من أجل النزاهة .. وضد نهج التحكم..

 

بقلم عبد الجليل طليمات

البلاغ السياسي لقيادتي حزبي الإتحاد الاشتراكي والاستقلال حول انتخابات الجماعات الترابية والغرف المهنية ومجلس المستشارين المقبلة,هو جواب سياسي وحدوي مستلهم لروح الوثيقة التأسيسية للكتلة الديمقراطية التي جعلت من استكمال البناء المؤسساتي السليم للديمقراطية المغربية غاية لها , ووضعت نزاهة الانتخابات مقياسا لأي تقدم ديمقراطي يقطع مع حلقات مسلسل التزوير سواء المباشر منه والعنيف , أو الناعم والموجه من طرف الأجهزة المعلومة , التي أطلقت عليها أحزاب الكتلة اسم ” الحزب السري” الذي ظل لعقود يسهر على صنع خريطة مجالس جماعية ” مخدومة” ( هذا الوصف الدقيق ارتبط بالزعيم الاستقلالي السيد امحمد بوستة ) .
إن مطلب انتخابات نزيهة كمطلب تاريخي للأحزاب الوطنية الديمقراطية يعني في الظرفية السياسية الراهنة والمستقبلية لبلدنا تعميق وترجمة الإرادة السياسية الوطنية القوية التي كانت في ربيع 2011 وراء اجتراح حل دستوري نوعي ومفتوح على أفق ديمقراطي واعد , وهذا ما يفرض بالضرورة القطع النهائي مع إرث التزوير المتعدد الأشكال , ومع تدخل الأجهزة المعلومة في الحقل الحزبي, و الذي اعتادت عليه في كل محطة انتخابية حيث لجأت باستمرار وانتظام إلى خلق حزب جديد وافد , وإلى وضع تقطيع انتخابي على مقاس ” مخلوقاتها”, التي أضحى جزء منها عبئا على المسيرة الديمقراطية , إضافة إلى التغاضي عن _ و التساهل مع_ الفساد الانتخابي المتعدد الأوجه وفي مقدمته استعمال المال , حلاله وحرامه , في شراء الأصوات و المتاجرة بفقر المواطنين المعوزين والمهمشين.
لقد قدم البلاغ المشترك تصورا ومقترحات عملية لربح رهان النزاهة , وجعل الانتخابات الجماعية المقبلة نقلة سياسية نوعية متناغمة مع الإطار الدستوري الجديد, وتفعيلية لمقتضياته تفعيلا ديمقراطيا, ما سيساهم في تعميق المكتسبات الديمقراطية لبلدنا , ويقوي تراكماتها الديمقراطية الإيجابية في ظرفية تاريخية , إقليمية وجهوية ودولية, أمسى فيها التقدم الديمقراطي مفتاحا للاستقرار والتنمية والعيش المشترك في إطار من السلم والحرية ..
وفي هذا السياق ,عبر البلاغ بكل وضوح وصرامة عن الرفض المطلق لأي سلوك حكومي انفرادي و” تسلطي” في تناول ملف الانتخابات المقبلة , كما أشار إلى التحركات المشبوهة ” لبعض أطراف الإدارة الترابية ” في اتجاه يخل بمبدأ حياد الإدارة , ويعيد إنتاج ” الترحال السياسي ” بصيغة أخرى, لصالح جهة محددة . ووعيا بمخاطر تكرار الماضي الانتخابي الأسود _ في ظل الشروط الموضوعية المميزة للمرحلة السياسية الراهنة _ جدد بلاغ القيادتين الحزبيتين مطلب الكتلة الديمقراطية بإحداث لجنة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات ” كمطلب يهم المستقبل ولا ينتمي إلى الماضي ” , وكإطار لحوار سياسي وتنظيمي حول جميع القضايا الكبرى والحاسمة في إنجاح الاستحقاق الانتخابي القادم , سواء تعلق الأمر بالقوانين والنصوص التنظيمية في علاقتها بالمنظومة الدستورية الجاري بها العمل , أو بنمط الاقتراع المطلوب لعقلنة المشهد الحزبي الوطني , أو ما يتعلق بالميثاق الجماعي .. وغيرها من القضايا الأخرى التفصيلية , كل ذلك بهدف بلوغ تصور وتدابير وإجراءات متوافق عليها وملزمة للجميع بعيدا عن أي نزوع تحكمي أو توجيهي أحادي..
ولا مراء في أن للأحزاب بمختلف أطيافها نصيب وافر في توفير شروط النزاهة والثقة والتنافسية الديمقراطية الراقية, وذلك من خلال:
_الارتقاء بمستوى الخطاب السياسي الموجه إلى عموم المواطنين , والمتبادل فيما بينها , وعدم توظيف المقدس في التنافس الانتخابي , أو استثمار النزعات العصبوية أو العرقية في التعبئة الشعبية للناخبين والناخبات .
_ وضع معايير الكفاءة والنزاهة الفكرية والأخلاقية ونظافة اليد شروطا لا تنازل عنها ولا مهادنة أو مداهنة فيها عند اختيار المرشحين والمرشحات , فلا نزاهة مع المفسدين وسماسرة الانتخابات , وهم كثر وذوو نفوذ , منهم من يحتل مواقع قيادية في مجالس المدن و جماعات القرى , ومنهم عدد من المتابعين في قضايا فساد مالي ومن المحكومين قضائيا . إن ” العزل الانتخابي” لهذه ” الكائنات ” عنصر حيوي في أخلقة العمل الحزبي عامة والانتخابي خاصة, على الأحزاب أن تكون المبادرة في تبنيه وتطبيقه بما يساهم في استعادة الثقة الجماهيرية في جدوى المشاركة في العملية الانتخابية..
و بكلمة موجزة : بلاغ القيادتين الذي صيغ بروح الكتلة الديمقراطية , وحين ( بفتح وتشديد الياء)مطلبا تاريخيا, وجوهريا في متن وثيقتها التأسيسية ألا وهو مطلب: “إحداث لجنة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات”.. هو بيان سياسي بليغ من أجل النزاهة .. وضد تكرار تجربة الأمس القريب المريرة مع نهج التحكم الفضائحي .. وللموضوع جولات آتية ..

 

لنشرة المحرر

20 يونيو2014

‫شاهد أيضًا‬

اليسار بين الممكن العالمي والحاجة المغربية * لحسن العسبي

أعادت نتائج الانتخابات البرلمانية الإنجليزية والفرنسية هذه الأيام (التي سجلت عودة قوية للت…