المجلس الأعلى للحسابات يدق ناقوس الخطرالتعجيل بالإصلاح.. أو انتظار الإفلاسعن صحيفة المغربية 25 يناير 2014 |
||||||||||||||||||||
“المغربية”- أنجز المجلس الأعلى للحسابات مهمة لتقييم وضعية أنظمة التقاعد بالمغرب. وشملت هذه المهمة كلا من نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، ونظام التقاعد المسير من قبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ونظام التقاعد التكميلي الذي يتولى تدبيره الصندوق المهني المغربي للتقاعد.ويرصد المجلس الأعلى للحسابات في هذا التقرير الوضعية الصعبة التي تعانيها بعض هذه الأنظمة، إذ خلص إلى ضرورة التعجيل بمسلسل من الإصلاحات العميقة لنظام التقاعد، أخذا بعين الاعتبار للسياق الوطني، وعلى ضوء الممارسات والتجارب الدولية. |
1187 مليار درهم عجز صناديق التقاعد |
إلهام أبو العز – تبلغ قيمة العجز الافتراضي لصناديق التقاعد مجتمعة 1187 مليار درهم.ويتكون قطاع التقاعد أساسا من 4 صناديق، هي الصندوق المغربي للتقاعد، المخصص للمعاشات المدنية للموظفين المرسمين بمختلف الوزارات والمعاشات العسكرية، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، المخصص لأجراء القطاع الخاص، ثم النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، وهو صندوق مخصص لموظفي الجماعات المحلية وموظفي المؤسسات العمومية والأعوان والمياومين غير المرسمين، إضافة إلى الصندوق المهني المغربي للتقاعد، وهو نظام تقاعد تكميلي لمختلف الأجراء.وتبقى وضعية الصندوق المغربي للتقاعد هي الأكثر تأزما، إذ يناهز العجز الذي يهدد هذا النظام مبلغ 517 مليار درهم، ولا يتعدى معدل تغطية تحملاته من الاحتياطات والمداخيل نسبة 12 في المائة، ما سيؤدي إلى ظهور مشاكل موازناتية لهذا النظام في 2013، وستجف احتياطاته المالية نهائيا سنة 2019، بينما يصل عجز النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد إلى 112 مليار درهم، ما سيتسبب لهذا الصندوق في مشاكل موازناتية بداية من 2021، فيما ستجف احتياطاته المالية سنة 2049.أما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فسيعرف عجزا بقيمة 495 مليار درهم، إذ لا تتعدى نسبة تغطية مداخيله لتحملاته 4 في المائة، ما سيؤدي إلى تعقد مشاكل موازنته في 2026.وإذا لم تعالج هذه الاختلالات فإن هذا الصندوق، الذي يغطي معظم أجراء القطاع الخاص، سيعلن إفلاسه في 2037. ويبقى الصندوق المهني المغربي للتقاعد أفضل حالا من بقية الصناديق، إذ لا يتعدى عجزه 63 مليار درهم.وكانت دراسة إكتوارية، في تشخيصها للواقع الراهن لأنظمة التقاعد، أوضحت أن وضع جميع الصناديق بالمغرب هش، وأن نظامها لا يلبي الحاجيات الملحة للتغطية الاجتماعية المتكاملة.وهذه الصناديق الأربعة مجتمعة لا تغطي سوى 2.8 مليون عامل نشيط، والحال أن عدد السكان النشيطين في المغرب يتجاوز 9 ملايين مغربي، ما يعني أن حوالي 7 ملايين من المغاربة يشتغلون دون أن يكون لهم أي حق في التقاعد. ويتعلق الأمر أساسا بالعاملين المتنقلين، والمشتغلين في قطاعات الفلاحة والصيد البحري، والتجار والحرفيين، وأصحاب المهن الحرة، لذلك وجدت الدراسة أنه، قبل الحديث عن إصلاح نظام التقاعد في المغرب، يجب أولا تعميم الحق في التقاعد ليشمل كل فئات السكان النشيطين. |
الأزمة مرشحة للتفاقم في السنوات المقبلةخطة الحكومة لإصلاح صناديق التقاعد |
