فوز الجبهة الوطنية بفرنسا وقوى اليمين المتطرف هل هي بداية نهاية فكرة الاتحاد الأوروبي؟؟
أسدل الستار يوم أمس عن الانتخابات الأوروبية ل 25 مايو 2014 ، والتي ستحدد هوية ومكونات البرلمان الأوروبي للخمس سنوات القادمة.
التصويت استمر لأربعة أيام من أجل اختيار 751 نائبا في البرلمان الأوروبي لولاية من خمس سنوات، وتمت دعوة نحو 400 مليون مواطن أوروبي لهذه الانتخابات،، ويتم تخصيص عدد المقاعد البرلمانية وفقا لتعداد سكان كل دولة عضو، ألمانيا على سبيل المثال هي من البلدان الأكثر اكتظاظا بالسكان في الاتحاد، سيكون لها 96 مقعدا، فرنسا 74 مقعدا، بريطانيا 73 مقعدا، إيطاليا 73 مقعدا ثم إسبانيا 54 مقعدا، مقابل 6 للدول الصغيرة، مثل مالطا، ولوكسمبورغ وقبرص.
وتجرى الانتخابات بالاقتراع المباشر في جميع البلدان، بتوقيت واحد ويتم تصنيف أعضاء البرلمان الأوروبي بمجموعات بحسب التقارب السياسي، وبالتالي تشكيل المجموعات البرلمانية وهو ما يعادل الأحزاب السياسية الأوروبية. تتألف كل مجموعة من ما لا يقل عن 25 عضوا يتم اختيارهم من 25 % من دول أعضاء البرلمان الأوروبي، أي من 7 بلدان مختلفة. وهناك حاليا سبع مجموعات سياسية في البرلمان الأوروبي، كما توجد فئتان تهيمينان على البقية وهما المحافظون و الاشتراكيون، بالإضافة إلى ذلك، فإنه يمكن خلق تشكيلات وفقا للنتائج الأخيرة، الخطوة التالية بعد الانتخابات هي اختيار رئيس المفوضية الأوروبية خلفا لخوسيه مانويل بارسو.
فرنسا
بفرنسا أحدثت الجبهة الوطنية بقيادة مارين لوبين، زلزالا سياسيا حيث حلت في المرتبة الأولى بفارق كبير على الحزب اليميني المعارض « الاتحاد من أجل الحركة الشعبية» والحزب الاشتراكي الحاكم، فبعد الاختراق الكبير الذي أحدثته في الانتخابات البلدية ونيلها لأكثر من عشر بلديات في مدن فرنسية كبيرة، حققت نسبة قياسية في تاريخها بلغت 25.40 % محرزة بذلك 25 مقعدا، متقدمة على الحزب اليميني الآخر المعارض، الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، الذي حصل على نسبة 21 % محرزا 20 مقعدا، والحزب الاشتراكي الحاكم الذي مني بهزيمة جديدة، حيث حصل على أقل من 14.5 % محرزا 13 مقعدا.
الانتصار غير المسبوق لحزب مارين لوبين (الجبهة الوطنية)، الذي يوصف باليمين المتطرف والمعادي للاتحاد الأوروبي، والهزيمة، أو الزلزال الذي أصاب الحزب الاشتراكي الحاكم، كما قال رئيس الوزراء «مانويل فالس»، سيقلبان ميزان القوى في فرنسا، ويفرضان ممارسة مختلفة للسياسة على اعتبار أن هذه النتائج التي تبعث بها فرنسا إلى أوروبا سلبية، وغير مشهودة من قبل، إذ لم تكن نظرةُ اليمين التقليدي أو الاشتراكيين، في الحكم أو المعارضة، تختلف كثيراً على هذا المستوى ، وكان كلاهما يؤمن بالدور الأساسي لفرنسا في قيادة الاتحاد الأوروبي، وهو ما يترجمه التصريح المقتضب الذي أدلت به «سيغولين رويال» للإعلام الفرنسي بعد الإعلان عن هذه الحصيلة، حيث أكدت «أن نتائج الانتخابات بفرنسا ستشكل صدمة على المستوى الدولي، فهذا المساء سيشاهد المجتمع الدولي، والمواطنون الأوروبيون كيف أن واحدا من أصل أربعة فرنسيين صوت لصالح حزب شديد المعاداة للوحدة الأوروبية»، في إشارة إلى حزب الجبهة الوطنية الذي خاض حملته الانتخابية تحت شعار «لا لبروكسل نعم لفرنسا، الذي جسد هدفه المعلن للبرلمان الأوربي وهو خلق أقلية لعرقلة ووقف ما تسميه «آلة الاتحاد الأوربي المجنونة» كما أوضحت ذلك مارين لوبين رئيسة الجبهة الوطنية :« هدف المشككين في أوروبا هو وقف الآلة المجنونة التي بات عليها الاتحاد الأوربي، أي ما يعني وقف أي نقل جديد للسيادة ورفض أي قيد يفرضه الاتحاد الأوروبي في انتقاد معلن لهيمنة ألمانيا بقيادة المستشارة انغيلا ميركل وفرضها لسياسات تقشفية.
