الموساوي العجلاوي
“المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب” بين السياسي والأمني
بغداد – 12، 13 مارس 2014
انعقد ببغداد يومي 12 و 13 مارس ” المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب ” ، حضر أشغال وورشات هذا المؤتمر وفود من 40 دولة من أوربا وآسيا وإفريقيا إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كما تم استدعاء عشرات الباحثين يشغلون على قضايا ظاهرة ” الإرهاب” والجماعات الجهادية. انعقد المؤتمر في سياق سياسي عربي متشرذم، ولم تحضر دولتا السعودية وقطر في سياق توتر العلاقات بين الحكومة العراقية والدولتين العربيتين ، في منحى ارتبط بما يجري في سوريا وفي المنطقة من تبادل الاتهامات حول من يدعم الجماعات الجهادية.
بدعوة من السيد سفير دولة العراق بالرباط، حضرت أشغال المؤتمر رفقة حسن أوريد أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس أكدال. يأتي انعقاد هذا المؤتمر في سياق تصاعد عمليات ” الدولة الإسلامية في العراق وسوريا ” المعروفة باسم ” داعش ” والتي دشنت عمليات انتحارية استعراضية في قلب بغداد، قبيل انعقاد المؤتمر ، الذي جرت أشغاله في المنطقة الخضراء، المؤمنة بشكل مهني ودقيق.
انعقدت الجلسة الافتتاحية في القصر الحكومي، و استهل الحفل بكلمة صفاء الشيخ رئيس اللجنة العليا المشرفة على المؤتمر ثم كلمة رئيس الوزراء، نوري المالكي، تلتها كلمات ممثل الأمين العام للامم المتحدة في العراق، و الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، وممثلة الاتحاد الأوربي في العراق و منظمة التعاون الإسلامي ، ووكيل وزير الخارجية الأمريكي، و مساعد وزير الخارجية المصري و مساعد الخارجية البريطانية للشرق الأوسط، ووكيل وزير خارجية إيران ووكيل وزير خارجية دولة الامارات العربية المتحدة، ووكيل وزارة الجمهورية اليمنية، و وكيل خارجية نيجريا، وانتهى حفل الكلمات بخطاب الأمين العام للأنتربول رونالد نوبل.
وكما أكد ذلك صفاء الشيخ رئيس اللجنة العليا للمؤتمر أن هذا الملتقى ينعقد في ظل تصاعد ” الإرهاب ” واعتبار العراق الساحة الأمامية لهذه المواجهة، وأن وضع مخطط للمواجهة يقتضي تظافر كل الجهود. ما ميز المؤتمر هو مقاربته الأفقية التي تجمع بين المسؤولين السياسيين والعسكريين ومؤسسات محاربة ” الإرهاب” والباحثين، وهي ظاهرة عادية في عدد من الدول الأوربية والمشرقية والإفريقية، لكنها غائبة في الكثير من الدول، التي تعتمد مقاربة عمودية لقضايا الاستقرار والأمن، في حين أن المقاربة الأمنية الجديدة تقتضي توجها أفقيا تشترك فيه جميع المؤسسات خاصة المجتمع المدني والباحثين. رسمت أهداف المؤتمر في ست نقاط :
1- تفعيلاطرالتعاونالدولفيمجالمكافحة الإرهاب
2- الدروسالمستنبطةمنمكافحةالإرهاب
3- بيانآثارالإرهابعلىالتنمية والتحولالديمقراطي.
4- التعاونالدوليلحرمانالإرهابمندعمالإعلاموخدماتالشبكةالعنكبوتية.
5- التعاونالدوللمنعالدعواتالتحريضيةوالفكرالمتطرف.
6- بيان استفادةالإرهابمنالصراعاتالإقليمية .
و حددت محاور جلسات المؤتمر في ما يلي:
1- اطر التعاون الدولي الحالية في مكافحة الارهاب الواقع والآفاق.
2- تجارب مكافحة الارهاب : الدروس المستنبطة.
