فالامور كلها لاتنجح ولا تستقيم سواء مع الله او مع النفس او مع الناس اذا لم تكن تعتمد على الحقائق وتبنى على الصدق .. ذلك ان الله لا يعرف ولايعبد بالكذب والضلالات
.. كما ان الحكام واولوا الامر لايحترمون ولايوفقون باظهار خلاف ما يبطنون اي صبغ سياساتهم بالاوهام والاباطيل … اي بادعاء الصدق والدفاع عن الحق وهم اقرب
بادعائهم الى اي شيئ سوى ماسسة الحق ..كما ان الفرد لايكون سويا ومتزنا ان امتهن الكذب في اموره كلها او بعضها …
… قال تعالى ((وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً ))الإسراء
وعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ” إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ
ان متابعة ما يقوله العديد من المسؤولين من تصريحات ونقيضها حسب الظروف والحالات .. يجعل الناس في حيرة من امرهم ..فاي الرأيين اصوب او ايهما اكذب؟ …
والتارجح بين الجوابين يضعف ويضيع الثقة ليس فيمن يكذب او يضلل بل في من يمثل او يتحدث باسمهم .. فان كان من الحكومات فالامر يهم الحكومة التي ينتمي اليها ..
وان كان من منبر اعلامي فالمنبر يطاله الاتهام اليقيني … وان كان من فقيه او عالم فالشبهة تطال المؤسسة التي ينتمي اليها …
فما الذي سنستنتجه بتتبعنا ووقوفنا على من اذا تحدث يتخلل كلامه الكذب.. ومن اذا عاهد يخون وينقض عهده .. ومن اذا امن بدل فهمه للايمان وحوله من جهة الى جهة
اخرى في امور السياسة او المبادئ او الدين اوالمذهب ..؟؟
لهذا ربط الحق سبحانه وتعالى بين الايمان والصدق والعهد الدائم وجعل تلازمهم مسالة ضرورية تعلق الامر بالايمان المادي او القلبي او الروحي او الفكري او العقائدي …
… ان الصدق يعتبر من أعظم الفضائل الأخلاقية ، ومن انبل الصفات الإنسانية ، وعليه يرتكز الإيمان ..وبه تتحقق العزيمة على الفعل.. و به تبنى الامم والحضارات
والافكار الخلاقة …
…يقول ابن القيم : (( ما أنعم الله على عبد بعد الإسلام بنعمة أفضل من الصدق الذي هو غذاء الإسلام وحياته ، ولا ابتلاه ببلية أعظم من الكذب الذي هو مرض الإسلام
وفساده . ويوم القيمة لا ينجي العبد إلا الصدق قال سبحانه : ((قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ
فاين نحن في واقعنا اليومي من الصدق والحقيقة ؟؟ وكيف يتجرا علينا بكل وقاحة من يناقض عمله قوله ومن يبطل رايه بتريحه وكتاباته .. ؟؟
ان الذين يتساءلون عن اسباب انهيار القيم وفساد الذمم وانحراف السياسات والممارسات عن الجادة والصواب ونفور الناس من سياسات الشؤون العامة و….لاشك انهم
سيجدون الجواب الكافي في الواقع … فهل ادرك كل هؤلاء انه لامفر لهم من ولوج باب الصدق والحقيقة ان ارادوا الفوز بخير الدنيا وخير الاخرة وضمان الاستقرار والرخاء
لامتهم ؟؟ ام انهم لايعنيهم من امور الدنيا والدين والناس الا انفسهم الغارقة في الانانية البئيسة ..
نسال الله ان ينير الافهام والقلوب لما فيه مصلحة الحقيقة المشبعة بالصدق …
يقول تعالى ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) سورة الأحزاب