لكن وبمقابل تقدم الحزب الممثل لأقصى اليمين بفرنسا، وتراجع الحزب الاشتراكي الحاكم والاتحاد من أجل الحركة الشعبية، فإن المكوّنات الأخرى من الأحزاب المؤيدة للاتحاد الأوروبي، حصلت على نسب مهمة، فالبيئيون وتكتل الوسط، الذي يتزعمه فرانسوا بايرو وجان لوي بورلو، حصل كل واحد منهما على 10 في المائة. في حين أن جبهة اليسار، التي تضم تحالف الشيوعيين وحزب اليسار، اقتربت من 7 في المائة.
ولم تخل الانتخابات الأوروبية الفرنسية من مفارقات وتناقضات أخرى، «فقد حققت أعلى رقم في عدد القوائم المرشحة إذ بلغ 192 قائمة، وهذا الرقم قياسي في «انتخابات هي الأقل شعبية لدى الفرنسيين. »
وتزداد المفارقة عند الإطلاع على أسماء بعض القوائم المشاركة مثل «أوروبا الركود»، «قائمة الورقة «البيضاء» ، «أوروبا القراصنة»، «حشيش بلا حدود».
وإذا كان العديد من المواطنين الفرنسيين قد وجدوا في هذه القوائم الانتخابية أشكالا للتعبير عن غضبهم من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد وعبروا بجلاء عن تذمرهم من سياسة الحكومة الفرنسية وعن رفضهم للسياسة الحالية للاتحاد الأوروبي ككل ، فإن هذه الانتخابات سيكون لها ما بعدها على مستوى المعادلة السياسية الفرنسية، حيث سارعت الجبهة الوطنية إلى دعوة الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند» إلى إجراء انتخابات سابقة لأوانها، كما ستلقي بظلالها بالتأكيد على تشكيلة البرلمان الأوروبي وانتخاب رئيس المفوضية الأوروبية الجديد.
إسبانيا
بإسبانيا تمت دعوة 36 مليون و546 ألف و270 شخصا لصناديق الاقتراع من أجل اختيار ممثليهم في البرلمان الأوروبي، حيث أن 34 مليون و485 ألف و294 من مجموع الناخبين يقيمون بإسبانيا، التي يستقر بها، أيضا، 336 ألف و586 من مواطني بلدان الاتحاد الأوروبي، غالبيتهم من بريطانيا ورومانيا وإيطاليا، فيما يقيم مليون و724 ألف و390 إسباني بالخارج.
وفي الساعة الحادية عشرة من مساء الأحد بالتوقيت المحلي أعلنت النتائج الرسمية لهذه الانتخابات من قبل نائبة رئيس الحكومة والناطقة باسمها، سريا ساينز دي سانتاماريا، ووزير الداخلية، خورخي فرنانديز دياز.
وحسب بيانات وزارة الداخلية فقد بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الأوروبية ليوم أمس الأحد بإسبانيا 45,85 في المائة، مقابل 44,90 في المائة في الانتخابات السابقة لسنة 2009 .
وتقدم للانتخابات الأوروبية لهذه السنة 2368 مرشحا موزعين على أزيد من 39 لائحة، 53,76 بالمائة منهم ذكور ((1273 ، و46,24 بالمائة إناث ((1095 .
