تونس تتطلع للتعلّم من تجربة المغرب في التنمية ومحاربة الغلوّ |
|
عن ميدل ايست أونلاين
30 ماي 2014 |
تونس ـ يبدأ العاهل المغربي الملك محمد السادس الجمعة زيارة الى تونس ستتناول الكثير من الملفات الاقتصادية، وتوقعت أن يتم إبرام الكثير من الاتفاقيات التجارية والاستثمارية، على ماذكرت مصادر مطلعة في البلدين.
ويقول مراقبون إن زيارة الملك محمد السادس بمرافقة وفد حكومي كبير من الوزراء والمسؤولين الاقتصاديين ورجال الأعمال ستنتقل بالعلاقات بين تونس والمغرب إلى مرحلة جديدة من التعاون.
وكانت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة التي أعلنت عن الزيارة منذ الثلاثاء قد أكدت في بيان لها أن الملك محمد السادس سيجري مباحثات رسمية مع الرئيس التونسي المنصف المرزوقي.
وأضافت ان العاهل المغربي والرئيس التونسي سيترأسان بعد هذه المباحثات مراسم توقيع اتفاقيات ثنائية تهم القطاعين العمومي والخاص.
ومن المنتظر وفقا لنفس البيان أن يلقي الملك محمد السادس خطابا أمام أعضاء المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) التونسي.
وتطورت العلاقات المغربية التونسية في السنوات الثلاث الأخيرة بشكل كبير. وكشف البلدان عن ارادة سياسية مشتركة وقوية للاتجاه بالتبادل الاقتصادي نحو شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد داخل الفضاء المغاربي والعربي والإفريقي.
ويقول مراقبون ان تونس ستستفيد من هذه العلاقة القوية مع المغرب الذي راكم خبرات كبيرة في تحفيز النمو الاقتصادي واستقطاب الاستثمارات ووضع القواعد والقوانين المالية والاقتصادية ليفتح لنفسه بذلك عهدا جديدا من التنمية الاقتصادية. يضاف الى ذلك تزايد الدور المغربي في السنوات الأخيرة كبوابة لمشاريع التنمية الاقتصادية في عموم القارة الإفريقية.
ويؤكد محللون وجود آفاق واسعة من المصالح الاقتصادية المتبادلة في انتظار البلدين بسبب القواسم المشتركة الواسعة بينهما.
وفي تقدير هؤلاء فإن الرباط يمكنها أن تساعد تونس على الاندماج في الاقتصاد العالمي والمساهمة في أعمال البناء وتنشيط القطاعات الصناعية مثل صناعة النسيج والألبسة والصناعة الغذائية والصناعات الميكانيكية والإلكترونية.
ويمكن لتعزيز الأواصر التجارية بين البلدين أن يعزز يطمئن المستثمرين الأجانب ويسمح بعودة الاستثمارات المباشرة الأجنبية، التي انخفضت بنسبة 28 بالمئة عما كانت عليه قبل سقوط نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي.
وفي تونس يرى خبراء في شؤون العلاقات المغاربية أن زيارة العاهل المغربي الى بلدهم تأتي في توقيت صعب تبدو فيه تونس بحاجة الى دعم قوي على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية.
وأكد المغرب مرارا دعمه للانتقال الديمقراطي في تونس باعتباره عاملا أساسيا في دعم الأمن والاستقرار الإقليميين، خصوصا في المنطقة المغاربية.
وتجمع النخب السياسية في تونس على أن بلادها التي تتطلع لتصفية ما تصفه بإرث الماضي السياسي وما تخللته من انتهاكات لحقوق الانسان على مدى عقود من الزمن، بحاجة ـ مع بدء تطبيق مشروع العدالة الانتقالية لمحاسبة من أخطأوا في الماضي ـ الى الاقتداء بالتجربة المغربية في المصالحة مع الضحايا من المعتقلين والسجناء السياسيين، بعيدا عن سياسة التشفي والانتقام وهو الدور الذي قامت به “هيئة الإنصاف والمصالحة” التي أطلقها الملك محمد السادس بداية 2004.
كما يمكن لتونس ان تستفيد من التجربة المغربية في تجفيف منابع التشدد الديني انطلاقا من المساجد عبر مواجهة تنطلق من مغالبة الفكرة بالفكرة في مرحلة أولى.
وفي فبراير/شباط، اعطى الملك محمد السادس موافقة مبدئية على طلب تعاون في الشأن الديني تقدمت بها كل تونس إضافة إلى عدد من الدول الإفريقية الأخرى، وفقا لماذكرته صحف مغربية.
وأوضحت وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية المغربية أن طلب وزارة الشؤون الدينية التونسية يتعلق بتكوين أئمة تونسيين في المغرب والاستفادة من الخبرة المغربية في عمارة المساجد.
ويؤكد الخبراء أن الدعم المغربي لتونس في هذا الظرف بالذات يعتبر أكثر من مطلوب وقد جاء في وقته ليخفف من حدة شعور التونسيين بالعزلة خاصة امام عزوف الكثير من الدول عن الاستثمار في بلادهم ما جعل النمو الاقتصادي فيها يتأثر بشكل سلبي جدا.
وأعلن البنك المركزي التونسي في بيان ان “مجلس إدارة البنك المركزي التونسي سجل تباطؤا في النمو خلال الربع الأول من السنة الحالية شمل جل القطاعات باستثناء الفلاحة والأنشطة غير المسوقة”. واكد ان النمو بلغ “2.2% مقابل 2.7% للفترة نفسها من السنة الماضية”.
وتعاني تونس من البطالة وقلة الاستثمارات والأزمات السياسية المتكررة التي شلت المؤسسات خلال العام 2013، ومن هنا يأتي تعويل التونسيين على زيارة الملك محمد السادس محملا بخبرات مغربية في التنمية الاقتصادية والانفتاح السياسي وتطوير مجتمع متفتح ومتسامح بعيدا عن كل أشكال الغلو والتطرف.
وهذه الخبرات باتت تونس في أشد الحاجة اليها لتجاوز مرحلة الغموض والارتباك التي تمر بها، في هذه الفترة الدقيقة من تاريخها.