الضمير الميت للحكومة لا يصلح التعليم واليناصيب سينميه
خطير جدا أن تصير المؤسسة التعليمية العمومية مرتعا للمخاطرة بأجيالنا بتنميتهم في ثقافة اليناصيب
|
لازالت الحكومة صامتة إزاء التعبير عن موقفها من الاستهتار الذي يعبر عنه إعلان إشهاري لشركة اليانصيب الوطنية، والذي بخس من خلاله كل التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ، وبخس ورش التعليم، والمنظومة التعليمية ومكونات الأسرة التعليمية من خلال اختزالها في مجسمات من اللوطو تشمل هيئة التدريس، التلاميذ، فضاء القسم و المدرسة العمومية.
ومن هنا ينبغي أن يكون موقف الحكومة واضحا من دون مراوغات حيث يقتضي هذا الأمر محاسبة قوية لوزراء التعليم، والمدير العام للسكك الحديدية، ووزير التجهيز والنقل من طرف مؤسسة البرلمان بالمطالبة بإقالتهم أو تقديم استقالتهم.
فإذا كان وزراء العدالة و التنمية وفريقهم البرلماني من المناصرين والمدافعين عن إبعاد إشهار اليناصيب من الإعلام العمومي ، يلزم هذا موقف تابت إزاء قضية التعليم بنفس الحماسة، خصوصا وأن قضية التعليم تعتبر الثانية بعد الوحدة الوطنية.
فخطير جدا أن تصير المؤسسة التعليمية العمومية مرتعا للمخاطرة بأجيالنا بتنميتهم في ثقافة اليناصيب، والتخفي و التستر وراء تنمية التعليم يعد مجرد هراء ما بعده هراء ، لن ينطلي فيها مضمون الإعلان الإشهاري المستفز عن اعتبار المغاربة أغبياء أو مكونات الأسرة التعليمية أو المجتمع المدني ، أو النقابي وغيرها.
لن يقبل أحد المجازفة بمستقبل أجيالنا، بجعل ورش التعليم مفتوحا أمام أي نوع من الشراكات أو الدعم ، إن عقد أي شراكة يتوجب أن تكون فيه مصلحة ورش التعليم والمؤسسة التعليمية فوق كل اعتبار وليست هدفا للربح و الإضرار بصورة التعليم.
وهنا نطرح تساؤلات تجعلنا نستشف منها الإجابات الملحة التي تفرض أن تجيب عنها الحكومة؟
من هم شركاء التعليم ؟
وماهي مصادر تمويل هذه الشراكات و طبيعتها؟
هل يتم الانفتاح على عقد الشراكات كيفما كان نوعها ، اليناصيب نموذجا؟
وماهي العلاقة التي تربط اليناصيب بالتعليم من سينمي الأخر؟هل اليناصيب سينمي التعليم؟ أم التعليم سينمي شركة اليناصيب الوطنية…؟
هل الإعلانات الإشهارية خاضعة لمراقبة قبلية أم أن الباب مفتوح على مصراعيه؟
هل هدف المكتب الوطني للسكك الحديدية هو الربح دون أن ينظر إلى مضمون الإشهار، حتى وإن كان يضر بصورة التعليم ويناقض التوجهات الملكية بخصوص التعليم؟
هل استغلال الفضاءات العمومية في الإشهار ،ألا يتطلب ذلك معاينة لطبيعة الإشهار ؟
إن الحكومة مطالبة بكافة مكوناتها ، وبأغلبيتها،أن تكون في صف المجتمع المغربي لا أن تكون في صف شركة اليناصيب الوطنية، أن تكون حكومة المواطن المغربي، لأن الكراسي زائلة و تبقى المواقف الشجاعة التي تقدر حجم المسؤولية ، إن تحصين التعليم أصبح ضرورة جوهرية.
وهنا وجب تذكير الحكومة بخطورة هذا الإهمال و الاستهتار بمنظومة التعليم التي أخذت مساحة كبيرة من اهتمامات المؤسسة الملكية، وشكل فيها خطاب 20- غشت 2012 بمناسبة ذكرى ثورة الملك الشعب منعطفا جديدا من حيث المنظور الذي يتوجب الانخراط فيه في ورش التعليم، إذ أكد جلالة الملك على ضرورة الانكباب الجاد على هذه المنظومة٬ التي وضعها في صدارة الأسبقيات الوطنية وحث جلالته على تفعيل ما تمت التوصية به خلال السنوات الأخيرة٬ وتنزيل ما توخاه دستور 2011بخصوص التعليم العصري والجيد٬ و”إعادة النظر في مقاربتنا٬ وفي الطرق المتبعة في المدرسة” و تحويل المدرسة إلى فضاء يعتمد منطقا يتوخى صقل الحس النقدي٬ وتفعيل الذكاء٬ للانخراط في مجتمع المعرفة والتواصل.
