بين شهر ماي ونهاية السنة الفارطة كانت لجنة القدس في مرمى تخطيطات متفاوتة الهدف، وفي العمق استهداف للمغرب الذي يترأس هذه اللجنة منذ سنوات، وكل طرف حاول استخدام القضية الفلسطينية لتحقيق المأرب.
في عز الأزمة التي كان يعيشها تنظيم الاخوان المسلمين الحاكم بمصر، خرج صوت القيادي عصام العريان نائب المرشد العام للجماعة و رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة الحاكم ليقول جملة مقتضبة كانت كافية لكشف نواياه التي عرتها الصحافة المصرية والجهات الفلسطينية المعنية بخدمات أجهزة اللجنة، قبل الجهات المعنية بها.
عصام العريان قال إن لجنة القدس، «لم تقدم شيئا للقضية الفلسطينية رغم رئاسة ملك المغرب»، وسرعان ما تناقلت بعض الصحف والمواقع الإلكترونية، مضمون الكلمة، لتنطلق على التو الردود بالحجة والبرهان.
«وكالة بيت مال القدس الشريف» والخارجية المغربية، استغربتا تصريحات عصام العريان، حيث وصف بيان لـ«وكالة بيت مال القدس الشريف» ، تصريحات العريان، بـ«غير بناءة وبعيدة عن الواقع».
وأوضح بيان الوكالة، حجم المشاريع التي أنجزتها لفائدة أهل القدس، وأضاف إن «المملكة المغربية تساهم بنسبة 80% من الدعم المالي المرصود لتلك المشاريع، دون أي توظيف أو متاجرة بالقضية في خدمة أي أغراض سياسية أو مذهبية”.
من جانبها قالت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية ، في بيان لها إنها، تلقت «باستغراب كبير تصريحات منسوبة لشخصيات مصرية انتقصت من دور لجنة القدس وحاولت التبخيس منه».
وفصل البيان في أدوار لجنة القدس برئاسة جلالة الملك سواء في الشق السياسي حيث «تقوم بالمتابعة المستمرة لتطورات الوضع بالمدينة المقدسة، عبر المراسلات والاتصالات المتتالية لرؤساء الدول دائمي العضوية في مجلس الأمن والمنظمات الدولية ذات الصلة للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف انتهاكاته».
وميدانيا يضيف البيان، هناك «عمل متواصل وبمشاريع حيوية لحماية القدس والحفاظ على موروثها الديني والحضاري ودعم صمود المقدسيين أمام محاولات التهويد. وتشمل تلك المشاريع مجالات التنمية الاجتماعية والتعليم والشباب والرياضة والثقافة والإسكان والصحة و ترميم المآثر التاريخية وغيرها”.
عبد الرحيم بربر٬ مندوب وكالة بيت المال القدس الشريف في مدينة القدس، قال في رده على تصريحات القيادي الاخواني أن الوكالة تعتبر من أكثر المؤسسات العربية العاملة والفاعلة في مدينة القدس٬ حيث تقوم بتقديم الدعم للعديد من المشاريع٬ معظمها ينجز لأول مرة في فلسطين، مستعرضا بعضا من هذه المشاريع التي تقوم الوكالة بتنفيذها بالمدينة وبفلسطين.
انتهت تصريحات القيادي الاخواني إلى النسيان، ولم يعد للرجل أي دور في خدمة طموحات التيارات الاسلامية، الراغبة في إحكام سيطرتها على الأجهزة الاقليمية والدولية ، لخدمة أجندتها الايديولوجية، التي يعاني منها الشعب الفلسطيني بسبب الانقسامات، ولم تبق في القدس إلا أجهزة لجنة القدس التي تخدم الأهالي في الميدان.
وبالرغم من ذلك استمرت جهات متعددة في مسعى المس بلجنة القدس، وحاولت العديد منها، ترسيم خطاب تبخيس دور اللجنة، وعملت عدة دول على مد يدها تحت هذا الحطب لاشعاله، وهو ما قامت به الجزائر في نهاية السنة المنصرمة ، حين دعت على لسان الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والافريقية مجيد بوقرة البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى مزيد من التنسيق من أجل “الحد من الآثار المأساوية” لسياسة إسرائيل التي ترمي إلى ترسيخ احتلالها اللامشروع للقدس».
الدعوة تمت خلال جلسة قالت الوكالة الرسمية للجزائر إنها تمت بطلب «من غالبية الدول التي اشتكت من عدم نشاط «لجنة القدس» التي يترأسها المغرب»، وسردت الوكالة حزمة مقترحات تكشف التخطيط المسبق للجزائر لمحاولة سحب لجنة القدس من المغرب.
الجزائر، حسب وكالتها الرسمية، اقترحت إجراءات ملموسة ترمي إلى «التطبيق الفعلي للمخطط الاستراتيجي لتنمية القدس فضلا عن تمويل خارج المساهمات الطوعية الذي يتم على أساس حصص البلدان الأعضاء في ميزانية منظمة التعاون الإسلامي»، وهو إجراء يغرف من عتبة المزايدات المادية على المغرب الذي احتضن قضية القدس لعقود، وواجه تمويلها رسميا وشعبيا عبر اكتتبات عديدة، عكست عمق التزام المغرب رسميا وشعبيا بقضية المدينة المقدسة.
وستنكشف لعبة المزايدة، حين يضيف المقترح، ما أسماه «مؤشر بياني لتحديد مساهمة كل دولة خلال مرحلة تدوم ثلاث سنوات و هي مدة المخطط الاستراتيجي و أن أمكن لفترة أطول»، وأسند المهمة للأمانة لمنظمة الإسلامية، في لعبة مكشوفة لتجاوز لجنة القدس كآلية تابعة للمنظمة يمكن تصريف مضمون المقترح عبرها منذ زمان. وإمعانا في تسويق المقترح الموجه ضد دور المغرب في رئاسة لجنة القدس، اقترحت الجزائر «الشروع في حملة تحسيسية للرأي العام الدولي و الحكومات الغربية و المنظمات غير الحكومية حول سياسة تهويد المدينة المقدسة التي تضر بتراثها الثقافي والتاريخي فضلا عن حقوق سكانها الفلسطينيين» وربطت هذا المطلب العام بآلية ما وصفه المقترح «وفد وزاري من منظمة التعاون الإسلامي يتكون من الأمين العام للمنظمة ووزير شؤون خارجية دولة فلسطين من اجل زيارة أهم البلدان الشريكة للاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية و الولايات المتحدة و الأمم المتحدة لاسيما منها منظمة التربية والعلوم و الثقافة (اليونيسكو) قصد الحصول على التزام دولي من اجل وضع حد للممارسات الإسرائيلية التي تستهدف مدينة القدس و سكانها». غدا ستنطلق أشغال لجنة القدس بمراكش، وهي الحقيقة الوحيدة التي تجسدت منذ بداية المزايدات على المغرب، لم يبق من لعب المزايدين سوى تصريحاتهم، ومساهمة المغرب في خدمة الشعب الفلسطيني عبر هذه الآلية، وضعت مبادئها في العمل اليومي والهادئ، وأكثر من هذا وذاك، العمل الموجه للإنسان الفليسطني بعيدا عن الحسابات والمناسبات.