الحق في الحياة…

مصطفى المتوكل / تارودانت

6 يونيو 2014

 

…. يقول الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) النساء:93…

وقال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}المائدة: 32.

ففي هذه الآية: تغليظ  واضح لأمر القتل،ورفعه الى مستوى نتائج ابادة جماعية في تاثيراتها المعنوية   وتوكيد  مقدس للحق في  الحياة  بجعل الحفاظ على حياة الفرد بمثابة احياء للناس كافة

…قال مجاهد: “المعنى: أن الذي يقتل النفس المؤمنة متعمداً، جعل الله جزاءه جهنم وغضب عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً، يقول: لو قتل الناس جميعاً، لم يزد على مثل ذلك العذاب. ومن لم يقتل أحداً، فقد حيي الناس منه…”

…وروى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: “إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا”…..

…. لقد اجمعت الشرائع السماوية والوضعية انه لاعقاب الا بنص يعرف و يحدد  متى تنفذ العقوبة وشروط تحققها …كما يتفق العقلاء انه لايحق لاي كان ان  ينفد عقوبات بمزاجه او تسلطه  لانتزاع اعترافات او لاخضاع وتركيع المستهدف بها كان فردا او جماعة او اجباره على توقيع محضر للايقاع به …بسبب اختلاف سياسي او مذهبي او عقدي او خلافات شخصية …

…كما ان المدنية تطور فهمها و حمايتها  لحقوق الانسان باعتباره مكرما وله قدسية معنوية ومادية تهدف الى حماية حرياته غير متعارضة ولا ماسة بحقوق الاخرين في جميع مجالات العيش … واصبحت الامم تصنف احيانا باعتبار مدى احترام الدولة ومؤسساتها ومكونات المجتمع للحقوق كما هو متعارف عليها محليا وحتى  دوليا ومدى تجسد ذلك في سياساتها وممارساتها  ومجال تجليها بالمخافر والسجون والشوارع وطريقة التعامل مع النضالات والتظاهرات العمالية …

…فوفقا لإعلان الأمم المتحدة ضد التعذيب سنة 1975مفي البند الأول، تعرّف اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التعذيب على أنه: ” أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديا كان أو عقليا يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على معلومات أو على اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث – أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية، ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها”

اما ان افضى التعذيب الى الوفاة فالامر سيصبح في غاية التعقيد سواء من الناحية الشرعية او القانونية

…فشرعا لايحق لاي كان ان ينتهك حرمات الغير او يتطاول عليهم بالسب والتجريح او بالضرب لا الخفيف ولا المبرح ولا ان يتسبب في ازهاق  نفس بشرية …قال هشام بن حكيم بن حزام (رضي الله عنه): “…أشهد إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا…” – رواه مسلم-…

اننا هنا لابد ان  نذكر  بقول رسول الله صلي الله عليه وسلم  -لابراز   هول الاعتقال المفضي للوفاة -:  “لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم..”( سنن النسائي).

وقال الشافعي: «ولا شيء أعظم منه [ يعني القتل بغير حق ] بعد الشرك»…

…وخطب عمر بن الخطاب في إحدى خطبه فقال: إني لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم وليأخذوا أموالكم، من فعل به ذلك فليرفعه إلي أقصه منه، فقال عمرو بن العاص: لو أن رجلاً أدب بعض رعيته أتقص منه؟ قال: إي والذي نفسي بيده، ألا أقصه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أقص من نفسه…

…ولقد ذهبت  الدولة المغربية في اطار  ما اصطلح على تسميته بجبر الضرر .. في اطار المصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي – التي  تسمى بسنوات الجمر والرصاص – الى  الاعتراف المعنوي والسياسي بمسؤولياتها المباشرة وغير المباشرة  بما لحق بالعديد من المواطنين والمواطنات بسبب نضالهم الوطني السياسي من اجل انتزاع حقوق الشعب في الحرية والكرامة وبناء دولة الحق والقانون حيث ووجهوا من طرف اجهزة الدولة بالاعتقال والتعذيب والنفي.. فمنهم من انقطعت اخباره الى يومنا هذا  ومنهم من استشهد بالمعتقلات او تعرض لاعاقة اوافنى كل شبابه بالسجون  … وكان هدف الدولة والمعارضة هو التوجه نحو المستقبل واطلاق رزمات من الاصلاحات للوصول التدريجي الى المبتغى انسانيا وحقوقيا وسياسيا  ومجتمعيا …ودون ان نتحدث عن  جيوب مقاومة التغيير والاصلاح ودون الوقوف على عمليات التراجع التي تطال حتى بعض المكتسبات المحققة .. و تمادي جهات اصبحت لاتستحي من الجهر بخروقاتها التي تطال الاعراف والمواثيق ..و التي  ستجر البلاد الى المزيد من التازيم وتعقيد الاوضاع العامة … لهذا الدولة اليوم في شخص الحكومة   امام اختبار قوي  بعد حدث القاء القبض على  الشاب كريم  لشقر … الذي استشهد بسبب اعتقاله من طرف الامن بالحسيمة .. مما يتطلب دون بحث عن مشجب او مبررات للتغطية على الحدث الفاجعة او ترويج حكايات مصطنعة .. الاعتراف بوفاة الشاب بين يدي السلطة التي من المفترض فيهم حماية امن الناس واموالهم وممتلكاتهم وارواحهم  …ومعالجة الامر في اطار القانون والمقاربات الحقوقية وجبر الضرر الذي لحق باسرته الصغيرة والكبيرة  …

..قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لأن تهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من قتل امرئ بغير حق» لأن دم المسلم على المسلم حرام .. لهذا لم يجز للإنسان أن يقتل نفسه  ناهيك عن غيره …كما حرم  المشاركة فى إراقة دم الآخرين  ولو  بدعم غير مباشر او حتى غض الطرف عمدا او الايحاء بالتسامح مع من يستصغر قداسة الروح البشرية فيتسبب بالتهور والتجبر والغلو في ازهاقها ..قال(ص).. «لايحل لامرئ ان يقتل أخاه  ولو بشطر كلمة» أى نصف كلمة…كما لايحق لاي كان بالحكومة المغربية واجهزتها ان يتعامل مع المسالة بالتجاهل بما في ذلك ابسط الاداب الانسانية والاسلامية اي تقديم واجب العزاء لاسرة الشهيد وحزبه والناس كافة …

ونختم هذه المقالة فيقول رسول الله : “إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ

 

 

 

 

 

‫شاهد أيضًا‬

حياة الوطني المجاهد والزعيم بنسعيد آيت إيدر كلها وطنية ونضال وترافع  .. * مصطفى المتوكل الساحلي

ولد وترعرع الوطني المجاهد والمقاوم والقائد السياسي سي محمد بن سعيد أيت إيدر  في يوليو 1925…