مهدي لحلو:
المتتبعون الاقتصاديون بدؤوا في دق ناقوس الخطر، منبهين إلى أن القادم من الأيام سيكون شديد السوء، وأن على الحكومة أن تتقشف وعلى المواطنين تفهم ما يقع حتى لا نصاب بالشلل، ونكون نموذجا أسوأ بكثير لسيناريوهات اليونان والبرتغال وإسبانيا. فإذا كانت التشاؤم سيد الموقف الاقتصادي في المغرب بسبب تراجع احتياطي العملة الصعبة واختلال الميزان التجاري وارتفاع الفاتورة النفطية، فما هي الحلول التي يمكن للمغرب أن يسلكها لتخطي هذا الوضع ومواصلة تحقيق معدل نمو محترم. بالنسبة لأستاذ الاقتصاد في المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي المهدي، الذي لا يخفي سوداوية حالكة للوضع الاقتصادي المغربي، فإن هناك إصلاحات ضرورية على المغرب نهجها إن أراد الخروج من هذه الأزمة التي تعتبر الأخطر في تاريخ المغرب الحديث، ويرى لحلو أن الحلول الكمينة لإنقاذ البلاد تبقى مجسدة في إصلاح سياسي يمنح لرئيس الحكومة صلاحيات أوسع، منها إمكانية لعب دور اقتصادي ومالي أكبر، لتكون الحكومة هي المقرر، وأن الإصلاح الاقتصادي الفعلي هو فصل السلطة السياسية والاقتصادية عن بعضهما، وهو ما سيؤدي مبدئيا إلى القضاء على اقتصاد الريع، حسب تعبير لحلو.
ويضف لحلو الذي يشغل أيضا عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، إصلاح المنظومة القضائية ومحاربة الرشوة وخلق جو فعلي وإيجابي لتشجيع الاستثمارات الخارجية والداخلي تبقى أمورا أساسية لإخراج الاقتصاد الوطني من الخطر. وشدد لحلو على أن الإصلاح الأهم هو إصلاح المنظومة الضريبية، والقاضية بعدم التسامح مع التهرب الضريبي مما سيمكن الدولة من استرجاع موارد ضائعة، كما ينصح لحلو برفع الضريبة على المداخيل العليا وسن ضريبة على الإرث وسن ضريبة على الثروة.
ودعا لحلو إلى ضرورة العودة إلى سن الضريبة الفلاحية، والتي كانت مطبقة حتى سنة 1986، وضمنيا كان هناك حديث على أنها ستسن كل 4 سنوات واليوم لا أحد يتحدث عنها. ويوضح لحلو أن الحكومة الحالية مجبرة على تشديد المراقبة السياسية والبرلمانية على مؤسسات الدولة، وإعادة الأموال المنهوبة. ويخيم قلق كبير على الأوضاع الاقتصادية سيما مع تراجع تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج، ويأتي فتح صندوق النقد الدولي لخط ائتماني “احتياطي” للمغرب بقيمة 6,2 مليارات دولار بهدف حمايته من “الصدمات الخارجية” التي مصدرها خصوصا منطقة اليورو، ويواجه المغرب مخاطر مرتبطة بالقلق في منطقة اليورو وبارتفاع محتمل لأسعار النفط”.
ويرى المهدي لحلو إن الوضعية الاقتصادية الحالية أسوأ بكثير من وضعية 1996، التي كان فيها المغرب مهددا بالسكتة القلبية على هد تعبير الراحل الحسن الثاني، كما أنها أفظع بكثير من الوضعية التي عاشها المغرب في بداية الثمانينات والتي بسببها طبق سياسة التقويم الهيكلي، ويمضي لحلو شارحا “اليوم المغرب يعيش أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية ابيضا، لأن رئيس الحكومة الحالي لا يتوفر على أية تصور عملي لحل المشاكل الاقتصادية، إنهم مجرد خطباء، الأزمة اليوم هي أخطر من كل الأزمات التي مر منها المغرب، لسبب بسيط فمثلا في 1995 لم يكن العالم يمر بأزمة مالية خانقة، كما أن شركاء المغرب الرئيسيون لم يكونوا يعانون مثل اليوم، الوضع الداخلي والخارجي تغير، إذن فالوضع الحالي أشد قتامة”.
ويشكل تراجع احتياطي العملة الصعبة قلقا حقيقيا، فالمخزون الحالي لا يكفي إلا لأربعة أشهر، كما أن اختلال الميزان التجاري وتراجع تحويلات المغاربة القيمين في الخارج وتراجع الأداء السياحي بفعل الأزمة في الغرب وأوروبا، كلها عوامل فاقمت الوضع الاقتصادي المغربي. كما أن التوقعات الخاصة بمعدل النمو نزلت إلى 2.5 بعدما كانت في بداية السنة محصورة في 4.5 في المائة، بفعل تراجع الاستهلاك وتدهور النشاط السياحي في غمرة الأزمة في منطقة اليورو.