3- تداعيات الارهاب على التنمية الاقتصادية والتحول الديمقراطي.
4- العولمة والإرهاب : تطور وسائط الإعلام والشبكة العنكبوتية وانعكاساتها على الإرهاب.
5- التطرف الفكري والديني والتحريض على الكراهية والعنف، ودور المؤسسات الدينية في مكافحة الإرهاب.
6- التغيرات السياسية والصراعات الإقليمية والإرهاب : الفرص والتحديات.
7- تطور القاعدة: الامتدادات والتداعيات.
ورغم الأوضاع الأمنية العصية في العراق عممت اللجنة التنظيمية شعارات المؤتمر في العاصمة بغداد، ولاحظنا في عين المكان التغطية الإعلامية الكثيفة لجلسات المؤتمر واستجواب عدد كبير من المشاركين فيه .
الجلسة الافتتاحية
في حفل افتتاح المؤتمر تداولت الكلمة شخصيات عراقية وعربية وأجنبية ، وكل واحدة حملت بمواقف ورسائل متمحورة حول ظاهرة الإرهاب. في كلمته أمام المؤتمر طلب نوري المالكي من العالم مساعدة العراق للتخلص من الإرهاب، مؤكداً أن الإرهاب عابر للحدود وجغرافيته ستتوسع وارتداداته إلى جميع الدول الغربية إذا لم تتخذ إجراءات سريعة وصارمة، وربط رئيس الوزراء اتساع ظاهرة الإرهاب بتداعيات الأزمة السورية، قائلا: “سوريا تحولت إلى أكبر ساحة نشاط للإرهاب في العالم”، و أن عدم توقف الحرب في سوريا سيؤدي إلى انتقال الإرهاب إلى الدول كافة. ونفى المالكي وجود صراع بين السنة والشيعة في العراق، و أن القاعدة و”التكفيريين” هم من يقتلون السنة في الجزائر ومصر والعراق وسورية. في نفس السياق يرمي بالمسؤولية إلى الطرف الثاني بالقول: “من المسائل الخطيرة أن القاعدة باتت تقتل الشيعي والمسيحي وكأنها تتحدث باسم السنة”. ونبه المالكي إلى أن المنطقة انزلقت بسبب ما سماه ب” سياسات الإرهاب” إلى محاور ليصبح المشهد غاية في التعقيد، وأعاد اتهاماته إلى دولتي جوار لم يذكرهما بالاسم هذه المرة، ” دول تحوّل بعض مؤسساتها إلى حاضنة حقيقية للإرهاب “. و أنهى رئيس الوزراء كلمته بالرغبة في تحويل المؤتمر إلى محطة للتعاون وتبادل الخبرات في مواجهة ظاهرة الإرهاب.
حملت كلمة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف موقف الأمم المتحدة من ظاهرة الإرهاب ، لكن في مقاربة شمولية، تأخذ بالخصوص دور الورقة السياسية الداخلية والإقليمية في تنمية ظاهرة الإرهاب وتلازم ما هو سياسي بما هو أمني، كلمة ممثل الأمين العام تموقعت على مسافة واحدة من الجميع، ووصل إلى بيت القصيد بالتأكيد على “استعداد الأمم المتحدة لمساعدة حكومة العراق وشعبه لمكافحة الإرهاب”، لكن ذلك “يتطلب عمل القادة السياسيين جميعا”، و أن “إيجاد طرق لمكافحة الإرهاب ليس شيئا سهلا ويتطلب عمل الكثير”.
وطالب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، وجيه حنفي “جميع الدول بالتعاون لتجفيف منابع تمويل الإرهاب وتشكيل لجان خاصة بمكافحة الإرهاب لطرح الحلول”، وأن ذلك يتطلب “الإرادة السياسية للتعاون باستئصال الإرهاب من جذوره ومن ثم الإعداد والخبرات والتقنيات للتنفيذ”. ويعني ذلك أولوية السياسي كخطوة لإنجاح الأمني.
