«الحشاشون» طائفة إسماعيلية فاطمية نزارية مشرقية، انشقت عن الفاطميين تدعو إلى إمامة نزار بن المستنصر بالله ومن جاء من نسله. أسسها الحسن بن الصباح، الذي اتخذ من قلعة آلموت في فارس مركزا لنشر دعوته وترسيخ أركان دولته. وقد تميزت هذه الطائفة باحتراف القتل والاغتيال لأهداف سياسية ودينية متعصبة. وكلمة الحشاش (Assassin) دخلت بأشكال مختلفة في الاستخدام الأوروبي بمعنى القتل خلسة أو غدرا أو بمعنى القاتل المحترف المأجور. ولقد أسسها الحسن بن الصباح الذي نشأ نشأة شيعية ثم اتخذ الطريقة الإسماعيلية الفاطمية وعمره 17 سنة وفى عام471هـ/ 1078 ميلادية ذهب إلى إمامه المستنصر بالله حاجا وعاد بعد ذلك لينشر الدعوة في فارس وقد احتل قلعة آلموت عام 483 هـ التي اتخذها عاصمة لدولته.
توفي الحسن بن الصباح عام 1124 ميلادية من غير سليل، لأنه كان قد أقدم على قتل ولديه أثناء حياته. هل تصدق أن هذا القاتل كان زميل دراسة للعالم والشاعر الجميل عمر الخيام؟ أما أكثر حكامهم إثارة وظرفا فكان الحسن الثاني بن محمد الذي أعلن قيام القيامة وألغى الشريعة وأسقط التكاليف وكان شعاره: «لا حقيقة في الوجود وكل أمر مباح». أنا أعتقد أن هذا الحاكم هو أكثر المتطرفين صدقا مع النفس؛ لقد قام بإعلان وتنفيذ كل ما يخجل المتطرفون من إعلانه وهو الوصول إلى درجة عظمى من الفوضى تتحول فيها الدنيا إلى خرائب لا تعرف القوانين ولا القواعد ولا الأعراف، إنها الحالة التي يتحول فيها الإنسان إلى كتلة من الغرائز العدوانية المنطلقة بغير قيود.
«كانت وسيلتهم الاغتيال المنظم وذلك عن طريق تدريب الأطفال على الطاعة العمياء والإيمان بكل ما يلقى إليهم، وعندما يشتد ساعدهم يدربونهم على الأسلحة المعروفة ولا سيما الخناجر ويعلمونهم الإخفاء والسرية وأن يقتل الفدائي نفسه قبل أن يبوح بكلمة واحدة من أسرارهم وبذلك أعدوا طائفة الفدائيين التي أفزعوا بها العالم الإسلامي آنذاك. أما الحج عندهم فكان ظاهره إلى البيت الحرام وحقيقته إلى إمام الزمان».
وهو بالضبط نفس ما يفعلونه الآن، لم يفلح الزمن في تغيير أهدافهم الثابتة بل أمدهم بوسائل جديدة لإرهاب المسلمين وغيرهم. لم يعد الخنجر هو السلاح، بل السيارات المفخخة التي تقتل عشرات الناس ومعهم بالطبع (الفدائي) أو (الفدائية).. لقد تغيرت الوسائل مع ثبات الهدف وهو قتل البشر لترويع الناس من أجل الشعور بلذة الهيمنة عليهم. لم تعد لديهم حصون ظاهرة على وجه الأرض، فالعصر الحديث يجعل من تدميرها أمرا سهلا، لذلك اكتفى زعماؤها بالسراديب يختفون فيها تحت الأرض.
إن كل الحركات المذهبية والطائفية في التاريخ الإسلامي ليست إلا أغطية لصراعات سياسية وعرقية وعنصرية، هذا هو بالضبط ما قاله الدكتور الأستاذ أحمد أمين في ثلاثينات القرن الماضي، أقول ذلك لكي يفهم الجميع أننا لا نتكلم في الدين ولا في المذاهب الدينية، نحن نتكلم عن حركات انشقاق متعصبة يقودها بشر موهوبون في الكذب والخديعة والتمسح في القضايا الوطنية والقومية.