عن ميدل ايست أونلاين30 يونيو 2014

الاعلام يشن حملة على الجاليات المسلمة في المملكة المتحدة، وسط

أمثلة على التطرف والتسامح في اوساطها.

لندن – أرخت وسائل الاعلام البريطانية اللجام أمام توجهاتها في تناول “تدفق” المسلمين البريطانيين على سوريا، منذ عسكرة الثورة السورية، وعلى العراق، عقب اندلاع الازمة الحالية وسيطرة تنظيمات متشددة على مناطق واسعة في شمال وشرق وغرب البلاد.

الحملة البريطانية انطلقت عقب نشر شريط فيديو يظهر فيه ثلاثة شبان بريطانيين أعلنوا انضمامهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في سوريا ودعوا فيه أصدقائهم ومعارفهم إلى الانضمام إليهم “للجهاد”.

ظهور فكرة “الجهادية” بالشكل الذي تشهده حاليا من الطبيعي أن تطرق كل أجراس التحذير في المجتمع، كما أنها ينبغي ان تسهم في التنبيه إلى امكانية عودة المتشددين البريطانيين من ميادين المعارك في سوريا او العراق أكثر تشددا وراديكالية وأكثر استعدادا للقتال والمواجهة داخل المجتمع البريطاني، وهو ما يرجح امكانية القيام بعمليات جهادية.

التغطية الاعلامية في بريطانيا تعكس، منذ الوهلة الاولى، تلك المخاوف، لكنها في الوقت نفسه تعطي انطباعا بأن الامور أكثر تعقيدا بكثير عما هي عليه.

الحجم الذي اتخذته تلك التغطية بدا وكأنه يترك انطباعا أن هناك “نزوحا” من نوع ما من قبل المسلمين البريطانيين الى سوريا من أجل الانضمام إلى الجماعات الجهادية والقتال بين صفوفها، وهو ما يظل بعيدا تماما عن الصحة.

وقدرت الحكومة البريطانية عدد البريطانيين الذين سافروا من أجل القتال في سوريا بنحو 500 شخص، وهو ما لا يتخطى 0.02 بالمئة من العدد الإجمالي للمسلمين في بريطانيا، والذي وصل إلى 2.7 مليون شخص.

هذه المبالغات وضعت المواطنين البريطانيين في مأزق، وطالت بشكل سلبي المفاهيم المجتمعية في بريطانيا حول المسلمين بشكل عام.

من جهته، قال ماثيو غودوين، العضو في اللجنة الحكومية لمكافحة الكراهية ضد المسلمين، إن “كل استطلاع للرأي شاركت فيه وكل الاستطلاعات التي قام بها زملائي الاكاديميين أظهرت أن قطاعا لا بأس به من البريطانيين يحملون افكارا سلبية تجاه المسلمين”.

فعلى سبيل المثال أظهر استطلاع للرأي، أجري العام 2013، أن 60 بالمئة من البريطانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 رأوا أن هناك صورة سلبية في المجتمع عن المسلمين، بينما أشار 44 بالمئة إلى ان المسلمين لا يشاركون المجتمع نفس القيم والمعتقدات.

وأعرب أكثر من ربع البريطانيين المستطلعة أراؤهم عن عدم ثقتهم بالمسلمين، وقالوا ان المجتمع سيصبح أفضل إذا قل عددهم وأن الاسلام ليس بدين سلام، بينما عبر أكثر من الثلث عن اعتقادهم بأن المسلمين يعملون بشكل كاف على نبذ التطرف.

المسلمون في بريطانيا يعانون من الشعور بالغبن في حقهم، على الرغم من أن المملكة المتحدة بأسرها لن تنسى مشهد رفع العلم البريطاني من قبل الملاكم أمير خان، المسلم من أصول باكستانية، عقب فوزه على مواطنه ديفيد بايلي، في يوليو/تموز، وإهدائه هذا الفوز لضحايا التفجيرات التي شهدتها العاصمة لندن قبيل ذلك بأسبوعين.

وبعد فوزه أمسك خان ذو الاصل الباكستاني بالعلم البريطاني “يونيون جاك” بألوانه الثلاثة الاحمر والأزرق والأبيض وقد كتب على ظهره “لندن” وأخذ يلوح به قبل أن يهدي فوزه لضحايا التفجيرات، وقال خان الذي يدين بالاسلام “إننا بحاجة إلى توحيد الاجناس الان، لقد كان أمرا مزعجا أصاب جميع أصدقائي وأسرتي بصدمة كبيرة.. نحتاج مساعدات الناس على منع تكرار أحداث مثل تفجيرات لندن وأتمنى أن أكون من هؤلاء الناس، وسأفعل أي شيء للمساعدة”.

ولن يذهب عن اذهان البريطانيين سريعا مشهد سجدة العداء البريطاني المسلم محمد أو “مو” فرح بعد احرازه الميدالية الذهبية في سباق عشرة آلاف متر في دورة الألعاب الاولمبية التي أقيمت في لندن، في أغسطس/اب، مع قبلة زوجته الحامل أمام مئات الآلاف من الجمهور وتحت أضواء العدسات، التي تركت رسالة تاريخية حول رفض التشدد.

وأرخت العدسات بعد فوز فرح المولود في الصومال وعاش في بريطانيا منذ ان كان عمره 8 سنوات، لمشاعر الفخر في بريطانيا، مثلما رسمت صورة ان المسلمين في هذا البلد المتعدد الأعراق يسهمون في بنائه ويعتزون ببريطانيتهم التي منحتهم مستوى متميزا من التعليم والمعيشة.

وأحرزت بريطانيا يومها ست ميداليات ذهبية في يوم واحد، من بينها ميدالية مو فرح المسلم في انجاز هو الاول منذ دورة لندن الاولمبية الأولى في 1908.

ويبقى من الطبيعي أن تظل قضايا الاهتمام العام في بريطانيا، كالراديكالية الدينية والأمن والهجرة، محض تأويل وشد وجذب في وسائل الاعلام، وعلى الرغم من ذلك من الممكن أن تتحول وسائل الاعلام إلى أداة لفرض انطباعات موسعة أو توجيه الرأي العام أو قيادته لاتجاهات خاطئة، وهو ما ينزلق فيه الاعلام البريطاني تجاه المسلمين.

‫شاهد أيضًا‬

باب ما جاء في أن بوحمارة كان عميلا لفرنسا الإستعمارية..* لحسن العسبي

يحتاج التاريخ دوما لإعادة تحيين، كونه مادة لإنتاج المعنى انطلاقا من “الواقعة التاريخ…