تميزت كلمة ممثلة الاتحاد الأوربي في العراق يانا هيباشكوفا بإلقاء الخطاب ارتجالا وباللغة العربية من جهة، وبتوجيه رسائل ضمنية إلى رئيس الوزراء المالكي من جهة أخرى، من بينها تأييد الاتحاد الأوربي للمالكي وحكومته ليس فيما جرى، بل فيما سيأتي. التفتت هيباشكوفا إلى المالكي وقالت له : ” نحن متيقنون السيد المالكي من دوركم في مكافحة الإرهاب”، وأن “مكافحتكم مكافحتنا وصراعكم هو صراعنا”، وأضافت ” نحن كأوربيين قررنا أن نبدأ التعاون المتبادل مع دولة العراق وكنا قد بدأنا بتبادل المعلومات خاصة بإرهابيين دوليين فقد عرفنا انه لدينا جيل جديد، ومنهم كبير السن ونساء حيث يصبحن جزء من عملية الإرهاب والتطرف وهم يجندون إلى سوريا”، وهي بذلك تشير إلى تنامي عدد الجهاديين الأوربيين سواء كانوا من أصول مسلمة أو الذين اعتنقوا الإسلام في سياق التجنيد القوي للجماعات الجهادية في أوربا. وأنهت هيباشكوفا كلمتها بأن اختيار أوربا هو للدولة المدنية عوض الدولة الجهادية، وانه “علينا أن نكافح داخل المدارس والمساجد والسجون من أجل دولة سيادة القانون والحق والعدالة لكل الشعب العراقي، فلكل الشعب العراقي الحق بالعودة إلى البيت ومساعدة إنسانية مباشرة له (…) ونحن متأكدون أن العراق لديه القدرة في مكافحة الإرهاب”.
ودعا مساعد وزير الخارجية الأمريكية بريت مارك إلى “وضع منهج محدد لاجتثاث أسباب الإرهاب مشيرا إلى ضرورة التركيز على إصلاح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وعدم الاعتماد على الحلول الأمنية فقط “. وفي نفس اليوم والسياق صرحت وزارة الخارجية الأمريكية بلسان جين بساكي اِن العراقَ حقق تطوراً هاماً في تحسين علاقاتِه مع بعض الدول في المنطقة مثل الاردن والكويت، وطالبت بضرورةِ اتخاذِ الحكومةِ العراقية خطواتٍ نحوَ تحسين علاقاتِه مع دول الخليج العربي، وأكدت بساكي اَن الإدارة الاميركية تشجع مبادرة َالعراق للعمل مع جميع دول المنطقةِ لمواجهةِ الإرهاب، وقالت اِن واشنطن تشارك الحكومة العراقية القلق من جراءِ ارتفاع معدلاتِ العنف، مؤكدة أنه سيتم العمل لتنفيذِ استراتيجيةٍ متكاملةٍ لتطويرِ القدراتِ الأمنية في العراق. وفي هذا التصريح محاولة من الإدارة الأمريكية بالإمساك بالعصا من وسطها في علاقات حكومة العراق بجيرانها العرب.
وظلت مداخلة مساعد وزير الخارجية المصري حبيسة مواقف عامة حول الإرهاب دون التموقع في أي جهة.
وعبر وكيل وزارة الخارجية الإيرانية مرتضى سرمدي عن” دعم بلاده للعراق في محاربة الإرهاب ودعمها بإيجاد مناخات تجرم الإرهاب “.
كما دعت الإمارات العربية المتحدة على لسان مساعد وزير خارجيتها، المجتمع الدولي إلى بذل المزيد من الجهود للقضاء على التطرف، وأكدت أنها تشجع على التقريب بين الأديان، فيما أعربت عن أملها بخروج مؤتمر بغداد الأول لمكافحة الإرهاب بنتائج ملموسة.