وأسفرت نتائج التصويت عن فوز الحزب الشعبي (الحاكم) بزعامة «ماريانو راخوي»، بحصوله على 26.06 في المائة من عدد الأصوات المعبر عنها، أي 16 مقعدا مقابل 24 مقعدا التي حصل عليها سنة 2009، متقدما على الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني بقيادة «الفريدو بيريز روبالكابا « (23.01 في المائة) أي 14 مقعدا مقابل 23
سنة2009 .
فيما خلقت حركة «بوديموس» «يمكننا» المفاجأة في هذه الانتخابات، بإحرازها على 5 مقاعد، أي 7.97في المائة من عدد الأصوات ، وحاز اليسار المتعدد بقيادة اليسار الموحد (معارضة) على ستة مقاعد بما مجموعه 9,99 في المائة من الأصوات المعبر عنها، فيما أحرز حزب الاتحاد من أجل التقدم والديمقراطية (وسط) على أربعة مقاعد بحصوله على 6.50 في المائة من الأصوات مقابل اثنين في الانتخابات الأوروبية الأخيرة.
وفاز تحالف أحزاب التقارب والوحدة وحزب التحالف الكناري والحزب الوطني الباسكي بثلاثة مقاعد أي 5,44 في المائة من الأصوات، فيما حصل التحالف من أجل أوروبا على مقعدين، والأمر نفسه بالنسبة للحزب اليساري الاستقلالي الكاطالوني (مقعدان، و4,03 في المائة من الأصوات). وسجل حزب اليسار الجمهوري الكاطالوني أعلى نسبة من الأصوات 23,97 في المائة من الأصوات، متقدما على حزب «التوافق والوحدة» بزعامة أرتور ماس، رئيس الحكومة المحلية، الذي حصل على 21,85 في المائة من الأصوات.
تراجع الحزب اليميني الحاكم» الحزب الشعبي» بخسارته ل8 مقاعد مقارنة ب2009 ، وعدم قدرة الحزب الاشتراكي على استرجاع نسبة مهمة من كتلته الناخبة، كرس بداية نهاية القطبية والثنائية الحزبية التي عرفتها إسبانيا منذ الانتقال الديمقراطي بالبلد، فالحزبان معا لم يحصلا على عتبة 50 في المائة من أصوات الأسبان المعبر عنها مقابل 80 % في انتخابات 2009، وحركة «بوديموس» التي لم يمر على تأسيسها أزيد من 3 أشهر حصلت على ثقة ما يقارب 8 % من أصوات الاسبان.
وردا على هذه النتائج الأولية، قالت متزعمة لائحة الحزب الاشتراكي، «ايلينا فالنسيانو» إنها «نتائج سيئة» بالنسبة لحزبها، مشيرة إلى أن إدارة الحزب ستنكب على تحليلها وتمحيصها، وتبعا لذلك أعلن زعيم الحزب الاشتراكي صبيحة يوم الاثنين انه سيستقيل من مهامه أثناء عقد مؤتمر استثنائي للحزب يوليوز القادم.
ألمانيا
وفي ألمانيا تمكن الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ، الذي تتزعمه المستشارة الألمانية «أنغيلا ميركل»، من الحفاظ على الصدارة إثر فوزه ب36 مقعدا ضمن 96 مقعدا المخصصة لألمانيا.
وأفادت وسائل الإعلام الألمانية بأن المحافظين في ألمانيا أكدوا، من خلال هذه الانتخابات على قوتهم وتصدرهم للأحزاب في البلاد حيث حصلوا على نسبة 36.30 في المائة من الأصوات المعبر عنها في الانتخابات.
وأشار الإعلام الألماني إلى أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي يتزعمه «زيغمار غابريل»، وزير الاقتصاد ونائب ميركل ، اعتبر نفسه هو الآخر فائزا مهما في هذه الانتخابات إثر حصوله على نسبة 27.40 في المائة من الأصوات ، وهو ما يمكنه من الحصول على 27 مقعدا من مجموع مقاعد ألمانيا في البرلمان الأوروبي. وكان الاشتراكيون قد حصلوا في الانتخابات الماضية التي جرت سنة 2009 نسبة أقل من 22 في المائة من الأصوات المعبر عنها.
