يوهمون الرأي العام أن مديرة صندوق النقد الدولي جاءت للمغرب لالتقاط صور تذكارية ** زيارة تندرج في سياق التفريط في السيادة الوطنية على القرارات الاقتصادية

جاءت السيدة كريستيان لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي إلينا في زيارة رسمية طويلة تمتد إلى ثلاثة أيام قبل أن تنتقل إلى العاصمة الأردنية عمان للمشاركة في ندوة إقليمية هناك.

طبعا السيدة لاغارد لم تتنقل إلى غاية هذا البلد للاستجمام والسياحة بل حرصها على الحضور إلى هنا شخصيا يؤشر على أن الموضوع كبير ويستحق اهتماما استثنائيا.

الحكومة المغربية حرصت هذه المرة وكعادتها على أن تسيج هذه الزيارة بأسوار من التعتيم والتستر، واحتقرت ذكاء المغاربة حينما اكتفت بالقول إن السيدة كريستيان لاغارد تنقلت إلى غاية المغرب للقاء المسؤولين المغاربة

وانتهازها فرصة لالتقاط صور تذكارية معهم أو تشنيف مسامع أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي بعرض أكاديمي حرصت السيدة لاغارت على إلقائه.

والحقيقة أن زيارة كريستيان لاغارد إلى بلادنا تخفي غابة من الحقائق قليلها مفرح وكثيرها محزن يدعو إلى القلق، إذ لا يخفى على أحد أن حكومة بنكيران أضحت تلميذا مجتهدا لمعلمه وسيده صندوق النقد الدولي، هذا الأخير نجح

في تطويع الحكومة المغربية التي أضحت تنفذ التعليمات دون قيد أو شرط ودون حتى رفع العين للنظر في وجه مسؤولي هذه المؤسسة المالية العالمية، التي استهوت حكومة هاوية في الاستفادة من خط إئتماني لكن مقابل الامتثال

للتعليمات الصارمة المتمثلة في القضاء النهائي على أنسنة الإجراءات الاقتصادية، وبعد أن نجح مسؤولو صندوق النقد الدولي في إجبار الحكومة المغربية على الزيادة في أسعار المحروقات بما مكن من توفير عشرة ملايير درهم

وبما زاد من إثقال كاهل الفئات ذوي الدخل المحدود، فإن السيدة كريستيان جاءت من جديد لتعجيل الحكومة المغربية لاتخاذ ما تبقى من رزمة قرارات صعبة ومؤلمة خصوصا فيما يتعلق بإلغاء صندوق المقاصة وإصلاح نظام التقاعد،

وليس من قبيل الصدفة أن تتعمد أوساط حكومية تسريب خبر إقدام الحكومة قريبا على إلغاء الدعم على مادة الدقيق المدعم، ذلك أن الحكومة تعمدت إعطاء إشارة للسيدة كريستيان قبل حلولها إلى المغرب.


إن زيارة المسؤولة الأولى في صندوق النقد الدولي لبلادنا تجد تفسيرها في سياق استسلام الحكومة المغربية وتفريطها في سيادة القرار الاقتصادي الوطني، وترضيتها المطلقة للمؤسسة المالية العالمية التي يلوح مسؤولوها بورقة

الخط الائتماني بقيمة 6 مليار دولار لم يحصل منها المغرب على سنتيم واحد رغم أنه يدفع تكاليفه غاليا.

الرباط ” العلم ”

9 ماي 2014

 

‫شاهد أيضًا‬

قراءة في مشروع قانون المالية لسنة 2021 * بقلم : طارق المالكي

يأتي مشروع قانون المالية لسنة 2021 في سياق عام دولي ووطني، يتميز بالصعوبة والضغوطات التي ت…