الخطاب كان واضحا لجلالة الملك. فهل الإعلان الإشهاري اليناصيب في تنمية التعليم فيه أي مطابقة لما جاء في الخطاب؟ طبعا لا، بل يبتعد عن مضمونه و يعبر عن تراجع خطير عن مرامي ورش التعليم، و تحوير مقاصده إلى أهداف خفية تهدف إلى حصد عدد التلاميذ ليحترفوا القمار في سن مبكرة.
وبالرجوع إلى خطاب 20- غشت3201 بمناسبة ذكرى ثورة الملك الذي كان كاشفا في تشخيص واقع التربية والتكوين ببلادنا، والذي كان قاسيا من حيث الوصف حيث خاطب جلالته مكونات الشعب المغربي: “من موقع أعماق قلب أب يكن، كجميع الآباء، كل الحب لأبنائه.
ورغم أن خديمك لا يعيش بعض الصعوبات الاجتماعية أو المادية، التي تعيشها فئات منك، شعبي العزيز، فإننا نتقاسم جميعا نفس الهواجس المرتبطة بتعليم أبنائنا، ونفس مشاكل المنظومة التربوية، ما داموا يتابعون نفس البرامج والمناهج التعليمية.
فالمهم في هذا المجال، ليس المال أو الجاه، ولا الانتماء الاجتماعي، وإنما هو الضمير الحي الذي يحرك كل واحد منا، وما يتحلى به من غيرة صادقة على وطنه ومصالحه العليا”.
وفي هذا نساءل ضمير الحكومة هل هو في موضع الغائب ؟ كيف يقبل أربع وزراء يدبرون قطاع التعليم، مرور مثل هذا الإعلان الإشهاري البئيس، ويتطاول على رسالة التعليم النبيلة ؟ حيث نتوخى أن يكون التعليم رافعة للتنمية وليس رافعة لأرباح اليناصيب ، أين هو ضمير المدير العام لسكك الحديدية هل هو ضمير ميت؟ أين هو ضمير وزير التجهيز و النقل باعتبار مسؤوليته السياسية على قطاع السكك الحديدية هل كان في نزهة؟.
وقد عبر جلالته في نفس الخطاب “غير أن ما يحز في النفس أن الوضع الحالي للتعليم أصبح أكثر سوءا، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل أزيد من عشرين سنة.
وهو ما دفع عددا كبيرا من الأسر، رغم دخلها المحدود، لتحمل التكاليف الباهظة، لتدريس أبنائها في المؤسسات التعليمية التابعة للبعثات الأجنبية أو في التعليم الخاص، لتفادي مشاكل التعليم العمومي، وتمكينهم من نظام تربوي ناجع”.
فأين النجاعة أيتها الحكومة في منظومة تربوية أصبحت مخترقة وتقبل أن تجعل التعليم بدون رقابة، بدون حدود ، بدون تدقيق مضمون الشراكات، ومادة رخيصة للإشهار التي تضر بصورته ، وتضر بأي إصلاح ، ولا يمكن لليناصيب أن ينمي التعليم بأي حال من الأحوال فإذا كان سينمي التعليم، فلا داعي أن يكون لدينا وزراء على رأس قطاع التعليم ، ولا داعي أن نربط العمل مع منظمات دولية ذات صلة بالتعليم. فقط نجعل اليناصيب يتكفل بتنمية التعليم بخرابه.
نريد ضميرا ليتعافى التعليم.
من هم شركاء التعليم ؟
وماهي مصادر تمويل هذه الشراكات و طبيعتها؟
هل يتم الانفتاح على عقد الشراكات كيفما كان نوعها ، اليناصيب نموذجا؟
وماهي العلاقة التي تربط اليناصيب بالتعليم من سينمي الأخر؟هل اليناصيب سينمي التعليم؟ أم التعليم سينمي شركة اليناصيب الوطنية…؟
هل الإعلانات الإشهارية خاضعة لمراقبة قبلية أم أن الباب مفتوح على مصراعيه؟
هل هدف المكتب الوطني للسكك الحديدية هو الربح دون أن ينظر إلى مضمون الإشهار، حتى وإن كان يضر بصورة التعليم ويناقض التوجهات الملكية بخصوص التعليم؟
هل استغلال الفضاءات العمومية في الإشهار ،ألا يتطلب ذلك معاينة لطبيعة الإشهار ؟
نريد ضميرا ليتعافى التعليم.
بقلم: عبد الواحد زيات
عن جريدة العلم