دفاعا عن المغرب لا عن لحليمي

 

تتبع الرأي العام الوطني تعليقات محمد الوفا وزير الحكامة في الحكومة،حول ما نشرته المندوبية السامية للتخطيط بخصوص الميزانية الاستشرافية لسنة 2014. و غير ما مرة تكون توقعات المندوبية السامية مختلفة عما تذهب اليه الجهات الحكومية، لكن لم نشهد يوما تصريحا من قبل وزير في الحكومة، تغلب فيه المهاترات و المزايدات على السجال العلمي المؤسس. إن سلوكا من هذا القبيل لن يزيد الناس إلا نفورا من الاهتمام بالشأن العام، و احتقارا للسياسة و الساسة. إن تناول تباين الاحصائيات حول نسب النمو او غيرها، بين ما عبرت عنه الحكومة في مشروع قانونها المالي و ما عبرت عنه المندوبية السامية للتخطيط، يجب ان يترفع عن تراشق الاتهامات و محاكمة النوايا، و أن يرتكز إلى التدقيق في المفاهيم العلمية للشعب المتفرعة عن الاحصاء كعلم له قواعده الخاصة التي لا يجيدها إلا كل مكين امين من اهل الاختصاص.
إن الباحث في هذه المواضيع يجد نفسه مام مجموعة من التسميات و المفاهيم، قد تختلط على القارئ او المتتبع الذي لم يكلف نفسه عناء التدقيق و التحقيق في معانيها و مبانيها. فالتخطيط، يعنى برسم الافاق المستقبلية في افق استراتيجية معينة مرتبطة ببرنامج معين، وفقا لتشخيص لوضعية ما، هنا نتحدث عن المخططات القطاعية، و المجالية و غيرها.  اما التوقعات، فهي اعطاء تقدير(و ليس حساب) لوضعية مستقبلية، اعتمادا على نموذج قياسي، انطلاقا من فرضيات معينة، كتوقعات النمو، البطالة، العجز، المديونية، الاستهلاك الداخلي… اما المستقبليات  فلا تقوم على التوقعات، بقدرما تعمل على رسم التوجهات المستقبلية، انطلاقا من تشخيص للحاضر و الماضي، و وضع السيناريوهات الممكنة و الغير الممكنة و ما يمكن ان يترتب عنها، من اجل رسم استراتيجيات بعيدة الامد، كرؤية مغرب 2030، العالم 2050….
هكذا فما اعلن عنه المندوب السامي للتخطيط هو نتاج لتوقع، مبني على نموذج قياسي معين،  مبني على فرضيات مرتبطة بالموسم الفلاحي، المالية العمومية، السياسة الضريبية و الاستثمار العمومي، الطلب الخارجي الموجه الى المغرب خاصة من لدن اوروبا،اثمان المواد الاولية ،تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج… كما أن النماذج القياسية بطبيعتها عاجزة على اعطاء صورة دقيقة بشكل قطعي حول سؤال ما، ذلك اننا في اطار ما يمسمى بالاقتصاد القايسي الذي يدخل في باب العلوم الاجتماعية.
لو افترضنا ان الحكومة و المندوبية السامية اعتمدتا نفس النموذج القياسي؛ و نفس الفرضيات، فإن الحكومة يمكنها ان تعلن عن نسب للنمو، البطالة … مخالفة لما اسفرت عنه تلك النماذج القياسية، لكون الحكومة مثلا في تلك السنة تعتزم سن قوانين جديدة في مجالات مكافحة الرشوة، او التعاون الدولي… التي سيكون لها أثر ايجابي على الاقتصاد الوطني لكن لا تأخذها النماذج القياسية بعين الاعتبار، و التي لا يمكن إلا للحكومة ان تعرف بوجودها بحكم امتلاكها للسلطة التنفيذية. إن الاختلاف بين المؤسسات العمومية في مسألة كهذه لا يمكن إلا أن يكون ايجابيا، اذا اعتمدنا النقاش العلمي الرصين، الامر الذي سيمكن من الرفع من الثقافة الاقتصادية عند المواطن. لا افهم هل يجهل السيد الوفا ام يتجاهل معطيات كهذه، و يفضل لغة السباب و التهكم، اهكذا سنساهم في تطوير الوطن و تنميته؟ لا بد ان نعترف كمغاربة ان المغرب من الدول المتقدمة في المجال الاحصائي، و لديه باحثون اكفاء في هذا المجال، كان حريا بالوزير الوفا ان يجادلهم بالدليل و الحجة لا بالاستهزاء و الدعابة الثقيلة.. .
حاول احد زعماء الاغلبية، تبرير دقة ارقام الحكومة بكونها تتوافق و توقعات صندوق الدولي، لكن هذا الصندوق لحد كتابة هذه السطور اكتفى بنشر بيان مقتضب لتقييمه لوضعية المغرب، الذي من خلاله تبدو الفرضيات التي أسس عليها توقعاته هشة، حيث اعتبر هبات دول الخليج استثمارات، و توقع سنة فلاحية جيدة لا متوسطة. اذا ربطنا الغموض الذي يلف بيان صندوق النقد الدولي، و حرص الحكومة على اعطاء صورة ايجابية عن المغرب حتى و لو كان مبالغا فيها، فهذا يدفعنا للتساؤل حول نية الحكومة لتجديد الخط الائتماني الذي إن قبل، فهذا يعني ان القرار السيادي سيتم رهنه لسنتين اضافيتين بيد هذه المؤسسة التي لا تكترث بالمسألة الاجتماعية و حقوق المهمشين من المغاربة.
تروج الحكومة أنها قادرة على اقناع المغاربة بجدوى ما تفرضه عليهم من زيادات، لكونها تقول لهم الصراحة. لكن هل صارحتهم فعلا بان قرارت رفع الدعم، و تقليص ميزانية الاستثمار، و ما تنوي القيام به في انظمة التقاعد، و التشغيل، كانت تعليمات لصندوق النقد الدولي ماي 2013! ترى هل تعرف الحكومة  القرارت التي اللاشعبية التي ستكون مجبرة على تنفيذها؟ هل لها القدرة فرضها او حتى تمريرها؟ في حالة تجديد الخط لائتماني هل تعرف الحكومة  القرارت اللاشعبية التي ستكون مجبرة على تنفيذها؟ هل لها القدرة على فرضها او حتى تمريرها؟
هل تعي ما يمكن ان يترتب عن قرارات كهذه من انفلات و لا استقرار؟إن عجزت هذه الحكومة عن الالتزام ببنود اتفاقية الخط الائتماني، و قام صندق النقد الدولي بسحبه، هل تعي حجم الضرر الذي سيلحق بصورة بلادنا بالخارج، و ما سيترتب عنه مشاكل صعوبة الولوج للاسواق الدولية؟

‫شاهد أيضًا‬

قراءة في مشروع قانون المالية لسنة 2021 * بقلم : طارق المالكي

يأتي مشروع قانون المالية لسنة 2021 في سياق عام دولي ووطني، يتميز بالصعوبة والضغوطات التي ت…