اليمين المتطرف الحزب الأول بفرنسا بعد الانتخابات الاوربية..
عن صحيفة بلادْنا – يوسف لهلالي
27 ماي 2014
مازالت فرنسا تحت وقع الصدمة مع التقدم الكبير الذي احرزه اليمين المتطرف الفرنسي بفوزه بالمرتبة الاولى في الانتخابات الأوربية التي تمت يوم أمس. هذه الصدمة لم تقتصر على فرنسا، بل مست كل البلدان الاوربية، باعتبار باريس احد البلدان المؤسسة للاتحاد الاوربي الى جانب المانيا. وبعثت من خلال هذه النتيجة برسالة سلبية الى باقي بلدان المنطقة والى مسلسل البناء الاوربي الذي مازال يعاني من عدة تعثرات، من خلال فوز حزب فاشي ومعادي للاتحاد وللعملة الاوربية ويدعو الى اغلاق الحدود الفرنسية. هذه النتيجة سوف تضعف فرنسا ودورها في الاتحاد كبلد رائد بهذه المجموعة، وهو الوضع الذي سوف يواجهه الرئيس الفرنسي في أول اجتماع للمجلس الاوربي في بداية هذا الاسبوع، بعد انتخابات البرلمان الاوربي.
بعد اعلان نتائج الجبهة الوطنية المتطرفة التي حصلت على المرتبة الاولى( 25 في المائة)، امام الاتحاد من اجل حركة شعبية، وهو اكبر حزب يميني بفرنسا (20 في المائة )، والحزب الاشتراكي الحاكم الذي حل بالمرتبة التالثة ( من 14 في المائة). عبر الجميع عن استنكاره لهذه الدراما الفرنسية، وتم وصف هذا الانتصار لليمين المتطرف “باليوم الاسود” والحزين بفرنسا”، كما عبر عن ذلك جون ليك ميلونشو، احد زعماء جبهة اليسار.
وقد دعت مارين لوبين وابوها الزعيم الروحي للمتطرفين بفرنسا، الرئيس الفرنسي إلى الاخذ بعين الاعتبار هذه النتيجة، اعتبار الجبهة الوطنية كأول حزب بفرنسا وحل الجمعية الوطنية والقيام بانتخابات سابقة لأوانها وتغيير تركيبة البرلمان، ليكون أكثر تجانسا مع القوى السياسية المتواجدة على الأرض.
وعبرت زعيمة حزب اليمين المتطرف مارين لوبين عن سعادتها وفرحتها بالنتائج التي حصلت عليها، وقالت أمام الصحفيين : “أشكر كل الفرنسيين الذين صوتوا لصالحنا، لقد أرادوا بذلك توصيل رسالة مفادها أنهم يريدون إدارة شؤون فرنسا بأنفسهم وأن يتحكموا في مستقبلهم”. لتؤكد أن : “الفرنسيين يرفضون القرارات التي تأتي من الخارج أو أن يتحكم في شؤونهم تقنوقراط غير منتخبين”.
واضافت لوبين امام انصارها بعد انتصار يوم الأحد “النضال من أجل فرنسا كبيرة وقوية يجب أن يكون قاسمنا المشترك. علينا أن نتوحد. لا يمكن بناء الاتحاد الأوروبي ضدنا وضد الشعوب التي تعيش فيه. علينا أن نبني أوروبا الشعوب وإذا كانت ألمانيا القلب الاقتصادي النابض، ففرنسا هي القلب السياسي النابض أيضا”.
أما رئيس الحكومة الفرنسية مانييل فالس، فقد وصف فوز حزب مارين لوبين ” بالزلزال السياسي مضيفا “انه ثمانية أسابيع فقط بعد الانتخابات البلدية، عبرتم مرة ثانية عن غضبكم وتشاؤمكم. لقد قلتم بأن المشاكل لا تزال عالقة وأن حملها ثقيل جدا. لقد عبرتم عن الصعوبات التي تواجهونها يوميا من أجل إيجاد فرص العمل وللعيش بشكل محترم”.
وأكد مانييل فالس أن “الفرنسيين يريدون العيش في أوروبا قوية تكون أكثر تضامنا مع شعوبها وأكثر عدالة، داعيا إلى مواصلة الإصلاحات التي كشف عنها في خطاباته أمام الجمعية الوطنية والإسراع في تنفيذها بكل شجاعة”.
ولقد انتقد رئيس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، المعارض جان فرانسوا كوبيه هذا التصريح الذي أدلى به رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس، وقال “بأنه لا يتناسب مع الخيارات الانتخابية التي قام بها الفرنسيون، وأشار أن الحكومة ورئيسها لم يأخذا بعين الاعتبار مطالب الفرنسيين، وهما يرتكبان نفس الأخطاء منذ سنتين”.
نتائج الانتخابات الأوروبية والنسبة القليلة من الأصوات التي حصل عليها الحزب الاشتراكي، تعبر عن سوء تسيير الشؤون الفرنسية من قبل الأغلبية الحاكمة”. وأضاف “إن على ضوء نتائج حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، هي الجمعية السياسية الوحيدة القادرة غدا على اقتراح سياسة أخرى للفرنسيين، لكن شرط أن يواصل بناء الثقة التي تربطه بهم. وبشأن فوز اليمين المتطرف، أكد كوبيه “أن هذا يعبر عن الغضب الكبير الذي يشعر به الشعب الفرنسي”.
من ناحية أخرى، دعا الكاتب الاول للحزب الاشتراكي، جان كريستوف كومبادليس الاتحاد الأوروبي “إلى التكفل بمشكلة البطالة والتنمية المستدامة، وأن يكون أكثر ديمقراطية وأكثر تضامنا مع الأوروبيين، وأقل تقشفا في سياسته الاقتصادية وأقل بيروقراطية”.
هذا التصريح، يعكس التوجه الفرنسي العام منذ عدة عقود، ألا وهو تحميل المسؤولية الى اوربا في كل القرارات السلبية، وهو الامر الذي انتهى الى اعطاء نظرة جد سلبية لدى المواطن الفرنسي حول أوربا وقراراتها التي تمس مصالحه أحيانا، رغم أن الفرنسيين هم جزء من أوربا ويتخذون القرارات مع باقي زملائهم الاوربيين.
ورغم هذه النتائج لم يتغير الوضع بالبرلمان الاوربي والتقدم الذي حققته القوى المتطرفة المحافظة سواء بفرنسا، بريطانيا، الدنمارك وباقي البلدان الاوربية، بحصولها على 130 مقعدا بالبرلمان الاوربي. فمازال المحافظون “الحزب الشعبي الاوربي ” يتصدرون الانتخابات بفوزهم بـ211 مقعدا في البرلمان الأوروبي المقبل، متقدمين في ذلك على الاشتراكيين (193 مقعدا). وهو ما سيمكن على الارجح، المحافظ جان كلود جانكير، من الفوز برئاسة المفوضية الاوربية على حساب الالماني مارتين شولز مرشح اليسار الأوربي، لكن هذا الاختيار يمكنه ان يطرح عدة مشاكل للمستشارة الالمانية أنغيلا ميركيل، التي لها تحالف مع الاشتراكيين الديموقراطين لحكم ألمانيا.