أما بالنسبة لأحزاب المعارضة، فقد حصل حزب الخضر على نسبة 10.50 في المائة من الأصوات (10مقاعد) ، واليسار (لينكه) على 6.5 في المائة (6 مقاعد)، وحزب «البديل لألمانيا» الجديد والمناهض للأورو على نسبة 5ر6 في المائة محققا بذلك تقدما كبيرا على الحزب الديمقراطي الحر، الليبرالي العريق، الذي لم يجن من الانتخابات
سوى 8ر2 في المائة من الأصوات مما سيوفر له ثلاثة مقاعد فقط ، مسجلا بذلك تراجعا كبيرا كما حصل في الانتخابات التشريعية الألمانية..
أما الحزب القومي الديمقراطي، اليميني المتطرف المعادي للأجانب، فقد حقق نسبة أقل من واحد في المائة من الأصوات.
بهذه النتائج يكون الألمان قد أكدوا أنهم مع مسار الخيار السياسي الأوروبي، وتكون «ميركل» والحزب الحاكم بألمانيا المستفيد الأكبر من هذه الانتخابات الأوروبية، وقدمت إجابات وإشارات واضحة للأحزاب الأوروبية المعادية للاتحاد، والتي بنت برامجها على انتقاد هيمنة ألمانيا وتوجيهها العديد من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي إلى اعتماد إجراءات تقشفية و التحكم في التوازنات الماكرو اقتصادية من اجل الخروج من الأزمة، التوجه الذي تعتمده المستشارة الألمانية جسدته في آخر كلماتها وهي تختم الحملة الانتخابية، حيث أكدت «انغيلا ميركل» أن ألمانيا بلد متضامن في إطار الاتحاد الأوروبي، وساعد العديد من الدول من اجل الخروج من الأزمة، لكل على الفاعلين والحاكمين داخل هذه الدول أن يقوموا بالإجراءات الضرورية وتحمل مسؤولياتهم…
بريطانيا
وفي بريطانيا يبدو أن زلزال التطرف اليميني أكثر من مجرد احتجاج فرنسي، فحزب «يوكيب» الممثل لليمين الأقصى والمناهض للفكرة الأوروبية والمتشدد في قضايا الهجرة، بزعامة «نايجل فراج» حصد أصوات أكثر من 4.5 مليون بريطاني،أي أكثر من 27.5 في المائة من الأصوات. وحصل على 24 مقعدا في البرلمان الأوروبي (11مقعدا أكثر من 2009) في حين لم تتجاوز حصة المحافظين برئاسة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون نسبة 23,9 % من الأصوات محتلين الرتبة الثالثة وراء حزب العمال المعارض الرئيسي الذي حصل على 25 , 4 % من الأصوات.
اليونان
وفي اليونان البلد الذي يعاني بشدة من سياسة التقشف، حلّ حزب اليسار المتشدد سيريزا بقيادة «الكسيس تسيبراس» في الطليعة بنسبة 26.55 في المائة متقدمًا بشكل طفيف على حزب الديمقراطية الجديدة اليميني الحاكم الذي حصل على 22.76 في المائة . وعلى الطرف الآخر من المشهد السياسي حصل حزب الفجر الذهبي النازي على 9.39 في المائة من الأصوات.
النمسا
وفي النمسا سجل حزب اليمين المتطرف «اف بي او»، الذي يأمل في تشكيل كتلة مع الجبهة الوطنية، تقدمًا واضحًا وحل ثالثًا مع 19.5 بالمئة من الأصوات محققاً تقدمًا بـ 5 بالمئة مقارنة مع انتخابات 2009 ، ويأتي خلف المسيحيين الديمقراطيين والاشتراكيين الديمقراطيين الموجودين في الحكم الذين حققوا على التوالي نسب 27.3 و23.8 من أصوات اليونانيين المعبر عنها..
هولندا
وإذا كان حزب «بي في في» المعادي للإسلام في هولندا قد مني بهزيمة ولم يحصل إلا على 12 بالمئة من الأصوات، مقابل 18 بالمئة قبل خمس سنوات، فإن تحدي الفكرة الأوروبية يمكن أن يترجم من خلال الشعبوي بيبي غريلو
إيطاليا
ايطاليا، التي دعي إلى المشاركة في انتخاباتها، 49 مليونا و 256 ألف و 864 إيطاليا لانتخاب 73 نائبا يمثلون البلاد في البرلمان الأوروبي، وقد بلغت نسبة المشاركة 58,6 في المائة (أقل ب5 نقط مقارنة ب 2009 .
