لم يحدث أبدا، منذ نزل آدم من جنة الخلد مصحوبا بشريكة الفردوس والسفر، أمنا حواء، أن اجتمعت الضباع على جثمان بشري، كما اجتمعت على جثة الشهيد المهدي بنبركة، جثة، يا للمفارقة، لم يتم العثور عليها!!
ولم يحدث أن تنادت الوحوش إلى جثة.. غير موجودة كما يحدث مع جثة الشهيد المهدي بنبركة!
ولكم أن تتصوروا حشود الضباع تنهش جثة .. لا وجود لها،
جثة معلقة في الهواء، وفي سقف التاريخ الخفيض،
جثة …لا نعرف بوجودها سوى ..من آثار الوحوش المحيطة بها!
فقد استيقظ رجل يدعى عبد الواحد معاش، واكتشف بأنه، هو بدوره يملك غريزة النهش في اللحم الميت، وأنه بدوره يستطيع أن يرث الحقد الذي زرعه الإقطاع وأعوانه في دولة الغدر المعمم … ضد المهدي بنبركة.
اكتشف أنه من الممكن أن يرتقي من سيرة نكرة إلى زعيم سياسي، فقط لأنه يملك فكا ضروسا لمضغ اللحم الميت!!
لحم المهدي بنبركة.
هذا السيد، قال في حوار مع «صحيفة الناس» ما لا يمكن أن يتقبله إنسان، عن رجل مازال دمه لم يجد بعد صفحته في تاريخ البلاد الرسمية!
ولعل المهدي كان من الممكن أن يفهم أن يتم التنكيل به من طرف العديد من خصومه.
كان، ولا شك، سيغفر حتى للجلاد أوفقير وما بقي من أتباعه،
كان سيتحمل أن تهاجمه صقور النظام المخزني،
وعملاء الموساد،
ومحللو السي .آي.إي
وفلول الإقطاع،
كان سيفهم كل هذا، لكنه، ولا شك، ما كان ليتحمل أن.. يسبه معاش، مصحوبا بزيان،
(معاش أعباد الله.. وزيان ..!!)
لا، لا،
صراحة، كان من الممكن أن ينهض ليوطي من قبره،
وإيريك لوبون،
وينهض أوفقير مدججا بالسلاح، والحسابات السياسية،
وتعود بذلك ظلال الدولة القديمة..
ويقررون قتله من جديد، لكنهم، ولا شك، لا يمكن أن يقبلوا للمهدي بنبركة أن .. تصل درجة قتله والتنكيل به والتمثيل به إلى درجة أن يسبه معاش.
أبدا!
يمكن أن يذوبوه في الأسيد،
يمكن أن يقطعوا رأسه ويلعبوا به الريگبي،
يمكن أن يلفوه في «البابيي أليمينيوم»،
يمكن حتى أن يشووه في ضواحي بوزنيقة ويبيعونه للسيارة والعابرين..
يمكن أن يعود عتاة المعمرين إلى الحياة ويخططون لنفيه وشيه وسلقه…
لكن أن يتركوه لمعاش وزيان لإبداء الرأي فيه.. لا شك أنهم سيشفقون عليه حقا من هؤلاء..
لا، لن تصل إهانة معارض سياسي وقتيل، حتى ولو كان العدو بنبركة، هذا الحد من الضحالة،
(واش معاش أعباد الله؟؟؟)!
شاركت المخابرات الأمريكية في قتله.. ثم جاء من لا يستحيي، وقال بأنه كان عميلا لها.
اغتالته الموساد، وكان من بين المغاربة من وضع جلد ثعلب ميت وقال إنه كان عميلا لها..
واغتالته المخابرات الفرنسية.. وكان من بين الأتباع المتزلفين للرجعية من استحق بجدارة صفة .. حقير واتهمه بالعمالة لها..
قتله النظام.. وكان من بين بقايا الجلادين من اعتبر بأنه كان عميلا له..
حتى كادت تتأسس في علم التاريخ الحديث مدرسة اسمها: سأكون عميلا لك. ثم اقتلني.
أو العكس:اقتلني ثم أكتشف بأنني عميل لك!
حقيقة، كل هذا ممكن ومفهوم وشبه منطقي: إلا أن يعتقد معاش أنه يمكن أن يتحدث عن المهدي بنبركة ويحاول اغتياله رمزيا من جديد.. فبزاف! والله يلا بزاف!
نعرف أن أغرب قضية، ولا شك، في تاريخ البشرية، هي قضية المهدي بنبركة.
غير أنه من المفيد أن نقول: ما كان لنا أن نتصور أن الغرابة قد تصل إلى درجة أن لمعاش رأيا فيها!
يمكن أن تلد البغلة في بن احمد..
يمكن أن تنبت مصحة كامله في يد مكي الصخيرات..
ويمكن للشمس أن تشرق من الغرب،
لكن أن يكون لمعاش رأي في الشهيد المهدي، فتلك آية من آيات الساعة..
صديقي الذي يحاول أن يفكر قليلا في القضية، أعتقد بأنه فاجأني بالقول
– هذا كلام غير جديد…. فقد سبق أن قاله آخرون.. أو على الأقل قالوا ما يشبهونه
+ مثل من..؟
– المرحوم الخطيب، والزايغ.. وبعض السياسيين الآخرين.
+ دابا بداو بالخطيب وسلاو بمعاش.. لست أدري من عليه أن يحزن .. واش احنا واللا هوما.
– اشرح لي بلا تريگيل…
* الحقيقة ما هم ف خير، تقاضوا ليهم حتى قلبوا على معاش باش يسبو المهدي..
– أنا في تقديري القضية عندها ارتباط بتقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان
+ كيفاش، آش جاب اليزمي للقضية؟
– أنت تعرف بأنه أعلن، في التقرير الذي قدمه قدام البرلمان، أن قضية المخطوفين ومنها قضية المهدي لا تسقط بالتقادم والملف باقي مفتوح..
– أولا: الملف هو اللي مفتوح ما شي الفم المهريع ديال معاش..
ثانيا..ايلا كان ولا بد من أحد يتكلم ف القضية فهي الدولة، و اللي عاشوا القضية وما زالوا حيين خصهوم يدويو.
ثالثا: أعتقد أن عليك احترام المهدي عندما تقول مثل هذا الكلام..
– الله آودي.. أنا أحترم الشهيد. وعلاش كا تقول هاد الشي؟
+ هل تعتقد بأن معاش كا يفهم الربط بين تقرير حقوق الإنسان وبين الخروج ضدالمهدي، هذا الشي خاصوا شي واحد فاهم. ومن العار عليك تقول بأن واحد كا يسب المهدي راجل فاهم. ومن العار عليك آصاحبي تعتبر بأن معاش قاري التاريخ والاستراتيجية، هو كالك كان اكديرة «كا يكرمو» واهها.