رأي .. اعتماد توقيت موحد للعالم .. بين الضرورة والخطورة
عنCNN
12مارس 2014
كاتبة المقال هي راليتسا فاسيليفا، المذيعة في CNN الدولية، تقيم في أتلانتا، ولكنها تسافر بانتظام وتقطع مناطق التوقيت المختلفة.
(CNN)– هل تشعر بأن منطقة التوقيت خاصتك ليست مناسبة بشكل تام؟ أنت لست وحيداً في هذا الشعور، سواء بالنسبة للمزارعين في الهند، أو العاملين في المكاتب في إسبانيا، أو الوسطاء الماليون في كاليفورنيا، الناس يرقعون الوقت.
الطيارون منذ زمن طويل هجروا المناطق الزمنية جميعها، وسواء هبطوا في أسام، مدريد، أو لوس أنجلوس، فإنهم دائما يتعاملون مع التوقيت الدولي، ولكن خبراء الصحة يحذرون من أن هناك ثمنا يدفعه الذين يسيرون ضد التوقيت.
في أسام، المشهورة بزراعة الشاي، المسؤولون في الحكومة أرادوا تقديم التوقيت ساعة لتتوافق مع توقيت الهند، وقالوا إن ذلك سيزيد من الانتاج.
في ذات الوقت، إذهب إلى مطعم في إسبانيا وحاول أن تطلب عشاء متأخرا في الساعة التاسعة مساء. إنهم لا يجلسون لتناول الأكل في هذا الوقت المبكر.
إسبانيا قدمت توقيتها ساعة لتتوافق مع توقيت ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، في حين اعتمدت الهند منطقة توقيت واحدة بدلا من ثلاث مناطق، بعد استقلالها في عام 1947 عن بريطانيا، وذلك من أجل ترسيخ الوحدة الوطنية.
الشمس تشرق وتغيب مبكرة ساعة بين مكانين بحيث يعمل الناس بطريقة مختلفة، فمزارعو أسام يبدأون العمل متأخرين ساعة عن باقي ولايات الهند في “وقت الحقل”، وفي إسبانيا طوروا ثقافة التأخير.
يمكن ضبط ساعاتنا الخارجية على أي توقيت، ولكن هناك واحده لا يمكن تغييرها، هي الساعة الداخلية للجسم، فإنها تضبط نفسها وفقا للشمس، مطلقة هرمونا ينبهنا بطلوع الشمس، ويجعلنا نشعر بالنعاس مع غيابها.
بعض الأطباء يقولون إن عدم التناغم مع ساعتنا البيولوجية يمكن أن يؤثر على صحتنا، ويزيد من مخاطر السمنة، واضطراب النوم، والسكري وحتى قضايا الصحة العقلية.
ويقول الدكتور غاري كليفورد، الذي أجرى دراسات على اضطراب النوم في جامعة اموري في أتلانتا، إن هناك أدلة على أن مقاومة إيقاع ساعتنا البيولوجية، يمكن أن يؤثر على أدائنا. “هناك أدلة موجودة تشير إلى أن الطلبة الذين يذهبون إلى المدرسة في السابعة والنصف صباحا، يؤدون بشكل أسوأ من نظرائهم الذين يذهبون في الثامنة والنصف، لأنه (حسبما يعتقد) يقاومون إيقاع ساعاتهم البيولوجية.” ويضيف “على العكس من إجبار الناس على الاستيقاظ مبكرا، فإنه من المنطق أكثر ترك كل واحد ليستيقظ متأخرا أكثر.”
مناطق توقيتنا الحالية تم إقرارها في مؤتمر المريديان عام 1883، بسبب الاحتياجات التجارية، وافقت الشعوب على أن يكون لديها 24 منطقة توقيت، كل واحدة عرضها 15 درجة على الكرة الأرضية، وتم اعتماد غرينتش في لندن نقطة البداية.
وقبل أن يعقد مؤتمر مريديان، كان الناس يعمدون إلى ضبط ساعاتهم وفقا للشمسن وتتبع حركتها، ولكن المشكلة أن العالم انتهى إلى وجود وجود مئات مناطق التوقيت، ولهذا قام مؤتمر مريديان بتقليصها لمواجهة احتياجات الدول الصناعية.
ولكن هناك من يجادل الآن بأنه يجب إجراء مزيد من التقليص لعدد مناطق التوقيت من أجل مواجهة احتياجات الثورة التكنلوجية.