وتوالت بعد ذلك كلمتا كل من وكيلي وزارة الخارجية باليمن ونيجريا، وانتهت الجلسة الافتتاحية بعرض الأمين العام للأنتربول رونالد نوبل، وتمحورت مداخلته حول الجانب التقني في مكافحة الإرهاب.
المحور الأول: تجارب الدول في مكافحة الإرهاب
تمحورت مداخلات هذا المحور حول تجارب بعض الدول في مكافحة الإرهاب، فتناول الكلمة الجنرال الأمريكي مارك كميت ( وهو خبير كبير في الشأن العراقي، ومن القيادات العسكرية في العراق في العام 2003 )، وتحدث عن تطور تنظيم القاعدة في العراق من حيث البنى التنظيمية وأساليب الاغتيالات والتفجيرات، وتحدث عن ولادة ظاهرة الزرقاوي، كما تطرق إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية، وربط بين قوة القاعدة وضعف المؤسسات والقيادات السياسية. وقارن بين تنظيم القاعدة وتنظيم داعش الذي يرمز في نظره إلى تطور بنى وتوجهات القاعدة وفق المجالات الجغرافية والمجتمعات، ولم تخرج مداخلة الجنرال عن الخط السياسي الأمريكي في المنطقة .
بيتر أولسون ( بريطانيا) تحدث في موضوع ” دور المعلومات والاستخبارات في مكافحة الإرهاب” من خلال إخفاقات ونجاحات السياسة البريطانية في مواجهة الإرهاب ودور الاستخبارات من خلال طبائع الممارسات في العمل الاستخباراتي من زاويتي الحكم الرشيد وحقوق الإنسان، إذ أكد أن طريقة اعتقال المشبوه فيهم في البداية أنتجت ردود فعل سلبية ساهمت في تقوية النسيج البشري للحركات المتطرفة، فتم تغيير هذه القاعدة للحد من تأثير أساليب اعتقال المشبوهين. النقطة الثانية في هذه المداخلة تمحورت حول بناء المعلومة من شظايا وأجزاء، وأن التحدي في هذا المستوى يكمن في إدارة المعلومات والاستفادة من المعلومات الصغيرة لتحقيق الأهداف الكبير، وأكد أن ليس هناك شخصا واحدا أو مؤسسة يمكن أن تملك الحقيقة. وعرج على ظروف العمل في أجهزة تحليل المعلومة، وأن ذلك يتطلب إدارة حكيمة وملاحظات دقيقة، إضافة إلى الإرادة السياسية من الهيئات العليا، تم تابع مداخلته بالتطرق إلى التجربة البريطانية في مواجهة الحركات المتطرفة في إيرلندا، والتي أدت ، وفق تحليله، إلى فصل المسلحين عن السياسيين. وأنهى أولسون مداخلته بالقول إن الخبرة الاستخباراتية مفيدة ، ومراقبة التدفق المعلوماتي قضية أساسية، لكن يجب أن تدخل هذه العمليات جميعها في التحليل السياسي الكلي.
تناول الكلمة الليبي نعمان بن عثمان ( بريطانيا) وكان من قدماء أفغانستان، قبل أن ينتهي به الأمر إلى الانخراط في وساطات انتهت سنة 2010 بإطلاق سراح عدد كبير من مقاتلي وقيادات ” الجماعة الليبية المقاتلة” المعتقلين في ليبيا، من بينهم عبد الحكيم بلحاج، الوجه الأبرز في عملية إسقاط نظام القذافي. انطلق بن عثمان من فكرة أن ” الإرهاب” حاول تبني ” الربيع العربي”، وعرج على النموذج الليبي وإشكال الحدود وعبور الجهاديين من تونس إلى سوريا، ووقف بدوره على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا ( داعش )، وتأسيس الإمارات بالنسبة إليه يعني تقديم نماذج لمجتمعات جديدة قادرة على الاستقطاب. وقف بن عثمان عند مفهوم ” الإرهاب” والنموذج السوري. انتقل بعد ذلك إلى موضوع التعامل المباشر مع هذه الظاهرة، وذلك من خلال التعاون الدولي واستخدام المنظومة القانونية لتطوير المنظومة التشريعية ومعالجة هذه الظاهرة ، وأن الحاجة قائمة لتطوير استراتيجيات جديدة وقرار واضح وقوي بعدم شرعنة القضايا الإرهابية، وقدم نموذج العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة، إذ يملكان مقاربتين مختلفتين للإرهاب رغم تحالفهما السياسي والعسكري الاستراتيجي.
