حوار مع الأستاذ محمد سبيلا: الاحتجاجات تنبئ عن تحول عميق في الفعل السياسي في المغرب من طرف الدولة ومن طرف المجتمع ومن طرف الأحزاب
مكتب الرباط: عمر اليوسفي عن جريدة . ا.ش
من خلال قراءة لتاريخ الاحتجاجات الاجتماعية بالمغرب يبدو أن هذه الاحتجاجات تلاحقت بوتيرة معينة. نعم، لقد دخل لمغرب منذ السنوات الأولى للاستقلال في صراعات اجتماعية وسياسية، تلاحقت عبر السنين بوتائر متفاوتة. فبعض الدراسات تبين أن وتيرة الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية في المدن المغربية كانت تجري بوتيرة أربع سنوات، ففي كل أربع تندلع حركة تمردية شعبية في إحدى المدن ، وخاصة المحن الكبرى في الشمال والجنوب. وكانت تلك التمردات تواجه بالرصاص والعنف. وهو القانون الذي كان يحكم الفترة المسماة بفترة الجمر والرصاص، والتي استمرت منذ بداية الاستقلال إلى العهود الأخيرة. ما هي خطورة هذه الاحتجاجات الشعبية؟ خطورة هذه الاحتجاجات الشعبية تمثلت فيما بعد في عدواها وانتقالها من المجتمع إلى الدولة. فالانقلابات هبي امتداد بشكل أو بآخر، أو هي صدى إلى حد ما لهذه الاحتجاجات. ولذلك عندما انتقلت الاحتجاجات والاحتقانات من المجال الاجتماعي والنقابي والسياسي إلى مستوى الجيش وأجهزة الدولة، كان ذلك بمثابة ناقوس خطر حاولت الدولة أن تعالجه بوضع خطة ذات رأسين، الرأس الأول هو إعادة إذكاء مسيرة التحرر الوطني عن طريق استرداد الأجزاء المتبقية من الوطن مع ما يعنيه ذلك من إعادة الاعتبار إلى الروح الوطنية والخطة الوطنية. والرأس الثاني هو تدشين ما سمي بالمسلسل الديمقراطي باعتباره أداة مكلمة لخطة النضال الوطني، والمنفتحة على مسألة الاستدماج المؤسسي للنخب الوطنية والمحلية عبر المؤسسات الديمقراطية الوطنية والمحلية. وبذلك تمت إعادة رسم خرائط العمل السياسي من خلال مقولتي استكمال الوحدة الترابية والمسلسل الديمقراطي، وهي الخطة الاستراتيجية السياسية التي تحكم الحقل السياسي المغربي إلى اليوم. ألا تلاحظ أستاذ سبيلا أن تغيرا وتموجات طرأت على هذه الاحتجاجات؟ داخل هذه الاستراتيجية وما لحقها من تحسينات وإضافات تغيرت إلى حد ما طبيعة الاحتجاجات الاجتماعية، فأصبحت منفتحة أكثر، لا فقط على الحقل السياسي والنقابي، كما كان الأمر في السابق، بل شملت قضايا ومجالات لم تكن تطالها في السابق. فقد انفتح المجال أمام هيئات المجتمع المدني التي نشطت في مجال المطالب الحقوقية والفئوية لمختلف فئات المجتمع، على خلفية الاعتراف الرسمي والدولي بثقافة وسياسة حقوق الإنسان. ما هو جديد هذه الحركات الاحتجاجية؟ يمكن أن نقول بأن الجديد في الحركية الاحتجاجية في المغرب، هو تدرجها من الاحتجاج السياسي والنقابي إلى الاحتجاج المطلبي الفئوي الحقوقي المدعوم بثقافة حقوق الإنسان الجماعية والفئوية والفردية، عبر أدوات جديدة هي الجمعيات المهنية والفئوية والحقوقية التي أبانت عن نشاط كبير وخاصة بعد تراجع الدولة نسبيا عن الاستخدام الأعمى للعنف، واعترافها بالتجاوزات وإنشائها لسياسة المصالحة الوطنية وجبر الضرر والتعويض عن الانتهاكات مما يعني أن التحول الكبير الذي حدث في الحركة المطلبية هو اندراجها ضمن ثقافة حقوقية يرجع الفضل في تبنيها سياسيا وقانونيا لا فقط إلى النخب السياسية والنخب الحاكمة، بل أيضا، وربما أساسا، إلى تحول المناخ الدولي نحو إقرار الديمقراطية وحقوق الإنسان كأدوات أساسية في الفعل السياسي. ما هي مراحل المستقبل؟ أعتقد أن المرحلة المطلوبة مستقبلا، بعد هذه المرحلة الثانية، هي تطوير ثقافة الحوار، ثقافة القبول والمحاسبة في كل المجالات بما يعني أن النضال السياسي للمجتمع عامة أو للمجتمع المدني، مؤهل ربما للانتقال نحو عقلنة أكبر للصراع السياسي. فبعد أن كان هذا الصراع منذ أوائل الاستقلال يحسم بالعنف وبالرجم من الطائرات وبإبادة الأحياء، أصبح اليوم مرتهنا إلى ضرورة الحوار والاعتراف بمشروعية المطالب، ولم تعد حركية الجماهير تنعت بأنها خروج عن الإجماع، أو خروج عن القانون أو تحرش بالشرطة أو اعتداء على المقدسات، وغير ذلك من التهم التيس كانت تلصق عسفا بالحركية الجماهيرية. بماذا تنبئ هذه التحولات داخل الحقل السياسي؟ هذه التحولات تنبئ عن تحول عميق في الفعل السياسي في المغرب من طرف الدولة ومن طرف المجتمع ومن طرف الأحزاب. حيث شعر الجميع بأن انتهاج العنف السياسي كسبيل لحل المشاكل والمطالب هو طريق نحو عدم الاستقرار السياسي، الذي بدأ الجميع يعرف قيمته ومنزلته خاصة بعد تحول ما سمي بالربيع العربي إلى فوضى وعنف قاتل مدمر للدولة والمجتمع معا. |
||
6/21/2014 |
دراسة نقدية لمجموعة (ولع السباحة في عين الأسد).للقاص (حسن ابراهيم) * د. عدنان عويّد:
التعريف بالقصة القصيرة ودور ومكانة القاص في تشكيل معمارها: القصة …