في ظل أوضاع وطنية يطبعها التجميد المتعمد لالتزامات الدولة بتفعيل مقتضيات الدستور في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية للمغاربة، وتردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية واستفحال ظاهرة الفقر بين المواطنات والمواطنين على السواء، ومع أن التداعيات السلبية لهذه الأوضاع تتحمل عبأها أساسا النساء والفتيات من كل الأعمار من خلال استفحال ظاهرة تأنيث الفقر والبطالة والتراجع المقلق لنسبة النساء النشيطات في سوق الشغل، وتفشي الأمية، والتنامي المضطرد لزواج القاصرات وظاهرة العنف ضد النساء واستغلال الخادمات القاصرات…الخ
وعوض الوفاء بالالتزامات الحكومية لإخراج الاصلاحات الشريعية العالقة إلى الوجود، في احترام للمساواة بين الجنسين، والعمل على ملاءمتها مع التزامات وتعهدات المغرب الدولية ومع نص وروح الدستور، سواء ما تعلق منها بمدونة الأسرة ومدونة الشغل؛ أو القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية ؛ أو الإفراج عن قانون يحمي النساء من العنف ويضمن عدم الإفلات من العقاب وقانون العمال المنزليين؛ وتعديل الظهير المُنظّم لأراضي الجموع …الخ ، فإن رئيس الحكومة عوض تحمل مسؤولياته في التصدي لهذه الأوضاع- وهي المهمة التي عين من أجلها- فإنه يفضل التهرب من مواجهتها عبر التعتيم الإيديولوجي والسعي إلى التمويه عنها بواسطة إذكاء النزعات الذكورية والإيهام بأن السبب الأصلي في أصل الآفات المختلفة للمجتمع لا يوجد في السياسات الرسمية المنتهجة، وإنما مرده “اختلال قيمي أخلاقي” مزعوم ناجم عن خروج المرأة للعمل .
فالسيد رئيس الحكومة، جريا على عادته في الاساءة الى النساء في مناسبات سابقة، صرح هذه المرة من منصة مجلس المستشارين بمناسبة الجلسة الشهرية، التي تناولت موضوع “قضايا وانتظارات المرأة المغربية في برامج وسياسات الحكومة”، أن “البيوت انطفأت منذ خرجت النساء إلى العمل، وأن الأولاد تضرروا كثيراً من غياب الأم” ، الأمر الذي يوحي بدعوة مبطنة إلى سحب المرأة من الفضاء العام ومن سوق الشغل والرجوع بها إلى الوظيفة البيولوجية الإنجابية والعمل المنزلي .
ونظرا لما تشكله مثل هذه التصريحات من تنكر لكل الارث الحضاري الانساني الذي شيدته سواعد الرجال والنساء معا، فإننا في تحالف ربيع الكرامة وتحالف الربيع النسائي للديمقراطية والمساواة وعموم الشبكات والجمعيات والهيئات المدنية الحقوقية والنسائية الديمقراطية الموقعة أسفله، نعتبر هذه الإساءات المتكررة من رئيس الحكومة ليست مجرد أخطاء ناجمة عن عفوية الرجل وارتجالية خطاباته كما يكرر البعض من ورائه، وإنما هي ممارسة لخطة ايديولوجية ممنهجة يوظفها صاحبها في محاولة قصدية لتعميق الانقسام العمودي للمجتمع وإرضاء التيارات السلفية والمحافظة واستجداء الأصوات مع اقتراب موعد الانتخابات .
إننا إذ نعتبر أن هذه التصريحات تشكل إساءة وعنفا لفظيا صريحا من الحكومة ممثلة بشخص رئيسها ضد كافة النساء وليس فقط أولائك اللائي تحملن أعباء العمل داخل وخارج البيت للإيفاء بتربية أبناء هذا الوطن، نسجل أن تصريحاته بالاضافة الى ما تشكله من تبخيس وتحقير للنساء فانها تشكل تحريضا واضحا ضد الحركة النسائية الوطنية عامة والنساء السلاليات خاصة عند تصريحه بأن هناك جهات ما وراء تحركاتهن.
ولا يغير من حقيقة الإساءة وغاياتها الانتخابية الوعود المرتجلة بتمكين المرأة من عطلة أكبر في فترة الوضع، أو نية الحكومة أن تسن قانونا يمنح دعماً مادياً للفئات المحتاجة من النساء، فعدا أن بعضا من هذه الإجراءات كانت مطلبا للحركة النسائية، فهي ليست في السياق الحالي إلا وعودا انتخابية في حمله سابقة لأوانها .