انتقل بن عثمان بعد ذلك إلى فضاءات جغرافية عانت أو تعاني من ظاهرة الإرهاب، فتحدث عن الجزائر، التي تشهد صراعا إقليميا ، لكنه أكد أن محاربة هذه الظاهرة لن تكتمل دون تعاون دولي، تم تحدث بن عثمان عن الإرهاب في الصحراء الكبرى، وتجربة التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب في هذه المنطقة.
تطرق بن عثمان في نهاية حديثه عن جانب السجون والعدالة ونقل السجناء، وأكد أنه أمام الشبكات العابرة للحدود، ليس من خيار سوى التعاون الدولي وبناء القدرات وتحسين الاتصالات.
في نهاية هذه الجلسة العامة تقدم كامل جاسم الساعدي ( العراق) بمداخلة حول ” الاستراتيجية العراقية لمكافحة الإرهاب ” ، فتحدث عن المسار الذي تم فيه بناء هذه الاستراتيجية الذي توج في شهر يونيو بإتمام استراتيجية مكافحة الإرهاب، وقد عرضت على مجلس الأمن في الأمم المتحدة وعلى وزراء الداخلية العرب, وتضمنت هذه الاستراتيجية تعريف ومبادئ وأهداف التحديات الأمنية، ومن الإشكالات التي أشار إليها وجود أكثر من 300 تعريف لمفهوم الإرهاب، وهذا ما يعقد المقاربات الدولية لهذه الظاهرة. وستعرض تفاصيل الاستراتيجية العراقية في إحدى الورشات في اليوم الثاني للمؤتمر من لدن العميد الركن عقيل مصطفى في سياق عرض حول ” التجربة العراقية في مكافحة الإرهاب”، وهي استراتيجية جديرة بالاهتمام من حيث الجمع بين المقاربات الأفقية والعمودية للمسألة الأمنية في العراق.
في اليوم الثاني توزع المؤتمرون على لجان جرت أشغالها في مركز النهرين الوجود داخل جامعة الدفاع للدراسات العسكرية. ، وقد تم افتتاحه في يونيو 2012، وهو مركز تم إنشاؤه وفقاً لاتفاقية الإطار الإستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة، الموقعة في العام 2008، بهدف تيسير الحوار الإقليمي، ومدخلا للدراسات الأمنية وللحوار الإقليمي مع دول المنطقة. و يضم المركز جامعة الدفاع للدراسات العسكرية، و كلية الدفاع الوطني والكلية الحربية ومعهد اللغات. وبلغت تكلفة هذا المجمع ، وفق بيان للسفارة الأمريكية في بغداد، 15 مليون دولارا. وتهدف الولايات المتحدة الأمريكية من خلال إنشاء مركز النهرين إلى ” وضع منهاج للتطوير المهني والدراسات الاستراتيجية لكبار المسؤولين في العراق..” ويتمحور التكوين حول الدفاع والاقتصادات، والعلاقات المدنية العسكرية، والقيادة والتدبير والقضايا المتعلقة بالأمن الإقليمي و تخطيط الموارد الاستراتيجية.
تمحورت الورشات في اليوم الثاني بمركز النهرين حول موضوع ” العولمة والإرهاب وتأثير ذلك على استدامة التنمية والتحول الديمقراطي”، وقدمت في الورشة الأولى خمسة مداخلات تتعلق بقضايا وأطروحات :” إشكالبية الفكر الإرهابي” و ” الإرهاب المعولم: العنف الأعمى في العلاقات الدولية ” و ” الهوس الديني والإرهاب” و” الإرهاب عبثية الفكر عدمية الفعل” ثم ” تداعيات تبعة الإرهاب على الساحة العراقية”.
