بقلم بديعة الراضي
لم تكن كلمة”الظلام” التي جاءت على لسان رئيس الحكومة وهو يلقي عرضه أول أمس أمام مجلسي النواب والمستشارين، حول الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة تطبيقا للفصل 101 من الدستور، زلة لسان فقط أو كلمة عابرة في زمن رمضاني مملوء بتعبيرات تدعو إلى الغفران والتسامح، ولكنها كلمة جاءت في سياقات عرض رئيس حكومة والتي سماها قبلا حكومة الربيع العربي، وهو العرض الذي حاول أن يتخلى فيه-في أول خروج مختلف- عن ربيعه العربي و يقر بخريفه، مبعدا -صدفة أو مراوغة أو إعمالا بعدم السباحة ضد التيار أو هروبا إلى الأمام-كل مرافعاته وشطحاته أيام كانت أجنحته في الدوائر المعلومة، تعد بمغرب مدعم بالفعل والقوة، من شرق تجبر بدعم بترودولاري ، والذي جعل من برلمان الشرق منبرا دينيا ضد إرادة كل القوى العاقلة التي تدفع في اتجاه الفصل بين الدين والسياسة حماية للأمن الروحي ورد الاعتبار للسياسة، وهو الدعم الذي اعتقد فيه رئيسنا على رأس كل أتباعه أن صورة برلمان “البخورو العود” آتية – وبما لا يدعو إلى الشك- لا محالة إلى المغرب، وان الأمر هو فقط مسافة زمن، فيه أولويات بين المركز والفرع في سياسة المرشد العام. تلعتم الرئيس وهو يحاول “التجديد” في خطابه، أسقط بعض الكلمات التي يصعب عليه ذكرها، لم يرد في عرضه كلمة ” الحداثي” وهو يتحدث عن الدستور الديمقراطي، بدا محتشما وهو يسرد كل تنازلاته، نسب التنازلات إلى شعب يعرف جيدا أنه قهره وتكبر أمام آلامه ومعاناته،اكتفى بتوزيع دعواته للشعب المسحوق بمزيد من الصبر من أجل أن يظل بنكيران يتمتع بكرسي الرئاسة وبإمتيازات الرئيس وبالأجر السمين وبزوجته المصون التي دعا كل النساء أن يصبحن مثلها ” مصباحا” مضيئا في قلب غرفة مغلقة أو مفتوحة على البهو الكبير، متجاهلا كل النائبات اللواتي حملن يافطات في وجهه رافضات إهانتهن في زمن دستور المناصفة والمساواة الذي يعمل بنكيران على دفنه بالفعل والإفراج عنه فقط في خطبه الرنانة المتملصة من الإعمال به في الواقع وتلك هي المفارقة التي يمتلك بنكيران مسالكها كخبير كبير في مسح المسافة بين الجد واللعب. لهذا لم تكن التحية الدالة الى وجهها بنكيران الى جنوده في الظلام، تحية عابرة في زمن عابر بل كانت رسالة واضحة ومشفرة إلى كل اللاعبين في حقله، هؤلاء اللذين كان الرئيس يطمئنهم كلما جاء الى جلساته الشهرية بتحويلها إلى منبر ديني محققا فيها نوعا من الإشباع الذهني والروحي والتكتيكي في مساطرهم التي تجعل من المواقع الحساسة منبرا لتسريب الأهداف وتحقيقها على أرض الواقع، خصوصا عندما يكون الفضاء المستهدف أرضية خصبة لنشر الأفكار مرورا إلى التحكم الفعلي في العقل والتفكير، وتلك هي مهمة الظلام الذي يشتغل على قضاء الأمور بالكتمان حتى تقع الواقعة. لهذا على بنكيران أن يختار ظلامه إن شاء وان يتحمل مسؤوليته في ذلك من موقعه في رئاسة حزبه،أو في كتيبته بجناحها السري والعلني، لكن ما لا نقبله هو أن يمارس بنكيران ظلامه من موقع رئاسة حكومية تعني المغاربة ككل من مختلف التوجهات. فاللهم اشهد فإني قد بلغت.
…………….
لنشرة المحرر
10 يوليوز 2014