الداودي يدعو الى الجهاد …؟؟؟؟

بقلم ..بديعة الراضي

في الوقت الذي كان فيه المغرب يدافع عن وحدته الترابية في المحفل الدولي في ظرف زمني عصيب يهدد فيه خصوم وحدتنا الترابية في الدفع بتكليف المينورسو بمسألة حقوق الإنسان في الصحراء المغربية ضد إرادة المغرب و سيادته، كان لنواب ووزراء العدالة والتنمية هم آخر. وهو الهم الذي تخلى فيه لحسن الداودي -بسؤال محبوك من فريقه البرلماني في جلسة دستورية عامة أول أمس بقبة البرلمان- عن منصبه في الحكومة واختار أن يخاطب “اخوتو المغاربة” من موقعه في جماعة الاصلاح والتوحيد مثله مثل رئيسه في الحزب عبد الاله بنكيران، في سابقة أخرى تكشف العمق التوحيدي الاصلاحي ، في فكر فرع الاخوان المسلمين بالمغرب ، والذي بدا فكرا يشد وزراء العدالة والتنمية من أمعائهم ليكشفوا عن شخصياتهم الحقيقية في لحظات الوطن العصيبة ، حيث يختار هؤلاء الجماعة ومنها الدائرة الإخوانية عوض اختيار الوطن والتحلي بالمواطنة التي نريد أن نعززها بدعوة صريحة إلى نكران الذات أمام القضايا الكبرى التي تهدد استقرار المغرب وتعيده الى نقطة الصفر بالقضاء الفعلي على كل المكتسبات التي أوصلتنا الى دستور 2011. وتخيل الداودي أنه فارس جماعته وحزبه داخل قبة البرلمان في قضية أدنا فيها بقوة الجريمة النكراء التي ارتكبت في حق الطالب عبد الرحيم الحسناوى ، وحرصنا فيها على تقديم التعازي إلى أسرته وعبرنا فيها عن تضامننا الانساني بل اعتبرنا فيها ان التعامل مع ظاهرة العنف الذي يصل إلى حد الإجرام في الفضاء الجامعي، لا يمكن التعامل معه بانتهازية أو استغلال سياسي مدافعين من مختلف واجهاتنا عن ضرورة التوجه الى معالجة العنف من جدوره. بل لم يتمالك الوزير المنخرط في رؤيته الحزبية الضيقة في قلب حكومة المغاربة نفسه، ليكشف في غفلة منه أن الحزب فوق الوطن، وأن دم الإصلاحيين التوحيديين هو دم طاهر وأن إسالته في قلب الجامعة المغربية شيء إستتنائي، وكأن لسان حاله يدعو الى الجهاد، كما يدعو الى معالجة الدم بالدم، وأن إراقة دم طالب ينتمي إلى فصيل جماعة الوزير تدعو الى الجهاد ضد من سماهم الإرهابيين القتلة، هؤلاء الذين ينبغي تطهير الجامعة منهم بنفس الأسلوب الذي استعملوه،وذلك بقطع أقدامهم بالسيف الحاد، حتى تختفي بصماتها من أرض جامعة ينبغي أن تكون مرتعا للتوحيد والإصلاح دون منازع في ذلك، بالدفاع المستميت حد السيف على الفكر الواحد والتحكم الواحد، سيرا على درب المرشد في جامعة “عين شمس” بالقاهرة ومنها باقي الجامعات في دوائر الاخوان العربية في الشرق الأوسط ودول الخليج وشمال إفريقيا ومنه إلى باقي الفتوحات المرسومة في دفتر الجماعة. ولم يكتف الوزير بدموعه أمام الشاشات العامة والخاصة، بل أوقف التاريخ على لسانه بقبة البرلمان، معتبرا الجريمة التي وقعت بجامعة بفاس، هي جريمة ليست ككل الجرائم، فبدأ فارس الاصلاح والتوحيد يوزع درجات ونوعيات الجرائم المرتكبة، والتي يسجلها التاريخ بقوة وتدونها التحاليل بكثير من البحث والدقة في دواعيها ومسبباتها, لم يستمع الوزير الى عزائنا واستنكارنا كفريق اشتراكي يعي جيدا دقة المرحلة والمسؤولية الجسيمة الموضوعة على عاتقنا ، بل لم يستمع لا الى عزاء ولا الى استنكار فرق المعارضة التي عبر رؤساؤها عن استيائهم للفعل الاجرامي ودوافع الفعل و مسبباته، وصاح الداودي بأعلى صوته وما أوتي من قوة منفذا قرارات مرشده في الاصلاح والتوحيد، ليقول أمام الملأ أنه عازم على نصرة إخوته في الجماعة وأن فصيله في الجامعة سينتقم لدم أخيهم في الله وفي التنظيم الإخواني، وأن الشعب -الموجود في مخيلته- سينتفض مع طالب ضد طالب ، بل سيقول هذا الشعب كلمته ل “الدولة” –كمصطلح جديد حل محل لغة التماسيح والعفاريت- وهي ” الدولة ” التي تدفع في اتجاه محاربة الفصيل الطلابي التوحيدي الاصلاحي ومنه محاربة الجماعة وحزب العدالة والتنمية، بالتصويت مرة أخرى على لحسن الداودي ، الذي لن يقبل تدبير شأن عام ، إلا شأن من أعطوه صوتهم، ويكون بهذا الفعل مخلصا ووفيا للغة الصندوق التي تعلو فوق لغة استقرار الجامعة ضد تأدية مهامها التعليمية والتكوينية والتربوية، ومنها استقرار المغرب الآمل في التوجه للمستقبل ببناء المؤسسات واستقلاليتها وتقويتها لوطن منسجم مع تطلعات نخبه في تحقيق المشروع الديمقراطي بدولة حديثة. شخصيا ومن شرفة البرلمان، قرأت السلام على التعليم والجامعة في بلدي وأنا أحتسب زمن جلوس الجماعة التوحيدية الاصلاحية على كراسي مراكز القرار في وطني، قلت ” يا الله” أيها الزمن الرديء لابد من البحث في نسيانك حتى لا يوشم هذا الدفاع عن الظلام في ذاكرتنا، ونحن نتحسر على مغرب يدافع فيه وزير في الحكومة على مواجهة العنف بالعنف، والدعوة الصريحة إلى تأجيج الوضع، في جلسة عامة منقولة للرأي العام الوطني و الدولي، بعدما كنا نبحث عن تفسير لعودة حامي الدين إلى مسرح الجريمة في فعل استفزازي لا يمكن أن يولد إلا عنفا أكبر.

************

بديعة الراضي لنشرة المحرر

‫شاهد أيضًا‬

اليسار بين الممكن العالمي والحاجة المغربية * لحسن العسبي

أعادت نتائج الانتخابات البرلمانية الإنجليزية والفرنسية هذه الأيام (التي سجلت عودة قوية للت…