موقع جريدة الاتحاد الاشتراكي محمد بوبكري لا يمكن فصل ما يحدث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن السياسات الخارجية لبعض القوى العظمى، وخططها وأهدافها في هذه المنطقة، حيث يستحيل عليها أن تتخلى عن مصالحها فيها، ما جعلها تتدخل في شؤونها بشكل مستمر. وإذا كانت هذه القوى تدَّعي رغبتها في تحديث هذه المنطقة وبناء دولها ومجتمعاتها ديمقراطيا، فإن الواقع الملموس يُكذِّب ذلك، لأن خططها تروم دوما عكس ذلك حتى لا تنهض وتتقوى، لأنها ترى في ذلك صحوة إقليمية تتعارض مع مصالحها..
تدل على ذلك كل تحركات هذه القوى وخطواتها في السنوات الأخيرة، بل إنها تنطق به بكل وضوح. فقبل أسابيع من حربها على العراق في مارس 2003، حيث كان كل شيء يفيد أن هذه الحرب وشيكة، سرَّب بعض كبار ضباط وزارة الدفاع الأمريكية المعارضون لهذه الحرب، معلومات إلى بعض الصحف الأمريكية الكبرى، تفيد أن ضرب العراق ليس هو الهدف الوحيد والأساس من هذه الحرب، بل إن الهدف الأهم هو إعادة رسم الخريطة الإقليمية، بما ينسجم مع رؤية هذه القوى ويخدم مصالحها. وبعد اشتعال نار تلك الحرب، قام كتاب أمريكيون محافظون، منهم تشارلز كراثمر، بنشر مقالات أوضحوا فيها أن الهدف من الحرب هو تغيير دول المنطقة تماما من داخلها . كما تحدثت تصريحات وكتابات لمسؤولين سياسيين وكُتاب من داخل إسرائيل عن أنه لا يمكن تحقيق حلمهم بالسيطرة على الشرق الأوسط إذا كانت دول المنطقة قوية ومتقدمة… إضافة إلى ذلك، قام اتحاد الخريجين العرب من الجامعات الأمريكية بولاية «ماساشوسيتس» بترجمة وثيقة من العبرية إلى الإنجليزية، نشرت في الثمانينيات، تسمى بـ «استراتيجية إسرائيل للثمانينيات». وتتضمن هذه الوثيقة جدولاً زمنياً لكي تصبح إسرائيل قوة إمبريالية إقليمية عبر خطة تنهض على تفتيت دول المنطقة من الداخل، وتفكيكها إلى دويلات عبر التركيز على إشعال نار الفتن الطائفية… وقد ورد في نص هذه الوثيقة: يجب أن تتبع إسرائيل هذا النهج، بشراء عملاء محليين، من بين صفوف المجتمع، وتستعدي بعضهم ضد بعض بما يخدم مصلحة إسرائيل في النهاية. لا تشتغل القوى العظمى في هذه المنطقة بالتدخلات العسكرية فقط، بل إنها تنتج معارف حولها بهدف معرفة طبيعة ثقافاتها وبنياتها وعلاقاتها الداخلية… بحثا عن العوامل التي يمكن توظيفها لتفجير مجتمعاتها وأوطانها من الداخل. وهكذا، فقد قامت هذه القوى بإنجاز دراسات تتناول الآثار الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية للفكر الديني، حيث يشكل هذا العامل عنصرا مهما يؤثر في العديد من الاختيارات والقرارات التي يعتمدها الناس في الكثير من أمورهم الحياتية والمعاشية… تبعا لذلك، فقد أُنجِزت منذ الثمانينيات دراسات حول الحركات الاجتماعية والسياسية التي اتخذت لنفسها واجهات دينية، وكان الهدف من ذلك هو فهم حدود النقد الديني العلني للممارسات السياسية، وسبر أغوار التعبير الديني الاحتجاجي لدى مجتمعات المسلمين وكيفية مناقشته وتفسيره من قبل مختلف الجهات، فحظيت الجماعات والحركات الإسلامية السياسية بالعديد من الدراسات الأنثروبولوجية لفهم الرموز الدينية في المجتمعات المسلمة، ومعرفة آلياتها لإمكانية الإفادة منها أمنياً وسياسيا. ويعني ذلك أن توسع مجال الدراسات الأنثروبولوجية عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يرتبط بأسباب أمنية وسياسية وليس فقط بأهداف علمية بحتة. وإذا كانت هذه الدراسات التي سعت لإبراز أشكال تأثير الدين في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية قد ساهمت في توسيع فهمنا للظاهرة الدينية، وبالرغم من أن أغلبها صار مسيَّسا في الآونة الأخيرة، فإن هذا لا ينفي أهميتها، بل ينبغي دراستها وفهمها ووضعها في سياقاتها… |
||
2/27/2013 |
الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء .
النص الكامل للخطاب الملكي السامي : “الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله …