داعش .. بنكيران والاقتراع المقبل
بقلم عبد الحميد جماهري
يبدو أن رؤساء الحكومات في العالم كله مهتمون بما تفرضه داعش وتيارات التطرف الديني من وقائع رهيبة،.. إلا بنكيران, يبدو أنه غير معني بتاتا بما يقع في العراق وفي سوريا للمغاربة، وما قد يقع للمغرب بعده.
شخصيا يبدو أن انتظار موقف ما، كان قاسيا علي من .. خيبة الأمل من لدنه.
لكن ذلك لا يعني شيئا لرئيس يعتبر أن الأصالة والمعاصرة والاتحاد والاستقلال أكثر خطرا علينا من مقاتلي النصرة ومقاتلي الداعش.
وحقيقة الأمر هو أن أي مسؤول سياسي، كان أمنيا أو سياسيا أو مجرد مسؤول عن بيت صغير، تزوج صاحبه ليلة أمس، لا يمكنه ألا يفكر في ما يقع لنا بعد أن تدير داعش وجهها نحونا.
للتذكير: تولدت من قاعدة الزعيم المتطرف القتيل أسامة بن لادن، فيالق أبو مصعب الزرقاوي، وفصائل الجماعات الإسلامية المسلحة، وهي نفسها التي اعتبرت بعد نهاية الطالبان، وسقوط بغداد ووصول أرتال الجيش الأمريكي إلى الخليج ، أن العدو يوجد في الداخل، في ديار الإسلام (العدو القريب) وأنه النصير للعدو البعيد (الغرب وأمريكا)..
وكانت ضربات 16 ماي الرهيبة..
و قبلها سلسلة القتل ( باسم التعزير وتطبيق الشريعة ومحاربة أعوان الطاغوت .. ).
كان ذلك الجيل الذي أذن في الناس بالحرب..في بلاد المغرب.
وأدينا الثمن غاليا.
وما زلنا نذكر كيف أن هناك من احتفط بالمأساة .. بتأثيرها على الانتخابات القادمة..!
وتفاجأنا بالسيد رئيس الحكومة، الذي لم يعد بنكيران في 2003 ، أيام الضربة الإرهابية يعود إلى ذلك اليوم الأسود ، بدون أن يكون في خلفية المشهد لا شظايا القتلى ولا حقائب القاتلين!
رأينا فقط حسابات رقمية وسياسية معلقة في الريح!
ونعود اليوم كما لو أن الذي وقع لم يقع.
اليوم يخرج أبو بكر البغدادي، الوريث الصاعق لأبي مصعب الزرقاوي، ومعه أعداد كثر من المغاربة، هناك أزيد من 1500 مغربي ما بين العراق وسوريا (انتقلوا إلى العراق بدورهم في الحرب الحالية ).. وهو عدد يفوق، حسب ما توفر من معطيات عن ما بعد 2001 وضرب أفغانستان و2003 واحتلال العراق، عدد المغاربة المجندون وقتها في حروب القتال البعيد.
ما هي انشغالات السيد رئيس الحكومة؟
عدم تكرار ما وقع في 2009 .. لا ما وقع في 2003.
ولم يبد السيد الرئيس أي اهتمام، في علاقة الأمن والداخلية بالخصوص بهذه القضية أو يقدم فيها مقترحات أو تصورا أو ما شابه، ما يهم هو أن يتجمد المغرب في 2009، كما تشتهي الاستراتيجية الانتخابية للسيد رئيس الحكومة ورئيس الحزب الذي يقودها.
وفي عز الخوف العالمي من تداعيات داعش (أو تداعشات العراق !!)، لاشيء يهم رئيس الحكومة من القضية كلها سوى الخوف من أن تكون الانتخابات أقل من انتخابات 25 نونبر 2011.
كما لو أن الرد على ما صاحب 2009 (الانتخابات الجماعية) هو أن تبقى 2011 هي الحد الأدنى الممكن في تواجد السياسة!
لذلك أسبابه، ولكن قبلها لابد من أن نذكر السيد رئيس الحكومة أن في البلاد اليوم ثلاث قضايا صعبة التدبير:
الارهاب،
الانفصال،
والفساد.
بالنسبة للفساد ،اختار الرئيس التطبيع معه (عفا الله عما سلف، وعودة الأموال المهربة وإشهار ذلك بالصفحات الملونة الكبرى باسم وزير في الحكومة !!).
بالنسبة للانفصال لم نسجل أي موقف خاص في القضية رفعه الحزب، لا هو يقود الديبلوماسية ولا عندما هددت البلاد بوقف المفاوضات تحت إشراف الأمم المتحدة ( ولا أيضا عندما قدم مرشح سابق للرئاسة المصرية، قبل مرسي، الخارطة المغربية مجتزأة من صحرائها).
