تحالف اليسار مع الإسلاميين يثير جدلا سياسيا في المغرب.. |
القيادي في حزب التقدم والاشتراكية المغربي مصطفي عديشان لـ’العرب’: مشاركة الحزب في الحكومة لا تعني القطيعة مع اليسار. |
عن صحيفة العرب فاطمة الزهراء كريم الله [نُشر في 23/06/2014، العدد: 9598، |
الرباط – أثار تحالف “حزب التقدم والاشتراكية” اليساري المغربي مع “حزب العدالة والتنمية” الإسلامي، انتقادات المعارضة السياسية في المغرب لما أسمته بـ”التحالف الصعب”، نظرا إلى إصرار حزب تقدمي يساري على البقاء في ائتلاف حكومي يقوده حزب ذو مرجعية دينية، كما اتُّهمت قيادة الحزب بالتحوّل إلى “اتجاهات يمينية” والتخلي عن “وحدة اليسار“.
وقال مصطفى عديشان، عضو اللجنة المركزية والمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، ردّا على الانتقادات الموجّهة إلى حزبه وقيادته إن “مشاركة حزب التقدم في الحكومة إلى جانب حزب العدالة والتنمية، يمنح التجربة المغربية نوعا من التفرّد، وسيساهم في إعطاء نكهة يسارية لهذه الحكومة، وخير مثال على ذلك، هو القرار المرتبط بالحوار الاجتماعي، وبالزيادة في الحد الأدنى للأجور”.
وأوضح عديشان، في لقائه مع “العرب”، أنّ مشاركة حزبه اليساري في هذه الحكومة “لا يلغي التمايزات الفكرية الهامة التي تفرّق بين الحزبين، إذ لا يتعلق الأمر بتحالف أيديولوجي وإنما بائتلاف حكومي مبني على برنامج إصلاحات عميقة وشاقة تطالب بها أوسع الفئات الشعبية”.
وفي حديثه عن وحدة اليسار، أكد عديشان، أنّ هاجس وحدة القوى الديمقراطية في العمل السياسي كان ملازما لحزب التقدم والاشتراكية منذ نشأته، معتبرا “أنّ الحزب كان أول من حمل مشعل اليسار في المغرب وسيظل جزءا أساسيا من العائلة اليسارية”.
وأوضح أن وحدة اليسار، لا يجوز التعامل معها على أنها مجرّد موضوع إعلان مبادئ، بقدر ما تستوجب نقاشاً وحدوياً، موضوعياً وشجاعاً، بمشاركة كل المعنيين بالأمر، وذلك انطلاقاً من مساءلة الذات، والبحث في الأسباب العميقة للتراجع الاجتماعي والسياسي والتنظيمي لمختلف قوى اليسار، بعيداً عن الأحكام الجاهزة، من أجل تحقيق النجاح وتحقيق الهدف الأساسي ألا وهو جعل قوى اليسار في قلب عملية التغيير الديمقراطي والتقدمي.
وأكد عديشان أنّ مشاركة الحزب في الحكومة الحالية لا تعني قطع حبل الاتصال وصلة الود مع باقي مكونات اليسار والكتلة الديمقراطية.
يُذكر أن التخوفات من انزلاق الحزب في توجهات يمينية تزايدت بعد مؤتمره التاسع، والأخير، بعد أن أعلن خلاله الرجل الثاني في الحزب، محمد سعيد السعدي، استقالته متهما القيادة واللجنة المركزية بالانحراف اليميني، معلقا عن ذلك بالقول: “أنا لا أتوخي من هذا القرار أن يكون هناك تداعيات داخل الحزب، لأنني أعتبر أن حزب التقدم والاشتراكية الشيوعي قد مات، بعدما تحالف مع حزب العدالة والتنمية رغم اختلاف المرجعيات”.
من جهة أخرى نفى عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، في لقائه مع “العرب” أن يكون الحزب قد قدّم تنازلات ضمن الائتلاف الحكومي، أو أنّ له نية في جر الحزب إلى اتجاهات يمينية، موضّحا ذلك بالقول: “من يقول هذا الكلام عليه أن يعيد قراءة واقع حال حزب التقدم والاشتراكية، الذي ما فتئ يؤكد على نهجه اليساري والحداثي من خلال كل مقارباته وربط الجانب النظري بالجانب العملي، فنحن نؤكد دائما بأننا حزب يناضل من داخل الحكومة وخارجها”.
وأضاف المتحدث: “إنّ هذا الحزب اليساري مقتنع تماما بوجود بديل تقدمي حقيقي لمواجهة الأزمة، والذي يتميز بضرورة تبني رؤية شمولية، من جهة، وضرورة جعل الاحتياجات الاجتماعية في صميم كل مشروع للإصلاح من جهة أخرى، إذن إذا كانت هذه الأمور مقاربة يمينية، أتساءل أين هي المقاربة البديلة”.
وردّا عن سؤالنا المتعلّق بالاتجاه الذي تسير إليه نيّة قيادة الحزب؛ الخروج أم البقاء داخل الحكومة، كما فعل حزب الاستقلال من قبل، صرّح عديشان: “إنّ مسألة خروجنا أو بقائنا في الحكومة، تمت مناقشتها خلال المؤتمر الأخير للحزب، حيث تمت المصادقة عليها بالإجماع وخلصنا إلى ضرورة الاستمرار في هذه التجربة الحكومية”.
ويرى مراقبون أنه على الرغم من الحديث الكثير عن الإصلاحات في حكومة عبدالإله بن كيران، إلاّ أنّه يُلاحظ أنّ نسبة البطالة تتزايد، وهناك تردٍّ في الخدمات والتعليم والصحة والخدمات الإدارية، وهناك اتهام لهذه الحكومة بأنّها تبطئ الإصلاحات عوض أن تسرع في تفعيلها.
وتعليقا على ذلك، قال عضو المكتب السياسي والقيادي في حزب التقدم والاشتراكية في هذا اللقاء: “إنها اتهامات سطحية؛ أولا أُحيلكم على عمل الحكومات السابقة، نحن كنا من بين المشاركين في تلك الحكومات وكان لها إسهامات كبيرة إلى جانب إجراءات العاهل المغربي الملك محمد السادس في بلورة مجموعة من الإصلاحات الأساسية في مجالات متعددة، لكن هذا لم يجرد تلك الحكومات من نقائص أو سلبيات وعدم توافق في إنجاز إصلاحات كانت منتظرة”.
وتابع قوله: “فمنذ سنوات، هناك سعي حثيث من أجل معالجة النقائص الاجتماعية ومواجهة إشكالية التعليم، ومواجهة قضية التشغيل، في جميع هذه القطاعات تأتي الحكومة وتقدم ما يمكن أن تقدمه، والأمر ينسحب على هذه الحكومة التي يمكننا أن نقول إنها أسهمت في تحقيق إنجازات على المستويات الاقتصاديّة، والسياسية، والاجتماعية، بنقائصها وسلبياتها”.