وأسفرت النتائج عن تحقيق الحزب الديمقراطي، أبرز التشكيلات السياسية في الائتلاف الحاكم بإيطاليا، فوزا كبيرا، وذلك بحصوله على 40.81 في المائة من الأصوات المعبر عنها(31مقعد)، وتقدم بفارق كبير على منافسيه الرئيسيين «حركة خمس نجوم» لزعيمه» بيبي غريللو» الذي حصل على21.15 في المائة(17مقعدا) و»فورصا إيطاليا» 16,8 في المائة (13 مقعدا) في حين أحرزت «عصبة الشمال» على المرتبة الرابعة ب 6.15في المائة (5مقاعد) وعلى ضوء هذه النتائج، فقد أصبح الحزب الديمقراطي بايطاليا «القوة التقدمية الأولى» داخل الحزب الاشتراكي الأوروبي.
من جهة أخرى، صرح مسؤولون «بعصبة الشمال» الايطالية أن حزبهم يعتزم تشكيل فريق داخل البرلمان الأوروبي إلى جانب الجبهة الوطنية الفرنسية التي تتزعمها مارين لوبين، في حين ترفض «حركة خمس نجوم المعارضة» أي تحالف مع الحزب الفرنسي.
رومانيا
وفي رومانيا (32 نائبا) يبدو أن المشهد السياسي مختلف، حيث حقق ائتلاف وسط اليسار فوزًا كبيرًا، وحصل على 42.40 بالمئة من الأصوات أي 18 مقعدا من أصل 32 حصة رومانيا بالبرلمان الأوروبي.
وباستكمال نتائج الانتخابات الأوروبية بباقي الدول ال 28 المشكلة للاتحاد الأوروبي، يكون محافظو «الحزب الشعبي الأوروبي» قد تصدروا الانتخابات الأوروبية بفوزهم بـ212 مقعدًا في البرلمان الأوروبي المقبل بنسبة 28.33 بالمائة ، متقدمين في ذلك على الاشتراكيين الذين حصلوا على نسبة 24.9 في المائة (187مقعداً)، بينما قد تصل حصة المناهضين لأوروبا إلى نحو 130 مقعدًا، الليبيراليون 72 مقعدا بنسبة 9.59بالمائة ، الخضر 55 مقعدا بنسبة 7.32 %، واليسار الراديكالي 43 مقعدا بنسبة 5.73 % وبين من يحاول أن يقرا الأرقام والنتائج بنظرة ايجابية، على اعتبار أن القوى التقليدية الكبرى لازالت تحافظ على المكانة الرئيسية بالبرلمان الأوروبي، و أن المنافسة على رئاسة المفوضية الأوروبية ستقتصر على مرشح اليمين الأوروبي «جان كلود يونكر» المدعوم بقوة من طرف المستشارة الألمانية «انغيلا ميركل،» وبين مرشح الاشتراكيين، الديمقراطي الألماني «مارتن شولز»، وبين من يعتبر أن هذه القوى ستستخلص الدروس من هذه النتائج وستجدد آلياتها وخطابها لأنها ستكون أمام معارضة قوية، وهذا كله قد يعطي نفسا جديدا للاتحاد من أجل استكال البناء الأوروبي.
في بالمقابل يعتبر العديد من المتتبعين للشأن الأوروبي أن هذه النتائج يجب أن تؤخذ على محمل الجد، فصعود اليمين المتطرف بفرنسا وبريطانيا والدانمارك والسويد..، وتنامي قوة المناهضين للبناء الأوروبي، وكذلك قوى اليمين المتطرف واليسار الراديكالي وبعض القوى المعادية للمهاجرين وللإسلام بهولندا وايطاليا، إضافة إلى ما وصفه البعض بالنقطة السوداء في الانتخابات الحالية والتي تتمثل في صعود ما يسمى «بالنازيين الجدد» في اليونان، كلها إشارات تبعث إلى دراسة الواقع السياسي الأوروبي الملتبس وتجديد صيغ اشتغاله والبحث عن الحلول الناجعة للازمات الاقتصادية والاجتماعية، بل وحتى الثقافية التي يتخبط فيها المواطنون بأوروبا، بدل تركهم عرضة للخطابات الشعبوية أو التشكيكية والمتطرفة، و بالتالي الإجابة عن الأسئلة المقلقة حول الجدوى من استمرار الوحدة الأوروبية.
عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
28 ماي 2014