الإرهاب، بدوره لا وجود له كتاريخ فاصل في المغرب اليوم.. أو مغرب الغد.
تبقى الانتخابات ولهذا .. نعود إلى الأسباب التي قلناها منذ 2012!
في 11 / 12 / 12 كتب العبد الفقير إلى ربه :«لقد بت أكاد أؤمن بأنه لو لم يكن حزب الأصالة والمعاصرة موجودا لسعى بنكيران إلى خلقه!
وسعى إلى أن يبدعه كخصم، لكي يستطيع، من خلاله، أن يقدم بعض الحرارة في الخطاب السياسي، وهو يهددنا بأنه أنقذنا من التحكم عن طريق قتله… بواسطة 20 فبراير!
المتابع للنقاش الذي يدور في المؤسسة التشريعية، ولكل الخرجات الإعلامية للحزب وللرئيس التنفيذي الحكومي، يصدق بأن الثابت البنيوي هو الهجوم على الحزب، الذي أصبح المقابل السياسي و شبه النفسي للأستاذ بنكيران؟
فقد تابعناه (…) وهو يقول بالحرف، بأني لا أستطيع إعطاء رأي في القضايا الاقتصادية، لأنني لا أفهم في الأرقام،(..) لكنه في المقابل أرغى وأزبد ضد الأصالة والمعاصرة فيما يشبه الهروب إلى الأمام(…) يصعب أن يحتكر بنكيران الدفاع عن حقوق السياسيين في السياسة أو الحديث. يصعب، بعد كل الذي عاشته الحركات المعارضة، وكل ما حققه الشباب في الميدان الفبرايري.. (…) و لا يمكن أن تكون الصعوبة في إيجاد الحلول، وهي ممكنة، ذريعة سياسية لتكريس الصراع الحزبي، باسم المؤسسة الحكومية. لماذا هذا «التكريس» الإرادي للبام، والحال أن العدالة والتنمية يردد دوما أن الشعبية التي حصل عليها تعفيه حتى من انتقادات المعارضة، بل وحتى من تلويحات الأغلبية..؟. ليس هناك جواب مقنع لحد الساعة سوى أن رئيس الحكومة مازال في جبة المعارض. هل يمكن لرئيس الحكومة أن ينزل إلى السجال والتهديد، في وجه حزب معارض مهما كانت قوته المفترضة أو قوته الحقيقية وإمساكه بزمام الأمور، ومهما كانت درجة رفضه أو القبول به؟؟ ليس من حقه، لأنه إذا كان ذلك، فإن العنوان يجب أن يكون واضحا، ليس الدفاع عن التجربة الجديدة، ولا الدفاع عن سياسة معينة في تدبير الشأن العام، بل جدول الأعمال هو المواجهة بين مشروعين، يقول البيجيدي إنه يمثل فيه المشروع المناهض للتحكم. وهنا ستكون الأمور واضحة، وربما نعلن بوضوح أن الأمر لا يتعلق لا بتنزيل الدستور ولا بإنجاح الدمقرطة الشاملة للدولة والمجتمع ولا هم يحزنون، القضية هي الصراع من أعلى المؤسسات إلى أسفلها من أجل الوجود. هل هي حرب وجود بين المعارضة والأغلبية، بين البرلمان والحكومة، بين المؤسسات الدستورية، بين الملكية ورئاسة الحكومة أم هي حرب وجود ؟ هو ذا السؤال. وعليه تتحدد المواقف، ولا يمكن أن ننتقل من الدفاع عن زيادة 1 درهم في الغازوال إلى .. محمد مرسي، في لعبة قفز بالزانة غير محسوبة، وفيها النرفزة أكثر ما فيها من سياسة!! اللجوء إلى المواقف السابقة عن الدستور وعن الانتخابات التشريعية، والسابقة عن ثمار الحراك المغربي، هو بكل بساطة تعطيل للدستور، وتنزيله تعطيل للسياسة والبقاء في منطق ما قبل الكلمة الشعبية في 25 نونبر(…) إن الإصرار لدى بنكيران على أن يجعل من حربه مع البام الرد السياسي الوحيد على انتقادات المعارضة تطرح أكثر من سؤال. لا يمكن أن يتعامل بنكيران وكأن هجومه العنيف على حزب الباكوري، هو ضربة قوية يمكن أن تسكت المعارضة.. ويمكن أن تطال الصحافة، بالرغم من أنه مدين كثيرا إليها في صناعة المحيط السمعي – البصري والمناخ لسطوع نجمه، أو أن تفرض على الرأي العام أن يختار بين حربه مع البام وبين السكوت على التدبير السياسي للشأن العام. » وانتهى ما قلناه منذ سنتين بالضبط.
و هاهي الطبيعة تغلب التطبع!!
……..
عن جريد .ا.ش
18 يونيو 2014