استعرت حرب الأرقام مجددا بين المندوبية السامية للتخطيط في توقعاتها الاقتصادية لسنة 2014 التي بنتها على مؤشرات واقعية مستمدة من الواقع ومن دراسات و أبحاث لأكبر المؤسسات الدولية المختصة في التوقعات وبين اعضاء حكومة بنكيران التي تدافع عن ارقام توقعاتها بكونها هي الأجدى و الأكثر حقيقة من الأرقام و المعدلات التي يتوقعها احمد الحليمي علمي المندوب السامي للتخطيط . ففي الوقت الذي دق فيه المندوب السامي للتخطيط ناقوس الخطر في ما يتعلق بالوضعية الاقتصادية لسنة 2014 راسما لها صورة قاتمة، بناء على تطور مستوى الموسم الفلاحي في ارتباطه بمستجدات القانون المالي لسنة 2014 و في نفس الوقت على التطورات الجديدة التي تميز المحيط الدولي، سارع وزراء حكومة بنكيران إلى تفنيد هذه الارقام و التأكيد على أن الأرقام و التوقعات الصادرة عن الحكومة، وبالضبط عن وزارة الاقتصاد و المالية و عن الوزارة المكلفة بالشؤون العامة و الحكامة ووزارة الميزانية هي التي يمكن اعتمادها قاعدة قوية و أسا سليما لكل التوقعات للوضعية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد . عبر تاريخ المندوبية السامية للتخطيط ومنذ ان كانت مديرية ووزارة تعاقب عليها مختلف المسؤولين كانت كل أرقام هذه المؤسسة وتوقعاتها الاستشرافية للمستقبل حقيقية وواقعية لانها مبنية على المستجدات الواقعية للوضعية الاجتماعية و الاقتصادية ، إذ ظل و مايزال الاحصاء و التدقيق في الارقام و المعطيات من أهم اختصصاتها التي يدخل ضمنها إحصاء السكان و معدلات النمو الديمغرافي ، وهو ما جعل الحليمي يشدد في توقعاته الاقتصادية و الاجتماعية لسنة 2014 على استحالة نمو اقتصادي إيجابي مقارنة بسنة 2013،وذلك بسبب التراجع الكبير للناتج الاجمالي الزراعي علما ان الزراعة تشكل قطاعا اساسيا في الاقتصاد الوطني ، ويتضح من خلال توقعات المندوبية السامية للتخطيط حول الوضعية العامة للموسم الفلاحي التاكيد ، من الان ، على ان الانتاج الزراعي لا يمكن ان تكون له المساهمة ذاتها في النمو على غرار سنة 2013و مركزا على استفحال البطالة بارتفاع معدلها إلى قرابة 10 في المائة في سابقة تاريخية بالمغرب و ارتفاع المديونية العمومية إلى أكثر من 83 في المائة لتبلغ 766 مليار درهم. و على الرغم من ان حكومة بنكيران توقعت في ” مشاريعها” خلق ما يقارب ستين ألف منصب شغل إلا أن قانون مالية 2014 المصادق عليه يؤكد المنحى التراجعي الذي صارت فيه الحكومة بصدد إحداث مناصب الشغل على مستوى الوظيفة العمومية حيث عمل القانون على الوقوف عند خلق 18 ألف وظيفة فقط في 2014 في الوقت الذي كان قانون مالية 2013 عمل على خلق 24 ألف وظيفة جديدة و قانون مالية 2012على خلق 26 ألف وظيفة جدبدة. و هاهي الحكومة في شخص وزير الميزانية محمد الازمي وفي شخص محمد الوفا، وزيرالشؤون العامة و الحكامة تستمر في الدفاع عن توقعاتها التي اظهر الواقع خلال ثلاث سنوات من توليها مسؤولية التدبير و التسيير أنها في غالبيتها مجانبة للواقع ، حيث ذهب الوزير الوفا في خرجة إعلامية أن الطريقة التي تعتمد عليها المندوبية السامية للتخطيط أصبحت متقادمة و متجاوزة في محاولة للدفاع عن آليات التدبير الحكومي الذي أزم الوضعية الاقتصادية و الاجتماعية للمغرب. وجرت العادة ان ترتكز التوقعات الاقتصادية التي يتم تقديمها من طرف المندوبية السامية للتخطيط على المقتضيات الجديدة للقوانين المالية لكل سنة. فهكذا ارتكزت التوقعات الخاصة بسنة 2014 التي قدمها بحر الاسبوع الاخير احمد الحليمي علمي ، المندوب السامي للتخطيط، على مستجدات قانون رقم 110.13 للسنة المالية 2014 الذي طاله ،كمشروع ،ثلاثون تعديلا، قبل ان تتم المصادقة عليه في البرلمان بغرفتيه، كما ارتكزت على تطور مستوى الموسم الفلاحي و في نفس الوقت على التطورات الجديدة التي تميز المحيط الدولي .واعتمدت أهم الفرضيات المتعلقة بالمحيط الدولي على ارتفاع الطلب العالمي الموجه إلى المغرب في 2014 بنسبة 4.7 في المائة مقابل 1.6 في المائة في سنة 2013 كما اعتمدت على المنحى التنازلي للأسعار العالمية للمواد الاولية، حيث سيعرف متوسط سعر النفط الخام انخفاضا منتقلا من 104.1 دولارات للبرميل سنة 2013 إلى 103.8 دولارات للبرميل فقط في 2014 وذلك في الوقت الذي ستسجل فيه اسعار المواد الاولية غير الطاقية انخفاضا جديدا يصل معدله إلى 6.1 في المائة بعد تراجعه بمعدل 1.5 في المائة فقط في سنة 2013، كما أن قيمة العملة الاوروبية ، الأورو، ستعرف استقرارا يصل معدله إلى حدود 1.33 دولار مقارنة بالدولار العملة التي يؤدي بها المغرب كل المشتريات في إطار ما أسماه أحمد الحليمي علمي ،في تقديمه لأهم عناصرالميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2014، (أسماه) نتاج اختيار النمط المحافظ.