ذاتية طاغية وتصفية حسابات تجتمعان في ‘أمير منبوذ’

 

الناطق السابق باسم القصر الملكي المغربي يأخذ على الأمير هشام استشهاده بأموات في كتابه وانتقائيته

في سرد التاريخ بلا ضوابط.

عن ميدل ايست أونلاين

الرباط – من محمد بن امحمد العلوي

الاحد 11 ماي 2014

 

“لم تكن لي أية علاقات مع الأمير مولاي هشام كما اتهمني البعض”، هكذا تحدث لقناة فرانس2، حسن أوريد الناطق الرسمي السابق باسم القصر الملكي المغربي ومؤرخ المملكة سابقا، نافيا أن يكون قد جمعه أي مشروع فكري أو سياسي عندما كان أوريد يشتغل في السلك الدبلوماسي بالولايات المتحدة في بداية التسعينات من القرن الماضي او بعده.

وقال اوريد انه “باعتباري موظفا للدولة لا يمكنني أن أزج بنفسي في قضايا تتجاوزني، وللأمير توجهات لا أشاطره فيها”.

وقد حدد أوريد مسؤوليات المؤسسة الملكية بالمغرب في “عقد ضمني يجمع بين الملك والشعب، وهناك ضوابط تحدد عمل هذه المؤسسة يتضمنها الدستور”.

أما بخصوص الكتاب الذي أصدره الأمير مولاي هشام ابن عم الملك محمد السادس في الشهر الماضي بفرنسا بعنوان “مذكرات أمير منبوذ”، فقد اعتبر حسن أوريد “أن من حق أي كان أن يعبر عن رأيه. لكن هل يجوز لمن يريد أن يرسم تصورا لبلده أن يمزج فيه ذاتيته؟ هذا السؤال يحيل إلى أن الأمير قد اغرق الكتاب في ذاتية طاغية ومفرطة لا تستقيم مع أي توجهات موضوعية”.

هذا جانب أما القضية الأخرى فمرتبطة بالأخلاق، حيث يتساءل مؤرخ المملكة السابق “هل يمكن طرح أشياء حميمة أمام الملأ بشكل مجزوء”؟

هناك أشياء مغلوطة طرحها كتاب “أمير منبوذ”، يجعل الشهادة غير دقيقة وتضرب في مصداقية الكتاب وتوجهات الكاتب. ويعطي حسن اوريد بعض الأمثلة للتأكيد على أنها تجرح في شهادة الكتاب.

يقول أوريد “الأمير مولاي هشام يتحدث عن محمد الشرقاوي وهو شخصية وطنية وازنة ومحترمة لا جدال في ذلك. لكن محمد الشرقاوي لم يكن من ضمن الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال، في حين الأمير يقول بأن الشرقاوي كان من الموقعين على الوثيقة”.

الحديث هنا عن الوثيقة التي وقعتها مجموعة من الشخصيات الوطنية في العام 1944 والتي قدمت للإقامة العامة الفرنسية التي تمثل إداريا وعسكريا الحماية الفرنسية للمغرب، قدمت بتوافق ومباركة الملك الراحل محمد الخامس تطالب فيها فرنسا بالخروج من المغرب وإعطاء المغاربة استقلالهم.

يعلق الناطق الرسمي السابق باسم القصر الملكي على أن هذه “الشهادة مجروحة”. هناك أيضا حادثة أخرى تتعلق بمرافق الأمير مولاي عبد الله أخي الملك الراحل الحسن الثاني ووالد الأمير مولاي هشام.

يقول حسن أوريد بأن “هذا المرافق هو الكولونيل الفنيري والذي كان متورطا في المحاولة الانقلابية ضد الملك الراحل الحسن الثاني في العام 1971 بالصخيرات. فالأمير لا يقول كل شيء عن الكولونيل الفنيري، لا يقول مثلا بان الفنيري أطلق النار على شخص من ضمن الضيوف فارداه قتيلا، والقتيل هو السيد الدكالي الذي كان يشتغل في الكتابة الخاصة للملك الحسن الثاني”.

يعلق حسن أوريد على هذا المسعى من طرف الأمير هشام، بأن “هناك توجيه متعمد للأحداث، وهناك انتقائية، وهناك عدم دقة”.

وأضاف أوريد بان “ما يعزز هذا التحليل المبني على وقائع تم تحويرها، وجود صحفيين اعترضوا على ما نسب إليهم في الكتاب”.

والواضح انه يعني الصحفي عبد الرحيم اريري مدير نشر “الوطن الآن”، الذي اعترف انه تعرف على الأمير مولاي هشام في العام 2005 وبأن هذا الأخير اقترح عليه “2 مليار سنتيم لتفكيك مملكة محمد السادس”. والصحفي الثاني هو علي لمرابط، الذي اعترف بأن الأمير حاول رشوته بالمال، متهما إياه بالسعي “لأن يصبح ملكا مكان الملك”.

