تناسلت خلال الشهور القليلة الماضية العديد من التقارير الصادرة عن المنظمات والهيئات الدولية التي تنتقد معظمها السياسات العمومية المتبعة في المغرب، وتصنف المغرب في مراتب دنيا بسبب ضعف الأداء الحكومي في مجموعة من القطاعات الحيوية التي سجل فيها المغرب تراجعا بينا خلال السنتين الماضيتين في الوقت الذي ربحت فيه دول مشابهة لوضعية المغرب درجات في سلم التطور، فسواء تعلق الأمر بالشؤون الاقتصادية، كمناخ الأعمال والاستثمار والحريات الاقتصادية.. أو بمؤشرات السياسات الاجتماعية في التعليم والصحة والتنمية البشرية ومحاربة الفساد و منظومة العدالة..وجدت هذه التقارير في المغرب مادة دسمة للتقارير الدولية المنتقدة بفعل التراجع الحاصل في هذه الميادين، وهي التقارير التي تمتنع الحكومة المسيرة لشؤون البلاد عن الاقرار بها وعبثا تحاول التشكيك فيها وفي خلاصاتها، مفضلة أن تضع رأسها كالنعامة في الرمال.. غير مبالية بالخطر الناجم عن تراكم هذه التقارير التي تعري الفشل الحكومي والمتمثل أساسا في تلطيخ صورة المغرب الذي طالما اعتبرته الحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية خلال العقد الماضي نموذجا يحتذى في السياسات التنموية…
في المراتب الأخيرة التقرير عزا هذا التنقيط السيء الذي منحه للمغرب إلى مجموعة من النقط السوداء التي مازالت البلاد ترزح تحتها، وعلى رأسها تفشي الفساد وتراجع حرية التجارة وانحسار الحرية في مجال النقد. وجاء المغرب في الرتبة العاشرة من أصل 15 دولة من بين مجموعة دول شمال افريقيا والشرق الأوسط. وحصل المغرب على على معدل عام أقل من المتوسط العالمي. ولاحظ التقرير أن التراجع الذي سجله المغرب في مجال الحريات الاقتصادية خلال السنة الماضية كان الأقوى طوال العشرين عاماً الماضية. فمنذ إدراجه داخل مؤشر الحريات الاقتصادية تراجع المغرب بخمس نقط. غير أنه خلال هذه السنة وحدها تراجع ب 1,3 نقطة دفعة واحدة. وجاء المغرب متأخرا في القارة الافريقية حيث احتل الصف الثامن وراء كل من جنوب افريقيا الرتبة 41 ورواندا الرتبة 49 وبوتسوانا 60 و زامبيا 68 وغانا 69 وجمهورية الراس الاخضر 71، وجزر السيشل72 وحتى على المستوى المغاربي جاء المغرب متأخرا بدرجة واحدة عن تونس، على الرغم من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها? هذا البلد منذ انقلاب 2011. وحسب فوربيس فقد تقدمت دول عربية كثيرة على المغرب، وعلى رأسها دول الخليج العربي كالإمارات العربية المتحدة التي احتلت الرتبة ال 31 عالميا وقطر 40 والمملكة العربية السعودية 56 وسلطنة عمان 58 والبحرين 59 والاردن 65.. وكان البنك الدولي قد وجه في العديد من تقاريره، انتقادات لاذعة للعراقيل التي مازالت تواجه المستثمرين في المغرب، على رأسها البيروقراطية الادارية وبطء الاجراءات العقارية ومنح رخص البناء والتزود بالماء والكهرباء.. وهو ما جعل لجنة حكومية خاصة تجتمع بممثلي الاتحاد العام لمقاولات المغرب لتجاوز هذه الصعوبات، غير أن الاجتماعات المتكررة لم تسفر عن نتائج سريعة على أرض الواقع. وقال لازا كيكيتش مدير الوحدة التي أعدت هذه الدراسة »إن تراجع الدخل وارتفاع معدلات البطالة لا يؤدي بالضرورة إلى حدوث اضطرابات اجتماعية، لكن عندما تكون هذه المشاكل الاقتصادية مرفوقة بعناصر الهشاشة، فإن ثمة احتمالات كبرى لاندلاع قلاقل اجتماعية . ومن جملة تلك العناصر الفوارق الفاحشة في الدخل الفردي، وضعف الأداء الحكومي، والتراجع الكبير لمستويات التقنين الاجتماعي…وتراجع الثقة في الحكومة ومؤسسات الدولة .« وورد ذكر المغرب ضمن خانة تضم 48 دولة اعتبرتها الدراسة الأكثر عرضة لخطر الاضطراب الاجتماعي، الى جانب جيران إقليميين كالجزائر وتونس ، وجمعت اللائحة بين دول فقيرة طال فيها الفقر منذ مدة طويلة كالتشاد وغينيا.. ودول التحقت حديثا بمخاطر الاضطرابات بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة كاليونان واسبانيا والبرتغال.. واحتشدت في خانة الخطر المرتفع دول من شمال أفريقيا والشرق الأوسط (مينا ) وجنوب أوروبا و البلقان ودول الاتحاد السوفياتي السابق : 12 من أصل 18 دولة من منطقة الشرق الأوسط ، وست من دول البلقان وثمانية من دول رابطة الدول المستقلة 12 و خمس من بلدان جنوب أوروبا .. التصنيف الجديد للمغرب على سلم الفساد اعتبر صفعة قوية نزلت على وجه الحكومة التي لم تكف منذ وصولها الى مقاليد السلطة عن الترويج لخطابات وشعارات حول محاربة الفساد دون المرور الى الفعل، وهو ما يؤكد ، حسب عبد الصمد صادوق الكاتب العام ل »ترانسبارانسي المغرب« فشل الحكومة في تدبير الملف، وعجزها عن تفعيل مبادرات جادة لمحاربة ظاهرة الفساد المستشري في العديد من القطاعات بالبلاد. واعتبر التقرير الدولي أن المغرب مازال كسولا في محاربة الفساد سواء في محيطه العربي حيث تتقدم عليه بعيدا كل من الامارات العربية المتحدة (الرتبة 26 ) وقطر (الرتبة 28 ) والبحرين (الرتبة 54 ) وعمان 61 والسعودية 63 والاردن 66 والكويت 69 وتونس 77 ..أو في دائرته الافريقية، حيث تتقدم عليه 17 دولة من بينها رواندا (الرتبة 49 ) و ناميبيا (الرتبة 57 ) وزامبيا 83 .. |
||
عن جريدة ا.ش…2/15/2014 |
الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء .
النص الكامل للخطاب الملكي السامي : “الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله …