رفقا باحباب رسول الله ..الشعب المغربي

بقلم مصطفى المتوكل / تارودانت

23 يناير 2014

ان اعتماد اهل الحكم والعلم في مجتمعاتنا الاسلامية في الحقب التي تميزت بالجدية والحكامة والعدالة على الرقابة على الذمة المالية لكل من يوجد في موقع المسؤولية ايا كانت .. كما الرقابة على كل ما له علاقة بالعيش الكريم للانسان و متابعة قدرته المادية وقوته الشرائية  واستجابتها للحد الادنى من متطلباته واسرته  جعل المقصد الشرعي والضمير الاسلامي يعتمد العديد من القواعد والاليات الفقية تسعى لضمان التوازن والحماية من كل اشكال الانلاق والتسلط والغطرسة والغرور السياسي من مثل ما يدفع بالطغاة عبر التاريخ يعتقدون ان الشعب يحبهم ويفرح لحكمم واحكامهم واوامرهم ومنواهيهم ويضحك لضحكهم ويبكي لبكائهم ويتجاوب مع خطبهم  بما يرضي تلك الاصناف من الحكام الذين يرون في كل ذلك منتهى الرضى والفرح …..

فان يقمع الناس فذلك من مظاهر الاجبار العادل على الخضوع بدعوى الصالح العام … وان رفع الاسعار  المضعفة للقدرات الشرائية على مستوى التغذية والتطبيب والنقل والتعليم والكهرباء وغيرها من المستلزمات الضرورية في حدودها المنطقية باعتبارها من تجليات العدالة الاقتصادية التي تسعى لانقاذ الوطن من الانهيار الاقتصادي …كما ان الاقدام على وضع مشروع قانون يهدف الى تجريم ومنع وترهيب وقمع و… كل من يدافع عن حقوقه بخوض اضراب واعتبار تلك الخطوة بابا من ابواب الديموقراطية الفضلى  لبعض الحكام  لانهم يضمنون بذلك الاستقرار ويلزمون الناس على القبول بالاصلاحات التي لاتبقي ولا تذر من حقوق ومكتسبات الكادحين والموظفين والطبقات الشعبية .. كما ان سعيهم الحثيث لتمرير قرارات تهم منظومة التقاعد والتي ستلتف  على خذمات وتضحيات امتدت لعشرات السنين في الوظائف  والتي ستؤدي الى ضرب حقوق ومكتسبات وتفقير جزء من الشعب في اطار الزعم بالسعي نحو الاصلاح  وانقاد الصناديق من الافلاس …..كل هذا وغيره يجعلنا نتساءل مع الشعب اي اصلاح هذا واي خير واي عدل يسلب الناس اشياءهم ويكبل حرياتهم ويضيق الخناق عليهم ويمتص ارزاقهم ويضعف قدراتهم ؟ واية فلسفة اعتمدت من طرف الحكام في تدبير امور الشعب هل هي من الراسمالية الجشعة ام من سوء التسيير والتقدير ام نصائح وتوجيهات الصناديق الدولية المعلومة ام الجهل بمالات الامور  ؟؟وما علاقة كل ذلك بالاقتصاد الاسلامي او العدالة الاسلامية والحكم الرشيد ؟

ان من علامات الظلم والغضب  في الاسلام  ارتفاع الاسعار والبطالة وانتشار المظالم وتردي اوضاع الناس المادية والاجتماعية والتضييق على الناس وجعلهم يشعرون بالخوف على مستقبلهم ومستقبل ابنائهم …وكذا منعهم الممنهج من محاربة المناكر والمظالم عندما لايقوم الحكام بما يمليه عليهم شرع الله في هذا الباب …

ومن مجالات  سد الذرائع،عند الخلف الصالح وفي الفقه الاسلامي  القول بالتسعير  لما يضمن به محاربة الغلاء والاحتكار ويضمن توفر المواد بالاثمنة المتلائمة مع قدرات الناس ولو تطلب الامر تدخل الحكام لاقرار ذلك وتحقيقه.. ولقد عرف الجوهري الاحتكار لغة  “بانه  احتكار الطّعام: جمعه وحبسه يتربّص به الغلاء، وهو الحكرة بالضّمّ، » وفي صلة بذلك احتكار القرار السياسي والاقتصادي والقانوني والاجتماعي …مما يؤدي الى حبس الحقوق والخذمات

 فاذا كان  الشيخ الطيار يقول  أن سد الذرائع:” هو المنع من بعض المباحات؛ لإفضائها إلى مفسدة”.فان من باب اولى واحرى  لسد الذرائع منع الممنوعات والقرارات الفاسدة او التي ستؤدي الى مفسدة جديدة او توسع مفسدة محددة  من مثل ما يتحدث عنه الناس من قرارات واجراءات حلت بالامة – ويتهيا البعض لانزال اخرى – مست القدرات المالية لجزء كبير من الشعب

ومما  جاء في “مسند الإمام أحمد” عن معقل بن يسار، قال: قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم، كان حقًّا على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة))

وجاء في الأثر أن الناس في زمن الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – جاؤوا إليه وقالوا: نشتكي إليك غلاء اللحم فسعِّرْه لنا، فقال: أرخصوه أنتم؟ فقالوا: نحن نشتكي غلاء السعر واللحم عند الجزَّارين، ونحن أصحاب الحاجة، فتقول: أرخصوه أنتم؟ فقالوا: وهل نملكه حتى نرخصه؟ وكيف نرخصه وهو ليس في أيدينا؟ فقال قولته الرائعة: اتركوه لهم.

ويفهم من قولة سيدنا عمر الاضراب والامتناع ومقاطعة البضائع المرتفعة اسعارها ..  ان المرامي السياسية والاقتصادية لامير المؤمنين واضحة بانحيازة الثوري الى جانب الشعب حتى يتعظ المحتكرون في السوق وفي السياسة ..

ولنذكر من يحكم ليس بالوعود الانتخابية البراقة والمائعة بل بشرع الله وسنة النبي عليه الصلاة والسلام بان اولى اوليات الشرع هو نصرة المظلوم واغاثة الملهوف وحماية كبار السن والعجزة وتوفير العيش الكريم والعدالة الاجماعية ..

فما الذي  قام  به اولوا  الأمر أو الحكام تجاه المحتكرين والمضاربين الجشعين لتكون السلع في متناول العموم من ذوي الذخل المحدود والضعيف والمنعدم و  لإزالة ورفع الضيق و الظلم  والخصاص عن الناس الذين يجب ان ترعى الحكومة امورهم حق الرعاية … ؟؟

اننا نجد الاسلام  قد وضع معيارا  واضحاً للتمييز  بين الفقراء والاغنياء فمن كان  يملك  تموين  السنة لاعالة نفسه واسرته في الحدود الدنيا  من غذاء وكسوة وماوى وخدمات ضرورية  فهو فقير واما ما لايتوفر على ذلك فهو بالطبع دون مستوى الفقر اي ما يطلق عليه المسكين الذي لاحول له ولا قوة وما اكثرهم في مجتمعنا وهم الذين يصنفون  في عصرنا هذا بانهم تحت عتبة الفقر …

وندرج في هذا المقال من باب التذكير بما  قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إنما تنصرون وتُرزقون بالضعفاء والمساكين))،

…وقوله – صلى الله عليه وسلم -: ((مَن لا يرحم الناس لا يرحمه الله))؛

.وقوله.. ((لا تحقرَنَّ منَ المعروف شيئًا، ولو أنْ تلْقى أخاك بوجْه طلق))..فلا الوجه طلق ولا القرار ايضا لدى من يحكم

..لقد قال سيدنا عمر  رضي الله عنه مقولته المشهورة ”  لو كان الفقر رجلا لقتلته ” والبعض يسعى بسياساته الى تعميم الفقر والحاجة ليصل حتى  للطبقات الوسطى

 

ولا شك ان حكمته العادلة في تعطيله رضي الله عنه لإقامه حد السرقه في عام الرماده  اكثر من دلالة ومغزى ؛
.

وفي سياسات عمر رضي الله عنه  الاجتاعية المرتكزة على التكافل ودعم التنمية البشرية  نختم بهذه القصة حيث  كان عبد الرحمن بن عوف يرافق عمر بن الخطاب في تفقد امر قافلة تجارية ليلا  فجلسا  فسمعا صوت بكاء صبي .. ليسرع صوب الصوت قائلا لامه اتقي الله يامراة واحسني الى صبيك ثم عاد الى مكانه.. فعاود الصبي البكاء . فتنقل الى الام مرة اخرى مخاطبا  امه  قائلا قلت لك احسني الى صبيك وعاد الى مجلسه ولكن   بكاء الصبي  تكرر ثالثة فاتجه  الى امه وقال لها ويحك اني لاراك ام سوء ما لصبيك لايقر له قرار ؟قالت وهي لاتعرف من تخاطب .. ياعبد الله اضجرتني اني احمله على الفطام فيابى ..ليسالها ولم تحملينه على الفطام؟قالت لان عمر لايفرض الا للفطيم ..قال عمر  وكم له من العمر ؟قالت بضعة اشهر قال ويحك لاتعجليه ..قال عبد الرحمن بن عوف صلى بنا الفجر يومئذ وما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء فلما سلم قال يابؤس عمر كم قتل من اولاد المسلمين ثم امر مناديا ينادي في المدينة لاتعجلوا صبيانكم على الفطام فانا نفرض من بيت المال لكل مولود في الاسلام  ثم كتب بهذا الى جميع ولاته بالامصار.. ونحن هنا نقول

يابؤس عمل الحكومة فيما تقدم عليه من قرارات تمس عيال الله واحب الناس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم من فقراء واجراء وعمال وفلاحين صغار وعامة مساكين هذا البلد .. فاتقوا الله يرحمكم الله

ونتوجه بملتمس للحكومة على غرار اعلانها عن اللوائح المعلومة ؟؟ ان تزودنا بلوائح فقراء المغرب ومساكينه الذين طالتهم وستطالهم سياساتها التي اكتوى بنارها الخاص والعام

 

 

 

 

‫شاهد أيضًا‬

دراسات في مناهج النقد الأدبي – نظريّة أو منهج الانعكاس .* د . عدنان عويّد

مدخل:      مفهوم نظريّة الأدب: تُعرف نظريّة الأدب بأنّها “مجموعة…