ويضيف حسن أوريدان كتاب الأمير مولاي هشام “كشهادة ضمن شهادات أخرى من الضروري تسليط الكثير من الأضواء الكاشفة عليه من النقد والتمحيص”.

وأكد حسن أوريد “أن من حق الكاتب ان يعبر عن رؤيته وتصوراته لبلده حتى ولو كان اميرا، لكن عندما يمزج الطابع الذاتي الذي قد يبدو انه عبارة عن تصفية حسابات يسيء إلى الرؤى التي يريد ان يعبر عنها”.

وبخصوص الذاتية التي يمكن أن تطغى في هكذا كتب قال المؤرخ السابق للمملكة “للكاتب ان يقول ما يشاء وللقراء الحق في تقييم هذا العمل، شخصيا اطلعت على أشياء غير دقيقة في كتاب امير منبوذ”.

أما فيما يخص الجانب الثقافي العريق للمغرب فقد أعطى أوريد تصوره لما جاء في الكتاب بطرحه أمورا شخصية وحميمة اذ قال “للأموات حرمة، حيث أنهم ليسوا أحياء حتى يدافعوا عن أنفسهم”.

في هذا الشق من الحديث يحيلنا حسن أوريد إلى تلك الفصول التي خصصها الأمير مولاي هشام في كتابه عن حياته داخل القصر الملكي وتربيته من طرف الملك الحسن الثاني.

وقال “تكلم الأمير عن الملك الحسن الثاني وهو شخصية سياسية يُقَارَعُ بناء على المنظور السياسي، وقد كان للحسن الثاني معارضون واجهوه بالأدوات التي يفرضها العمل السياسي من خلال اعتراض سياسي وربما أحيانا باللجوء إلى التآمر. لكن الحسن الثاني الآن أصبح شخصية تاريخية ننظر إليه بموضوعية، بدون تحامل وللدراسة التاريخية ضوابطها. هذه الضوابط غير متوفرة في كتاب الأمير”.

وفي سؤال عن تحامل البعض على الكاتب والكتاب، نفى حسن أوريد هذا الشيء وطرح سؤالا اعتبره منطقيا “هل يمكن اعتبار مثلا بعض الأشخاص الذين كانوا محسوبين على الأمير مولاي هشام ضمن الحملة ضده؟ ويؤكد أوريد “لا اعتقد بأنه كانت هناك حملة، هناك ردود طبيعية لكتاب صدر يمكن لأي شخص قراءته وفق رؤيته”.

بالرجوع إلى الكلام عن الدفاع عن حرمة الأموات وبان الأمر يمكن أن يكون غارقا في رؤية تقليدية ومحافظة مناقضة للحداثة أو تحديث المجال العام، شرح أوريد المسألة قائلا “القضية ليست فقط حرمة الأموات حيث أنهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم عندما تنسب إليهم أشياء لسنا متأكدين إن كانت صحيحة أم لا. و يبقى ما جاء في الكتاب شهادة وليست حقيقة، ولا يمكنني أن ارتكن إلى هذه الشهادة إلا إذا واجهتها وقارنتها بشهادات أخرى”.

والشيء الذي يؤاخذه المؤرخ والروائي حسن أوريد على كتاب الأمير هو “عدم الدقة، مما يعني بوضوح أنه يجب ان نحتاط فيما يخص الشهادة التي يتضمنها الكتاب وما ينسب إلى بعض الشخصيات”.

في شأن متصل جاء في الكتاب انه لا يمكن للمغرب أن يتقدم دون قتل المخزن، وللإشارة، مصطلح المخزن في المغرب قديم جدا قدم الدولة المغربية ويستبطن حمولات سياسية واقتصادية وثقافية وأمنية متجذرة ومتأصلة في النظام السياسي المغربي.

ويجيب حسن أوريد على هذه النقطة بالقول “ان هناك مسارا بدأ، ومن العمى ألا نقر بان هذا المسار الإصلاحي تطوري، وأنا كنت من داخل المطبخ” أي أن أوريد كان ضمن مربع صناعة القرار في المغرب.

ويضيف أوريد بان “المغرب تتعايش فيه بنيتان تقليدية وعصرية منذ الاستقلال وقد آن الأوان لأن نرسخ بناء دولة المؤسسات. وعلى هذا الأساس يمكن للمخزن أن يتطور كما تطورت بنية الدولة الفرنسية مما كان يسمى “النظام القديم” إلى الدولة. حيث أن هناك استمرارية بين لويس الرابع عشر ونابليون حين انتقلت الدولة من شخصنة الدولة إلى مفهومها العام والمجرد”.

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…