في نقد الحاجة لإصلاح الدين …بقلم . بوشتلة محمد صلاح
يوما عن يوم، ومع كل فتوى ينعق بها أحد فقهاء هذا الزمان، من الذين سطوا على الدين فجعلوه كالحمل المسكين، يتبين لنا أنه آن أن نكون واضحين مع أنفسنا أكثر، كمسلمين، لنعترف أن إسلامنا أو بالأحرى أتباعه يعيشون اليوم قرونهم الوسطى في أبهى صورها، تناحر طائفي، ومذهبي، واقتتال عقدي حول من يستحق الجنة ومن هو أولى بالنار، في معادلة غريبة أساسها أن كل أمة تلعن أختها رغم جهلها التام بها وبحقيقة علل حكمها عليها، وكل حزب يعتبر نفسه هو ممثل الإسلام الأوحد، أو ربما هو بعين ذاته الإسلام. في سلوكيات تعكر صفو وصورة الدين وحقيقته الشعشعانية، وتسيء إلى قيمه المثالية التي أتت لتغرس في هذه الأرض بذور الرحمة وتصالح الذات مع روحها ومع غيرها، جاعلة بذلك إسلام البارحة فارسا غير قادر على استكمال المعركة حتى النهاية، منسحبا من ساحة الحاضر والمستقبل، فاقدا أي أمل في مواجهة أعدائه الأزليين، أعداء الإنسان والله، وبالتالي تأخير استئناف هذه الملة لدورها الكوني في الإصلاح الذي جاء لأجله دينها، ومن ثمة الاستعاضة عن الفعل في التاريخ بالحديث والكلام عن أشراط مجيء المهدي، ونزول عيسى عليه السلام، ليكسر الصليب ويقتل الخنزير، وما إلى ذلك من حكايا وإسرائيليات القرن الهجري الثاني.
إن الواقع الذي يجب الإيمان به والذي لا يمكن بأي شكل من الأشكال إغفاله أو التغاضي عنه هو أن الإسلام يسير بخطى ثابتة ومتيقنا منها نحو كنيسة البارحة، في إنتاج مكرر لتاريخ الباباوات مع شعوب أوروبا المسكينة، فالبقاء على نهج التقليد وغياب أي مشروع إصلاحي لتحديد مسار الإسلام لأجل تجديده، وكذا تنقيته من أدران وأوحال الاستعمار، وقرون الوهن والموت الثقافي يجعله عرضة لسيطرة السلطان ودهاقنة التقليد والتصلب الفكري من المستفيدين من سذاجة جحافل المقلدين والأتباع، رغم أنه هو الدين الوحيد الذي جعل من نفسه ثورة تجديدية متواصلة ودورية، على الأقل، مرة على كل رأس مئة سنة، كما أخبرنا بذلك مجدد الإبراهيمية الأكبر محمد صلى الله عليه وسلم، وإلا فإن نهر الإسلام الذي كان بالأمس جارفا، سيتوقف ويأسن ويتعفن، وسيهمد مهدة اللحد، وبهذا ستنفق أسماكه الجميلة وستتلون صخوره المرجانية الأجمل بألوان بشعة تجعله في أنظار أهله والباحثين عنه مقززا لا يحتمل. فبلا شك إنه وبعد القرون السبعة السمان الأولى من تاريخ الأمة السكرانة حتى الثمالة بالأمجاد، والفتوحات كانت سبعة أخرى، أعقبتها، ولكن، بصورة بعيدة كل البعد عن حقيقة الدين وماهيته، اختلط فيها البدعي بالمخيال الجمعي للمسلمين، لتهبنا هذه الخلطة العجيبة إسلاما آخر، إسلام الخوف والرعب، هو من نسج الخرافة والأساطير الوثنية البعيدة عن لب التوحيد، والمضببة لنزوعات الإسلام التحريرية لرقبة الكائن البشري من نير أعداء الإيمان (البابوية، والحاخمية)، وأعداء الحرية (الكسروية والقيصرية)، وما نحا نحوهم من أعداء دنيا ودين هذا الإنسان. لقد تعاونت أنظمة التقهقر الحضاري وقطع غيار مكاناتها من أشباه العلماء، بالتعاون مع المنظمات التجارية المافيوزية على طول سبعة قرون الأخيرة، لمحاربة الإسلام الحقيقي وإفشال مقاصده التي نزل لأجلها، والتي تتعارض مع تفكيرهم في جعل الإنسان قنا في إقطاعية كبيرة بحدود محروسة بالبنادق والألغام، وإحداثيات لا ينبغي تجاوزها وتحديها إلا بموافقة الحاكمين، عوض الإنسان الذي سواه الله في أحسن تقويم وكرمه واستخلفه في أرضه، جاعلا إياه قائما بالقسط، وآمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، كي يصبح من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. لهذا فلا عجب من تكذيب أنظمة اليوم – وريثة سر أنظمة السبعة القرون العجاف- بالدين ودعها لليتيم، وعدم حضها على طعام المسكين، بشكل جعل من الإنسان ظل الله في الأرض، ظلا يزحف على التراب بحسب إرادة وحركة الأشياء لا بحسب عقله وإرادته. إلا أن مرض المسلمين اليوم ليس بالمشكلة التي لا حل لها، إذ أنه ليس وراثيا جينيا تكوينيا كامنا في خلاياه الأصلية، كعمى الألوان أو الصلع الوراثي، ولكنه مرض عضوي أشبه بالحمى أو مغص الأمعاء، يكفي لأجل الاستشفاء منه وصفة طبية علمية وجب السير عليها ووفقها، فهذا الدين الذي أتم به الله نعمته علينا، ورضيه لنا ملة وخير ملة، لن يكون أبدا معاقا حركيا بسبب علة عضوية يحتاج إصلاحها ليس لجيل واحد، بل إلى أربعة أجيال أو أكثر، بل ما أصابه هو في أقصى تعبير مجرد حالة متطورة من الجدري شوهت جلده، فأمسى يحتاج معها فقط إلى يد حكيمة واعية ،تعيد له نظارته الأولى والمفتقدة. وهذا لعمري لا يمكن أن يتم دون إصلاح أساسيات هذا الدين التي يقوم عليها. 1-علم الكلام 2- الفقه 3-التصوف 4-الجامعة > ختاما |
||
عن جريدة .ا.ش…2/27/2014 |
باب ما جاء في أن بوحمارة كان عميلا لفرنسا الإستعمارية..* لحسن العسبي
يحتاج التاريخ دوما لإعادة تحيين، كونه مادة لإنتاج المعنى انطلاقا من “الواقعة التاريخ…