حميد السموني – ترى الحكومة أن إصلاح أنظمة التقاعد سينجز عبر مرحلتين، تستجيب أولاها للحالة الاستعجالية لنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، عبر إرساء تعديلات على مستوى مقاييسه، تهم سن الإحالة على التقاعد، ومساهمات الدولة والموظفين، وطريقة احتساب المعاشات. أما المرحلة الثانية من الإصلاح فتتجلى في تفعيل الإصلاح الشمولي لقطاع التقاعد، من خلال تجميع أنظمة القطاع العام وشبه العام في قطب عمومي واحد، متكون من نظامين أساسي والآخر تكميلي، وتشكيل قطب خاص يغطي بالإضافة إلى أجراء القطاع الخاص فئة غير الأجراء، التي لا تستفيد في الوقت الراهن من أي تغطية.وتقترح الحكومة، بناء على خطة الإصلاح التي اعتمدت فيها على خلاصات تقارير مكتب دراسات، أسندت له مهمة تشخيص الوضعية مع اقتراح حلول الإصلاح، رفع سن التقاعد إلى 62 سنة، لمواجهة العجز المرتقب في صندوق التقاعد، وإعادة النظر في احتساب سنوات الخدمة العملية، وزيادة نسب الاقتطاعات الشهرية للعاملين.وتعتقد الحكومة أن أزمة الصناديق قد تتفاقم في السنوات المقبلة، إذا لم يباشر الإصلاح، وقد تهدد الاستقرار المالي لصناديق التقاعد قبل حلول سنة 2020.وتعتزم الحكومة، خلال سنة 2014، مباشرة إصلاح شامل لأنظمة التقاعد٬ للتمكن من الحفاظ على سلامة مختلف مكونات أنظمته. ويتوخى الإصلاح ضمان خطة متوازنة ومستدامة للأنظمة على المدى الطويل، والحفاظ على الحقوق المكتسبة إلى غاية تاريخ الإصلاح، والحفاظ على معدل المردودية الاقتصادي، بالرفع من سن الإحالة على التقاعد مع بداية الإصلاح إلى 62 سنة، وتمديدها تدريجيا بـ 6 أشهر سنويا ابتداء من 2016، لبلوغ سن 65 سنة في أفق 2021.وحسب الخطة الحكومية، فإنه بإمكان المنخرطين الاستفادة، قبل سن الإحالة على التقاعد، من معاش كامل بعد 41 سنة من الانخراط في النظام، دون تطبيق معاملات الخصم، مع الرفع من مساهمة الدولة ومساهمة المنخرطين، كل منهما بنقطتين في 2015 ونقطتين في 2016.وتشترط الحكومة في الإصلاح أن يكون الأجر المتوسط للثماني سنوات الأخيرة من العمل، كقاعدة لاحتساب المعاش عوض، آخر أجر، بشكل تدريجي على مدى أربع سنوات المقبلة. كما تؤكد الخطة على أهمية مراجعة النسبة السنوية لاحتساب المعاش من 2,5 في المائة إلى 2 في المائة في ما يخص الحقوق المكتسبة، ابتداء من تاريخ الإصلاح، مع الحفاظ على نسبة 2,5 في المائة بالنسبة لجميع الحقوق المكتسبة حتى تاريخ الإصلاح.وتراهن الحكومة على تقليص ديون النظام من 629 إلى 219 مليار درهم، وتأمل أن يكون، في سنة 2021، احتياطي النظام الاجتماعي الجديد 7 سنوات، مقابل 8 سنوات خلال 2029.وفي تشخيصها لواقع النظام، أوضحت الدراسة الحكومية أن العجز المتراكم بين 2014 و2022 يناهز 125 مليار درهم، وأن إجمالي الديون الصافية للنظام هي 629 مليار درهم، مشيرة إلى أن أسباب تدهور الوضعية المالية للنظام تتمثل في الانخفاض المتواصل للعامل الديموغرافي من 4 مساهمين لكل متقاعد سنة 2007 إلى 2 في سنة 2016، ليصل 1,45 في أفق سنة 2040، مقابل ارتفاع المدة التي يصرف فيها المعاش نتيجة لارتفاع أمد الحياة.وكان وزير الاقتصاد والمالية شدد، في ندوة حول الإصلاح، على اهتمام الدولة بصندوق المغربي للتقاعد، من خلال اتخاذ مجموعة من القرارات الحكومية، كلفت الميزانية العامة تحملات مالية مهمة، وعلى ضرورة مواصلة الجهود للمساهمة في مسلسل تحديث الصندوق وتدبير شؤونه، وإيجاد حلول تضامنية ناجعة، لتجاوز هشاشة التوازنات المالية في نظام المعاشات المدنية، معلنا عزم الحكومة على تنفيذ الإصلاح المقياسي لنظام المعاشات المدنية.يشار إلى أن رساميل صناديق التقاعد تقدر بـ 550 مليار درهم، يوظف بعضها في استثمارات عامة وخاصة، لتحصيل عوائد تتراوح بين 6 في المائة و10 في المائة في المتوسط. كما بينت الدراسة أن ارتفاع عدد المتقاعدين مقابل المستخدمين تراجع خلال 30 سنة الأخيرة، وستصبح النسبة متقاعد واحد مقابل أربعة عمال، من أصل 11 قبل أربعين سنة، إضافة إلى زيادة معدل الحياة من 60 إلى 72 سنة في عقدين من الزمن.يذكر أن المركزيات النقابية ترفض تعديل سن التقاعد، وتعتبره مكسبا للطبقة العاملة على مدى عقود من النضال. |