الشركات المتعددة الجنسيات والتي لها موظفون في أماكن بعيدة، تحتاج إلى مناطق توقيت أقل، بحيث يعمل الموظفون في ذات الوقت مستخدمين الوسائل التكنلوجية للتواصل عبر المسافات البعيدة.
تجار البورصة في كاليفورنيا يبدأون عملهم في الخامسة فجراً، فهم لا يريدون أن تضيع منهم صفقة عندما تكون الأسواق قد فتحت على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
هل يمكن لكل واحد أن يفعل الأشياء الخاصة به ؟
الدكتور كليفورد يقول بأن تخفيض مناطق التوقيت في الولايات المتحدة إلى منطقتين، على سبيل المثال، سوف يرغم الناس على الاستيقاظ أبكر “فقط لأن ذلك أفضل من الناحية التجارية لنسبة قليلة من الشعب” مع وجود مخاطر على الصحة وضعف الأداء.
ولكن ماذا لو تم التخلي عن مناطق التوقيت أو توحيدها في منطقة واحدة، مثل أولئك الطيارين الذي يعتمدون التوقيت الدولي؟ الاقتصادي ستيف هانك، من جامعة جون هوبكنز في بالتيمور، وعالم الفيزياء الفلكية ريتشارد كانون يقترحون أن نتحول جميعاً إلى توقيت غرينتش. وأن نبقى نحترم ساعتنا الجسدية، ولكن يكون لدينا توقيت واحد.
ويشرح الدكتور هانك: ” بالنسبة للحياة اليومية، لن يتغير الشيء الكثير، ما عدا شيء كبير واحد، الكل في جميع أنحاء العالم سيقرأ التوقيت نفسه على ساعته في نفس اللحظة.. وعليه إذا أشرقت الشمس في الساعة السادسة صباحاً حسب توقيت أتلانتا، فسوف تتغير إلى 11 بتوقيت غرينتش، وبناء عليه الناس الذين يستيقظون في أتلانتا في السادسة سوف يستيقظون في الحادية عشرة وفقا لهذه النظرية.”
وفي الحديث عن النوم المتأخر، يقول الدكتور كليفورد يمكن للناس أن يعدلوا أسلوبهم للعيش بهذه الطريقة، بعد وقت طويل من الإرباك، ولكن هناك احتمال بأن يكون الوضع أسوأ بالنسبة للمسافرين ، فعلى سبيل المثال المسافرون من لندن إلى كاليفورنيا، عليهم ضبط وقت صحوهم على الساعة الثالثة عصراً بتوقيت غرينتش.
ولكن إذا أصغينا إلى هذه الدعوات هل سيخلق ذلك نوعا من التوازن الصحي ؟ وإذا كان تقليص المناطق الزمنية في القرن التاسع عشر، قد ساعد في نمو الاقتصاد، فهل سيكون من المؤلم تقليصها قليلا في القرن الحادي والعشرين؟
الأمر الوحيد المؤكد، أن الناس لا ينتظرون الحكومات والمؤتمرات لتقرر، فسواء كانوا من مزارعي الشاي في أسام، أو موظفين في إسبانيا، أو تجار البورصة الذين ينهضون باكراً في كاليفورنيا، فإن الناس يعدلون روتين حياتهم ليتماشي مع احتياجاتهم.”
يقول الدكتور كيلفورد “السؤال الأكثر أهمية ليس ما إذا كان ينبغي دمج المناطق الزمنية، بل أي توقيت يجب أن نشجع الناس على الاستيقاظ فيه وفقا لشروق الشمس وغيابها، وكيف يمكن أن ننصح الناس بعدم التعرض للضوء الصناعي في المساء؟” كثير منا مذنبون بمحاولتهم تحميل اليوم أكثر مما يحتمل خاصة عن بدايته ونهايته، ولكن سوف نعاني من ذلك على المدى الطويل”
الحقيقة، أنه خلال عملي شخصيا في شبكة أخبار عالمية، قمت بمساهمتي في محاولة الاحتيال على ساعتي البيولوجية، ولكنني الآن توقفت، فسواء كانت باستهلاك الوقود في الليل، أو الدوام في وردية ليلية، أو السفر لمسافات طويلة، فإن ساعتي الجسدية تفوز في كل مرة.
يشار إلى أن الآراء الواردة في هذا المقال، تعبر رأي كاتبته المذيعة راليتسا فاسيليفا، المذيعة في CNN انترناشونال، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.