ولنفس الاغراض فإن رئيس الحكومة لم يتردد في خرجته الأخيرة هذه في أن يحرض ضد الحركة النسائية الوطنية ذاتها بسبب ما سماه “منطق الحركة النسائية” بشأن الإقرار الدستوري بالمناصفة متهما إياها بأن هذا المنطق له أنصار يُدعَّمُونه ويخلقون حوله ضجة في كل مناسبة، متجاهلا أنه يتحدث عن التزام دستوري هو من يتحمل المسؤولية في إعماله وتفعيله.
إننا في ربيع الكرامة والربيع النسائي للديمقراطية والمساواة وعموم الشبكات والجمعيات والهيئات المدنية الحقوقية والنسائية الديمقراطية، بقدر ما نعتبر هذه التصريحات إساءة في حق كافة أمهات الوطن وبناته، بمن فيهن عضوات حزب رئيس الحكومة وممثلاته بالبرلمان وبالمجالس المنتخبة، نحذر من أن مثل هذه الإساءات المتعمدة تقع على خطِّ تماسٍّ مباشر مع التصورات النكوصية للتيارات الأصولية ، وتهدد مجمل المكاسب الديمقراطية التي قدم من أجلها الشعب المغربي برجاله ونسائه كبير التضحيات .ومن ثمة، فإننا في الشبكات والجمعيات الموقعة أسفله، نؤكد على مايلي :
· تنديدنا الشديد بالاساءات العدائية المتكررة الصادرة عن شخص رئيس الحكومة بحق المرأة العاملة والنساء عامة معتبرين إياها عنفا صريحا بحق المواطنات المغربيات كافة؛
· ندعو الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي إلى تحمل مسئوليتها وإعلان موقفها الصريح من تصريحات رئيس الحكومة؛
· ندعو النساء البرلمانيات إلى إعلان موقف واضح من هذه الاساءات والمبادرة بإخضاع صاحبها للمساءلة داخل المؤسسة التشريعية؛
· نهيب بكافة مكونات الحركة النسائية والهيآت الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني بالتحلي باليقظة في مواجهة أي تهديد يراد به المساس بالمكاسب الديمقراطية للمغرب؛
· نحتفظ بالحق في اللجوء إلى كل السبل النضالية التي يسمح بها القانون لمواجهة الحملات النكوصية المنتهجة من طرف مؤسسة رئيس الحكومة.
………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………….
أسماء الشبكات والجمعيات الموقعة:
أ- الشبكات والتحالفات الموقعة (27 شبكة):
تحالف ربيع الكرامة من أجل تشريعات تحمي النساء من العنف وتناهض التمييز؛ تحالف الربيع النسائي للديمقراطية والمساواة؛ الشبكة الوطنية لمراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف أناروز؛ شبكة تفويت للدفاع عن حقوق المرأة بالجنوب الشرقي؛ القطب الجمعوي للتنمية الديمقراطية بالجنوب الشرقي؛ الفدرالية الوطنية للجمعيات الامازيغية؛ الشبكة الامازيغية من أجل المواطنة؛ شبكة النجدة؛ ائتلاف الحق في الصحة؛ شبكة الفضاء المدني-جهة فاس ؛ مجموعة محاربة حمل المراهقات؛ الشبكة المغربية للإقتصاد التضامني والاجتماعي؛ الشبكة المغربية الأورومتوسطية للمنظمات غير الحكومية؛ الشبكة المغربية للحق في المعلومة؛الشبكة العبر وطنية للهجرة والتنمية؛ شبكة الجمعيات التنموية بواحات الجنوب الشرقي؛ الائتلاف المغربي للتعليم للجميع؛ شبكة الجمعيات التنموية بسيدي قاسم؛ شبكة الفضاء الحر للمواطنة والتكوين والتنمية بالمحمدية؛ شبكة نساء متضامنات؛ الائتلاف المدني من أجل تطبيق الفصل 19 ؛شبكة العمل المدني بتطوان؛ شبكة جمعيات تنغير للتنمية والديمقراطية؛ مجموعة مناهضة العنصرية ومرافقة الأجانب والمهاجرين والدفاع عنهم؛ شبكة الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة بشمال المغرب؛الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة؛المرصد المغربي للحريات العامة؛ مجموعة الديمقراطية والحداثة؛