وتمحورت الورشة الثانية حول قضايا تتعلق بإديولوجية الإرهاب والخطاب الديني المتطرف والإرهاب والتحول الديمقراطي والإعلام ودوره في صناعة الإرهاب والتأثيرات النفسية لفعل الإرهاب على الإنسان والمجتمع. وفي ورشة ثالثة تم تقديم أوراق تتعلق بقضايا مرتبطة ب”النتائج المتوقعة من سياسة مكافحة الإرهاب الأمريكية و” التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب ” و” تأثير التنافس السياسي والإقليمي على الإرهاب و” العلاقات الدولية سبيل لتوحيد الجهود ومواجهة الإرهاب” و “التجربة العراقية في مكافحة الإرهاب” والمداخلة الأخيرة امتداد للعرض الأول الذي قدم في الجلسة الأولى العامة. ”
قدمت في الورشة الثالثة أوراق تتعلق ب”تشخيص الإرهاب الدولي من وجهة نظر اسبانيا” و ” مواجهة الإرهاب السبل والنتائج ” و” إطار الاتفاقيات الدولية في مكافحة الإرهاب ” و” أسس التعاون الدولي والعربي لظاهرة الإرهاب” .
تضمنت الورشة الرابعة مواضيع تعلقت ب ” الصراعات الدولية والإقليمية وأثرها في تشكيل الجماعات الإرهابية العابرة للحدود” و” التجربة العربية في مكافحة الإرهاب ” و” ثقافة العولمة والإرهاب و”الأمن الإنساني جدليات التحول من الحركات الاجتماعية إلى الجماعات الإرهابية “.
وخصصت الورشتين الأخيرتين لموضوع :” محور تطوير القاعدة ومتغيرات البيئة الاستراتيجية” وقدمت قدمت بها خمسة اوراق ، إضافة إلى أربع مداخلات همت قضايا إقليمية مرتبطة بالعنف.
وختم المؤتمر ببيان ختامي تضمن في ديباجته الهدف من عقد المؤتمر وذلك تلبية ” لمتطلبات المرحلة الراهنة وحرصاً من العراق على حشد الجهد الدولي والإقليمي لمكافحة جرائم الإرهاب من خلال الاتفاق الدولي والإقليمي لإدانة هذه الظاهرة العالمية بتفعيل أطر التعاون والتنسيق الدولي والإقليمي بتجفيف منابعه”.
لم يخل النقاش من تجاذبات إقليمية كالموقف من حزب العمال الكردستاني ، وصراعه مع الحكومة التركية، والجزائر وقضايا الإرهاب الإقليمية، كما تضمنت مداخلات الإشارة ضمنا أو علنا إلى اتهام السعودية وقطر بالانتصار إلى حركات تعتبرها أطراف عراقية حركات إرهابية ، وطفت الأزمة السورية كثيرا على النقاشات .
الحاضر الأكبر في المؤتمر والذي اخترق تقريبا كل الجلسات هو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) والتي أرسلت رسائل كثيرة إلى المؤتمر عبر سلسلة تفجيرات دامية في بداية مارس خاصة ما وقع في الحلة جنوب بغداد. كما قاطعت المؤتمر بعض التنظيمات السياسية سنية كانت أم شيعية ، وذلك مرتبط بالتفاعل في الساحة السياسية العراقية الداخلية، المرتبطة بما هو إقليمي من جهة وبالاستحقاقات الانتخابية الداخلية.
ومع هذا وذاك تكمن أهمية المؤتمر في نوع الشخصيات والمؤسسات المساهمة في المداخلات، وفي تنوع المقاربات المتعلقة بظاهرة العنف وبالجماعات الجهادية، وجميعها مصدر إناء للتفكير إن على المستوى المعرفي أو المنهجي.
لنشرة المحرر
25 مارس 2014