )
3)..عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمنٍ لكبهم الله عز وجل في النار)) رواه الترمذي
4)..قال النبي -صلى الله عليه وسلم : ((من حمل علينا السلاح -معاشر المسلمين- فليس منا))
5)..وخطب الناس، فقال: ((ألا تدرون أي يوم هذا؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: ((أليس بيوم النحر؟)) قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ((أي بلد هذا؟ أليست بالبلدة؟)) قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ((فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟)) قلنا: نعم، قال: ((اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فإنه رب مبلغٍ يبلغه من هو أوعى له)) فكان كذلك، قال: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)) …..لا ترجعوا: يعني لا ترتدوا،…. حديث ..((ولا يزال المسلم في فسحة من دينه حتى يصيب دماً حراماً)).
6)..ومن حجة الوداع …أيها الناس ..”إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا – ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها”
7)..وقال عليه الصلاة والسلام-: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))”
8)..وقال أيضاً : (( والذي نفسي بيده ليأتينَّ على الناس زمانٌ لا يدري القاتلُ في أيِّ شيءٍ قَتَلَ ، ولا يدري المقتولُ على أيِّ شيءٍ قُتِلَ ))
…ويقول الله سبحانه وتعالى ..
1)..(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ ؟ قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا ؟ قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّ شَهْرٍ هَذَا ؟ قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ: قَالَ: ثُمَّ قَالَ: أَيُّ بَلَدٍ هَذَا ؟ قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ بَيْنَكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ، هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَبَلَّغْتُ ؟ قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ))
2)..يقول الله تعالى : (( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً )) [ المائدة
.